اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
كتب غسان ريفي في 'سفير الشمال'
يزداد الضغط الأميركي على لبنان بملفات عدة أبرزها سحب سلاح المقاومة، ما يتطلب موقفا وطنيا موحدا يكون كفيلا بحماية وتحصين الجبهة الداخلية التي تعتبر الأساس في توفير الأمن والاستقرار وفي الحفاظ على موسم السياحة والاصطياف الذي يُعول عليه اللبنانيون مع دخول فصل الصيف لتحقيق النهوض الاقتصادي المنشود.
يبدو أن ورقة المطالب الأميركية لا تتضمن فقط ملف السلاح الذي يشكل الأولوية بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل ومن لفّ لفّهما، وإنما تشمل قانون الانتخابات، والتجديد لليونيفيل وعدد من مشاريع القوانين وكل ذلك كان موضع نقاش خلال زيارة رئيس الحكومة نواف سلام الى عين التينة ولقائه الرئيس نبيه بري عشية الجلسة التشريعية لمجلس النواب.
في الشكل ومع خروج الرئيس سلام من اللقاء من دون الادلاء بأي تصريح، ساد إنطباع أن اللقاء كان سلبيا، وأن ثمة تباينات كبرى في وجهات النظر بين الرئيسين، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ”سفير الشمال” أن اللقاء في مضمونه لم يكن سلبيا، وأن سلام نقل لبري مجموعة من الأفكار والتصورات حول كيفية التعاطي مع الورقة الأميركية، خصوصا مع دخول المنطقة منعطفا جديدا بعد الحرب الاسرائيلية الايرانية التي يبدو أنها ضاعفت من حجم الضغط الأميركي على لبنان.
وتؤكد هذه المصادر، أن ملف السلاح لا يمكن أن تتم معالجته بطريقة “صبيانية” أو “عشوائية” كما يحاول البعض في لبنان مقاربته، معتمدا التحريض وإثارة الغرائز على مسافة سنة من الانتخابات النيابية، كما لا يمكن أن يُتخذ قرار بشأنه في جلسة أو إثنتين أو حتى عشرة، لأن الأمر يحتاج الى كثير من الضمانات والى الآليات التي تطمئن اللبنانيين، والى حوار داخلي يهدف الى التوافق على كيفية إستثمار هذا السلاح في تعزيز الأمن الوطني.
وترى هذه المصادر أن طرح سحب سلاح المقاومة من دون خطوات عملية للإنسحاب الاسرائيلي، ومن دون الالتزام بإتفاق وقف إطلاق النار ووقف الاعتداءات والاغتيالات والخروقات، ومن دون وضع خطة واضحة لإعادة الاعمار، والمبادرة الى إطلاق الأسرى هو ضرب من ضروب الجنون، مؤكدة أن أميركا لا تستطيع أن تفرض مطالبها أو شروطها بهذا الشكل، لافتة الى أن الرئيس دونالد ترامب أوقف إسرائيل عن الاستمرار بحربها على إيران بتغريدة على منصة “أكس”، وهو اليوم مطالب بأن يُلزم العدو على إحترام وقف إطلاق النار بما يُفسح المجال أمام الحكومة لوضع بند السلاح على جدول أعمالها تمهيدا للبدء بالحوار حوله.
من هنا، تشير المصادر الى أن لقاء بري ـ سلام كان تمهيديا ويفترض أن يعقبه لقاءات أخرى، خصوصا أن رئيس مجلس النواب يعتبر أن “الحوار هو المدخل الأساسي لمقاربة كل القضايا الخلافية” وهو من تجرأ قبل حرب لبنان وجبهة الاسناد وعدوان 2006 على أن يطرح ملف السلاح على طاولة الحوار، واليوم يمتلك الثنائي الشيعي الشجاعة الكاملة لمناقشة هذا الملف وصولا لإتخاذ القرار الوطني بشأنه.
إذاً، فإن ورقة المطالب تحتاج الى إظهار حسن نوايا أميركية لترجمتها على أرض الواقع، والى ضمانات أميركية ـ غربية حقيقية وجدية، وليس كما يحصل في غزة حيث يتحول مركز تقديم المساعدات الغذائية الأميركية الى ساحة لقتل الفلسطينيين على يد عدو متفلت من كل الالتزامات والضوابط والأخلاق في ظل صمت مطبق من كل دول العالم، وبالتالي فإن لبنان لا يستطيع أن يتخلى عن كل الأوراق التي يمتلكها وأن يقف أعزلا أو مستسلما أمام وحشية إسرائيلية كانت وما تزال مدعومة من أميركا.