اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٧ أيلول ٢٠٢٥
كتب صلاح سلام في 'اللواء':
الإنقسام السياسي الحاصل في مجلس الوزراء حول «التصويت الإغترابي» ليس جديداً، بل يعود إلى الأيام الأولى لولادة هذا القانون بطريقة قيصرية في ١٤ حزيران ٢٠١٧، حيث حصر التمثيل الإغترابي بستة نواب فقط موزعين على القارات الست، وعلى قاعدة التوزيع الطائفي بين الطوائف الست الكبرى في لبنان.
ورغم أن القانون الوليد إعتمد النسبية المهشمة بالصوت التفضيلي الواحد، وفرض اللوائح المقفلة، مصادراً بذلك حرية الناخب في إختيار من يمثله في الندوة البرلمانية مرشحين من لوائح مختلفة في دائرته، فضلاً عن ثغرات عديدة في العديد من بنوده، فقد توافق زعماء الطوائف والأحزاب على إقراره، تحت شعار إعتماد النسبية لأول مرة في تاريخ دولة الإستقلال، وتلبية للضغوطات الشعبية، وخاصة الشبابية، التي كانت ترى في نظام الأكثرية إقطاعية سياسية مقنّعة، نظراً لتحكم زعماء اللوائح في إختيار مرشحين مُطيعين لرغباتهم السياسية.
تجدد الجدال في مجلس الوزراء أمس حول الصوت الإغترابي: هل يحق له الإقتراع مثل الصوت المقيم، في دائرته الإنتخابية، أم يبقى صوته محصوراً ضمن قيود النائب الواحد لكل قارة، كما جاء في المادة ١١١من قانون الإنتخابات الهجين، والتي تم تعديلها إستثنائياً في إنتخابات عام ٢٠٢٢.
الإنقسام السياسي حول هذا التعديل مردّه الحسابات الحزبية والفئوية لكل فريق. حيث تبين أن الثنائي يعارض فتح مجالات التصويت أمام الناخب الإغترابي تجبناً لحدوث أي إختراق لحصرية التمثيل الشيعي الموزع بين حركة أمل وحزب الله. وفي الوقت نفسه قطع الطريق على الخصم اللدود القوات اللبنانية من زيادة عدد نواب كتلتها البرلمانية على حساب أطراف مسيحية أخرى في مقدمتها التيار الوطني الحرّ، وبعض المستقلين الذين يدورن في فلك حزب الله.
في حين أن معراب ومعها أطراف مسيحية بارزة، مثل حزب الكتائب، تتمسك بتعديل قانون الإنتخاب لجهة المساواة بين المقيم والمغترب في حق وحرية التصويت، وفق لوائح شطب تتضمن أسماء المغتربين وعائلاتهم، وذلك بهدف الحصول على أكبر نسبة تمثيل مسيحية في البرلمان العتيد، ويُتوّج بذلك رئيس القوات سمير جعجع كزعيم المسيحيين الأول، مع كل ما يعني ذلك في ميزان إنتخابات رئاسة الجمهوريةالمقبلة.
حِرصُ رئيس الحكومة القاضي نواف سلام على عدم إقحام مجلس الوزراء في هذا الملف الحسّاس والمعقد لم يأتِ من فراغ، وليس تهرباً من المسؤولية، بل هو في صميم مبدأ الفصل بين السلطات الذي يتمسك به رئيس الحكومة، كأحد الأهداف الإصلاحية التي يعمل لتحقيقها، حيث يعتبر أن التشريع يبقى من صلاحيات مجلس النواب، كما ينص الدستور، وأن مجلس الوزراء تبقى صلاحياته مُصانة كسلطة تنفيذية، حسب الدستور أيضاً، لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها القانوني، ورفض أي مبرر للتأجيل.
ما حصل في مجلس الوزراء أمس ليس من باب رمي كرة النار إلى مجلس النواب، بل تأكيداً لإحترام دور وصلاحيات السلطة التشريعية، في وضع القوانين وتعديلها، عندما تدعو الحاجة لذلك.