اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٨ تموز ٢٠٢٥
هناك بعض الأشخاص الذين يخافون من السعادة. وهذا الخوف ليس بالضرورة أن يكون مرتبطًا بالاكتئاب أو الحزن، بل قد يشعر الشخص بالهدوء ولكنه يتجنب الأماكن والمناسبات التي تجلب الفرح.
باختصار هو خوف غير منطقي من السعادة أو الأنشطة التي قد تجلب السعادة.
لذلك، قد يرفض الشخص المشاركة في الأنشطة الممتعة أو التعبير عن سعادته خوفًا من أن يتبع ذلك حدث سلبي أو كارثة.
إن كنت واحدا من هؤلاء الأشخاص ربما تكون مصابا باختلال نفسي يسمى «شيروفوبيا Cherophobia» أو «رهاب السعادة».
« شيروفوبيا»
لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع التقت «اللواء» ألأخصائية في العلاج النفسي لمى بيضون، فكان الحوار الآتي:
ـ كيف تعرِّفين لنا «الشيروفوبيا»؟
«يُعرَّف «الشيروفوبيا «بأنه شعور غير عقلاني ولا تفسير له، يتمثل في الخوف من السعادة.
وهذا النوع من الأشخاص ليس بالضرورة أن يكون حزينا أو مكتئبا طوال الوقت، بل على العكس قد يبدو هادئا، إلا أنه يبتعد عن الأماكن والمناسبات التي تتميز بمشاعر الفرح.
تجدرالإشارة ،أن كثيرون قد يعانون من رهاب السعادة لحد معين، في فترات مختلفة من حياتهم. ولكن هنالك أشخاصا بعينهم أكثر عرضة للمعاناة من هذا الخلل العاطفي، تماما مثلما أن هنالك آخرين معرضين جينيا للمعاناة من الاكتئاب وبقية الأمراض النفسية.
فالمصابون بـ «الشيروفوبيا» يشعرون بالخوف من مشاعر الفرح، ربما لأنهم يعتقدون أن أوقات السعادة تليها دائما أوقات الحزن، وأن هنالك حدثا سيئا سوف يحدث بعد الشعور بالفرح.
هذه الفكرة السوداوية تشل قدرتهم على التصرف، وتدفعهم لتجنب الوضعيات المفرحة.
وهنا لا بد من أن نوضح أن المصابون ب «الشيروفوبيا» ليسوا أشخاصا يرفضون السعادة، بل هم على العكس من ذلك، يحركهم خوفهم من الحزن الذي يعتقدون أنه سيأتي بعد ذلك. ورغم أن هذه الفكرة قد تبدو غير منطقية تماما، فمن المؤكد أن الجميع فكر فيها في إحدى مراحل حياته.»
الأعراض
ـ ماذا عن الأعراض؟
«إذا كان أحدنا يعتقد أن البحث عن السعادة أمر مجهد ومضيعة للوقت، أو يشعر بأن كل لحظة فرح ستليها لحظة حزن، أو أن إظهاره شعورا بالسعادة أمام الناس يمس من صورته، أو يجعله يبدو كشخص سيئ لأن هنالك الكثير من الناس الذين يعانون حول العالم، وبالتالي فإن التركيز على لحظات الفرح هو سلوك أناني.
إن من يعانون من رهاب السعادة يتجنبون بأي ثمن التفاعل أو التعامل مع الأشخاص المرحين الذين يكونون إيجابيين طوال الوقت، لأنهم يخشون من أن تنتقل إليهم مشاعر الفرح والإقبال على الحياة.
كما أنهم يتجنبون حضور المناسبات الاجتماعية، أو الانخراط في الأنشطة الترفيهية التي قد تحسن مزاجهم.
فمن يعانون من «الشيروفوبيا «يتجنبون حضور حفلات أعياد الميلاد، حتى لو كان عيد ميلادهم هم، لأنهم يتجنبون الأضواء والبروز، كما يتجنبون أخذ زمام الحديث وتقديم الشكر لغيرهم، لأن هذا السلوك في حد ذاته إيجابي ويتطلب إظهار الحماس والانشراح.
كما يتجنب هؤلاء حضور بعض المناسبات الاجتماعية المبهجة التي تتميز بالأجواء الإيجابية، مثل الاجتماعات العائلية، ودعوات العشاء، والالتقاء بزملاء الدراسة أو العمل، وهي كلها مناسبات تجعل هذا النوع من الأشخاص يشعر بتوتر شديد.»
العلاج
ـ ما سبل العلاج؟
« لا يوجد علاج محدد لهذا الاختلال النفسي، ولكن في كل الحالات من المهم جدا التوجه لاستشارة أخصائي نفسي، لأنه بإمكانه تقديم علاج مناسب لمساعدة المريض على تجاوز هذه المخاوف غير العقلانية.
فأخصائي العلاج النفسي يمكنه تقديم الوسائل اللازمة للمريض، ليواجه «الشيروفوبيا»، ومختلف المشاكل الأخرى التي قد تصاحبه، مثل التوتر الشديد أو غياب التقدير الذاتي، والشعور بانعدام الأمن.
يجب تجنب العزلة في هذه الفترة، خاصة وأن من يعاني من «الشيروفوبيا» سوف ينقطع عن حضور الحفلات والمناسبات الاجتماعية، ويتعود الناس على ذلك فيتوقفون عن توجيه الدعوة له.
وربما كان أفراد عائلتك وأصدقاؤك لا يعلمون بمعاناتك من هذا المشكل، أو أنهم يلاحظون اختلالا في تصرفاتك ويتجنبون التدخل في شؤونك، ويفضلون احترام إرادتك.
لذلك، يجب التصرف بانفتاح وصراحة، والتحدث مع المقربين حول معاناتك من «الشيروفوبيا». إذ أنه من المهم جدا أن تطلب المساعدة من الأشخاص الذين تثق فيهم وتحبهم، ومن المؤكد أنهم سيظهرون استعدادا للوقوف بجانبك وتقديم الدعم اللازم.
أيضا، يعد التحلي بالصبر ضرورة، سواء كنت مصابا برهاب السعادة أو لديك شخص عزيز عليك يعاني منه.
إذ إن هذا الخلل النفسي لا يمكن تجاوزه بين عشية وضحاها، والمشاكل النفسية والعاطفية بشكل عام تتسم بالتعقيد وتستغرق وقتا لعلاجها.
فإن أردنا مساعدة شخص على تخطي رهاب السعادة تكون عبر مرافقته وقضاء أكثر وقت ممكن معه، ولكن دون إجباره على حضور المناسبات الاجتماعية التي يخشاها، خاصة إذا كان غير مستعد لذلك، إذ إن دفعه نحو وضعية غير مريحة يمكن أن تزيد من سوء الأعراض.»