اجتماع تشاوري حول آليات إصلاح نظام التقاعد

عقدت لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية النيابية والمؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم (LFPCP) والسفارة النروجية في لبنان اجتماعا تشاوريا ضمن مشروع حوار في سياسات وطنية من أجل الاصلاح  لعرض ومناقشة آليات إصلاح نظام التقاعد في لبنان: التحديات والسبل المتاحة، بمشاركة رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية النائب بلال عبدالله، النائبين ميشال موسى و نجاة عون، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عبيد، قضاة، وخبراء قانونيين، ومنظمات المجتمع المدني وذلك في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

قيسوشدد مدير المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم المحامي ربيع قيس على 'ضرورة تطبيق نظام التقاعد في لبنان ضمن اطار متطور وتعديلات تضمن حقوق المتقاعد'، مشيرا الى ان 'المؤسسة تعمل جاهدة على دراسة القوانين المعروضة وتعديلها بشكل يتماشى مع حقوق الانسان وقانون العمل'.

عربيد

واوضح رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عبيد ان 'هذا النقاش يعقد في لحظة وطنية حسّاسة، تتقاطع فيها التحوّلات الاقتصادية والمالية والديموغرافية مع هشاشة المنظومة الاجتماعية. فقد أدّت الأزمة الاقتصادية الممتدة وانكماش الاقتصاد في السنوات الماضية إلى تآكل فعلي في مرتكزات منظومة التقاعد، سواء في القطاع العام عبر تدهور قيمة المعاشات، أو في القطاع الخاص عبر ضعف قيمة تعويضات نهاية الخدمة، أو حتى في صناديق النقابات التي باتت تعاني اختلالات عميقة في القدرة التمويلية والإدارية. ومع تآكل هذه الأعمدة، تراجعت قدرة المنظومة على توفير الأمان الاجتماعي لمختلف الفئات في نهاية سنوات العمل'.

واضاف: 'يكشف التشخيص أنّ الإشكاليات في هذا الملف ليست ظرفية، بل بنيوية ومتراكمة. فالنظام الحالي يعاني تجزؤاً واضحاً بين مكوّناته وتفاوتاً في مستويات الحماية التي يضمنها، ما خلق فجوات تغطية واسعة. يضاف إلى ذلك إشكاليات تتصل بالإنصاف والعدالة بين القطاعات والمهن والمناطق، فضلاً عن تحديات في الاستدامة المالية في ظل نماذج تمويل مهددة بالعجز، إلى جانب ضعف الحوكمة وغياب المعايير الموحدة والبيانات الموثوقة، ما فاقم أزمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات المعنية.'

وكشف عربيد عن ان 'الحكومة بدأت اتخاذ خطوات أولية نحو المعالجة، سواء عبر تعزيز التشخيص أو فتح مسارات التشاور مع الأطراف الاجتماعية. غير أن حجم التحدي يستدعي مساراً إصلاحياً أشمل، يؤسس لمرحلة جديدة تقوم على إعادة تنظيم المنظومة بما يعزز الترابط بين مكوناتها، ويضع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على مسار تحديث مؤسسي وحوكمي قادر على مقاربة المستقبل بأدوات أكثر فاعلية. كما يتطلب الإصلاح توسيع نطاق التغطية ليشمل الفئات العاملة خارج الأطر النظامية وأصحاب المهن الحرة والفئات الأكثر هشاشة، بالتوازي مع مواءمة أنظمة التقاعد في القطاع العام بما يعيد التوازن المالي ويحقق الانسجام مع بقية مكونات النظام. ولا يكتمل هذا البناء من دون تعزيز قواعد الحوكمة، عبر الشفافية والرقابة والإدارة المستندة إلى بيانات دقيقة، بما يسمح بإعادة بناء الثقة الضرورية بين المواطن والمؤسسات. إنّ ما نناقشه اليوم ليس شأناً تقنياً فحسب، بل خياراً مجتمعياً يعكس نوع الدولة التي نطمح لبنائها: دولة قادرة، عادلة، تستند إلى قواعد واضحة وتوازنات مستدامة'.

وشدد على ان 'المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إذ يحتضن هذا النقاش، يؤكد استمراره في دعم مسار التشاور المؤسسي، وتقديم المشورة المبنية على الأدلة، والمساهمة في بلورة سياسات عامة تحظى بقبول اجتماعي وقدرة تنفيذية. وإنّ ما نعرضه اليوم هو دعوة صريحة للانتقال من إدارة الأزمة إلى بناء المستقبل، عبر إصلاح يحمل بُعداً اقتصادياً ومالياً، لكنه لا ينفصل عن البعد القيمي الذي يجعل الإنسان محور السياسات وغايتها'.

عبدالله

ولفت النائب عبدالله الى اهمية النقاش وتطرق بعمق إلى 'مستقبل أنظمة التقاعد في لبنان'، وركّز على'أهمية تأمين الأمن الاجتماعي والطمأنينة للمواطنين'.

وأكد أن 'الاتجاه الحالي يحمل مؤشرات إيجابية'، مشيرا الى ان 'لبنان يسير على المسار الصحيح في هذا الملف الحيوي، الذي يمس شريحة كبيرة من المواطنين ويعكس مدى التزام الدولة بضمان حقوقهم بعد سنوات من الخدمة'.

موسى

واعتبر النائب موسى  ان 'قانون الحماية الاجتماعية خطوة كبيرة ومفصلية في مسار إعادة الحقوق إلى المتقاعدين، الذين خدموا دولتهم ومجتمعهم طوال حياتهم، إذ يهدف إلى تأمين حد أدنى من العيش الكريم لهؤلاء المواطنين، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والركود السياسي القائم في البلاد'، مشيرا الى ان 'هذا القانون يُعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، ويؤسس لبداية مرحلة جديدة على صعيد التقاعد والحماية الاجتماعية'، املا أن 'يتم استكماله بإصدار المراسيم التنظيمية بالسرعة الممكنة'.