إسرائيل ماضية في إبادة غزة بعد رفضها قرار مجلس الأمن

يعتبر قرار مجلس الأمن الدولي بشأن وقف إطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان خطوة مهمة ونقطة تحول كبيرة بعد حرب الإبادة الاجرامية الاسرائيلية على غزة، مع تواطؤ مجتمع دولي مع احتلال يستخدم الأسلحة كافة في إبادة شعب، وقصف كل مقومات الحياة، وإجبار السكان على مغادرة الشمال إلى الجنوب ثم من الجنوب إلى مدينة رفح الفلسطينينة لتهجيرهم قسرياً. فقد إعتمد مجلس الأمن، قراراً يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف، بما يؤدي إلى وقف مستدام للنار في القطاع، وذلك بتأييد 14 عضواً، وإمتناع الولايات المتحدة عن التصويت.

لا شك في أن قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غرة، شكل إختراقاً هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب قبل أكثر من خمسة أشهر، حتى لو كان لمدة أسبوعين فقط، وما أكد هذا أن التصفيق علا في قاعة المجلس فور إصدار القرار وهو أمر نادر الحدوث عند التصويت على القرارات. ومن المؤكد أيضاً أن القرار يعتبر نقطة تحول في موقف الولايات المتحدة الأميركية، الداعم الأكبر لاسرائيل سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وديبلوماسياً، فيكفي دعمها بإرسال الأسلحة والذخائر واستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي عدة مرات لمنع إصدار أي قرار.

موقف الولايات المتحدة من القرار، يبدو أنه امتثال للمطالبات الدولية بوقف المساعدات العسكرية والمالية والسياسية في المحافل الدولية لبنيامين نتنياهو وحكومته التي تصطدم بالادارة الأميركية بقيادة جو بايدن، الذي يحاول تحسين صورته أمام المجتمع الأميركي قبل الانتخابات الرئاسية. لكن الردود الاسرائيلية على القرار، تثبت عدم اعتراف تل أبيب بمجلس الأمن الدولي نفسه، ولا اهتمامها بقرارته، وقد سبقته العديد من القرارات الأممية التي لم تمتثل لها إسرائيل.

في أول رد فعل على القرار، قال ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي، إن نتنياهو ألغى زيارة وفد إسرائيلي الى واشنطن، إثر امتناع أميركا عن التصويت على القرار. ووصف الديوان ما حدث بأنه 'تراجع واضح عن موقف الولايات المتحدة المتسق في مجلس الأمن منذ بدء الحرب'. بدوره، أكد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت أنه 'ليس هناك حق أخلاقي لأحد لوقف الحرب من دون تحرير المختطفين'. أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فاعتبر أن قرار مجلس الأمن 'يثبت أن الأمم المتحدة معادية للسامية، وأمينها العام معادٍ للسامية، ويشجع حماس'، وقال: 'علينا زيادة التصعيد ومواصلة القتال بكل قوتنا وبأي ثمن لهزيمة حماس بعد القرار الدولي الأخير'. وأعلن وزير الخارجية يسرائيل كاتس أن 'إسرائيل لن توقف القتال، وسنقضي على حركة حماس، وسنقاتل حتى عودة آخر المختطفين'، فيما شدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على 'أننا لن نتوقف حتى يتم القضاء التام على حماس وإعادة المختطفين، وعلى قادة إسرائيل التعالي على الخلافات'.

إزاء المواقف الاسرائيلية بشأن القرار 2728، عبّرت واشنطن عن خيبة أملها. ورأى البيت الأبيض، أن قرار الحكومة الاسرائيلية عدم إرسال وفد الى واشنطن لتبادل الآراء بشأن عملية في رفح 'مخيّب للآمال'، في حين أعلن البنتاغون، أن اجتماع وزير الدفاع الأميركي مع نظيره الاسرائيلي في مقر وزارة الدفاع الأميركية، الثلاثاء لا يزال قائماً، وأن زيارة غالانت منفصلة عن زيارة الوفد الاسرائيلي إلى البيت الأبيض. أما منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، فأكد أن الامتناع الأميركي عن التصويت على قرار مجلس الأمن 'لا يمثل تحولاً في سياستنا'، موضحاً 'لم نصوّت لصالح القرار، واكتفينا بالامتناع عن التصويت، لأن الصيغة النهائية لا تتضمن التنديد بحماس'. وأضاف كيربي: 'إذا قرر الاسرائيليون عدم القدوم إلى واشنطن، بسبب تصويت مجلس الأمن فسنستمر في التواصل معهم لإيصال آرائنا'.

في السياق ذاته، نقلت وكالة 'رويترز' عن مسؤول أميركي أن 'واشنطن منزعجة من الرد الاسرائيلي، وأن لا تغيير في السياسة الأميركية تجاه تل أبيب'، لافتاً إلى أن الرئيس جو بايدن لا يخطط للاتصال برئيس الوزراء الاسرائيلي حالياً. وأشار المسؤول الأميركي الى أن 'الخلافات الاسرائيلية هي السبب المحتمل لقرار نتنياهو إلغاء زيارة الوفد الاسرائيلي إلى الولايات المتحدة، وأن واشنطن ستبحث عن فرصة أخرى للتحدث مع الوفد الاسرائيلي بعد إلغاء تلك الزيارة'.

من المؤكد أن إسرائيل لن تلتزم بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، الداعية الى وقف الأعمال القتالية في قطاع غزة، اذ سبق لها أن خالفت العديد من القرارات الأممية، فهناك 89 قراراً أممياً منذ اشتعال الأحداث عقب 7 تشرين الثاني الماضي لم تنفذها، وكلها قرارات تتحدث عن هدن إنسانية ودخول مساعدات ولم توافق عليها. لكن الأمر سيكون بمثابة 'حرب استنزاف' على القطاع المحاصر، لأن جيش إسرائيل، أصبح منهكاً ومتعباً، لطول أمد الأعمال القتالية التي تقترب من شهرها السادس، فضلاً عن حالته النفسية السيئة، بسبب عدم تحقيق أي انتصار يذكر على حركة 'حماس' أو غيرها من الفصائل الفلسطينية، اللهم إلا قتل 32333 فلسطينياً، وإصابة 74694 آخرين، خلال 171 يوماً.

بغض النظر عن مدى إلتزام إسرائيل بالقرار من عدمه، الا أن من الممكن أن يشكل 'إندفاعة' للمفاوضات التي تقودها مصر وقطر لأنه، من دون ذلك سيكون القرار حبراً على ورق. لذا، يجب على كل القوى الدولية المؤثرة تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع الجهود المصرية في إدخال المساعدات الانسانية، ودعم جهودها المقرونة مع الجهود القطرية لوقف تدمير ما تبقى من غزة.