فارس فتوحي لـ"الجمهورية": لدينا مشروع سياسي سنطلقه قريباً

يؤكّد رئيس الحزب اللبناني الواعد فارس فتوحي، أن «لا رئاسة جمهورية من دون هذا التوافق السعودي ـ الإيراني». وحذّر من انّه «إذا تمّ إنتخاب رئيس من دون التوافق الإقليمي لن يستطيع أن يحكم أو أن يقدّم الإنجاز المطلوب». وايّد انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، معتبراً انّ دعم الثنائي الشيعي لترشيحه «ليس تهمة. ففي كل ديموقراطيات العالم هناك كتل كبيرة تدعم ترشيح شخصية معينة».

ودعا الى «إنتاج آلية عمل سياسية مثمرة وبنّاءة، من خلال حركات سياسية جديدة قائمة على ثقافة مدّ الجسور والتقارب ببن اللبنانيين عوضاً عن التفرقة واللعب على الوتر الطائفي». وقال: «لدينا اليوم مشروع سياسي سنطلقه في الإعلام قريباً»، مشدّداً على انّ «من الضروري إنشاء أحزاب جديدة وشابّة، لأنّ الأمور ستتغيّر في المستقبل القريب، خصوصاً بعد المصالحة السعودية ـ الإيرانية».

أجرت «الجمهورية» مع فتوحي الحوار الآتي:

• هل تؤيّد العمليات التي تقوم بها المقاومة في الجنوب وربط لبنان بالساحة والحرب الفلسطينية؟

ـ بالنسبة اليّ لا أقارب الموضوع كربط ساحات أو عدم ربط ساحات، بل أقاربه بالمعيار اللبناني الصرف، وأجد أنّ إظهار قوة ردع للإسرائيلي هو السبيل الوحيد لكي لا تقوم إسرائيل بما قامت به في الماضي أو لكي لا يدفع لبنان الأثمان التي دفعها في الماضي. وأقصد هنا، عندما كنّا على الحياد في العام 1967، تحمّلنا وزر هجرة منظمة التحرير العسكرية إلى لبنان واندلعت حرب أهلية كبيرة بعد الإقتتال الطائفي بين اللبنانيين على خلفية دعم المقاومة أو عدم دعمها. وفي العام 1948 اقتحم الجيش اللبناني شمال فلسطين بأمر من الرئيس بشارة الخوري، بعدها قامت الهاجانا الإسرائيلية باحتلال قرى لبنانية نتيجة استرجاع الأراضي التي خسرتها. وبذلك دفع لبنان ثمن تدخّله العسكري بسبب ضعف جيشه الذي كان حديث النشأة. وأرى أنّ امتلاك لبنان لقوة ربّما سيكون السبيل الوحيد لحماية لبنان من تداعيات الحروب في المنطقة، وخصوصاً مع إسرائيل التي هي عدو ولا توفّر فرصة وإلّا وتضرب الداخل اللبناني إن كان عسكرياً على جبهة الجنوب أو داخلياً بطرقها السياسية المخفية. ولكن سننتظر النتائج.

• يشهد لبنان فراغاً دستورياً في سدّة الرئاسة منذ نحو عامين، ما هو موقفك من هذا الفراغ الدستوري؟

ـ المشكلة أنّ السياسيين لا يصارحون اللبنانيين بحقيقة الأمور، بل يلهونهم بأمور كثيرة. أمّا الحقيقة فهي أنّ الإستحقاقات الرئاسية كانت دوماً تتأثّر بالجيوسياسية باستثناء جولة واحدة عام 1970 حين انتُخب الرئيس سليمان فرنجية بفارق صوت واحد (عن الرئيس الياس سركيس). أماّ المراحل الأخرى فكانت وليدة ظروف سياسية وجيوسياسية في المنطقة، ولسوء الحظ ما زلنا حتى اليوم نشهد على ارتباط الأحزاب الداخلية بالمحاور الخارجية، وهم ساعةً يقولون أنّ هناك محاولة فرض رئيس، وساعةً أخرى هناك رفض للحوار. أرى أنّ الموضوع بسيط جداً، أولاً الدستور في حاجة إلى تعديل لكي لا يُسمح بالفراغ. هذا موقفي الأول من الموضوع. وثانياً أرى أنّ من الضروري جداً أن يتّفق اللبنانيون ويضغطوا على الدول عوضاً عن انتظار ضغوط وظروف خارجية قد يطول انتظارها. أرى أنّ على اللبنانيين وهنا أقصد رؤساء الكتل، أن يمارسوا نوعاً من الضغط بالاستراتيجية التفاوضية مع الدول. لماذا نقول ذلك؟ لأنّه من غير الممكن أن ينجح عهد من دون دعم إقليمي له، وأعني بالتحديد دعم إيراني ودعم سعودي. علينا أن نكون صريحين أنّ لا رئاسة جمهورية من دون هذا التوافق السعودي ـ الإيراني، وإذا تمّ إنتخاب رئيس من دون التوافق الإقليمي لن يستطيع أن يحكم أو أن يقدّم الإنجاز المطلوب.

• لو كنت نائباً في مجلس النواب لأي رئيس للجمهورية ستصوّت؟ ومن يشبهك الأكثر؟

ـ سأصوّت للرئيس الذي يطمئن «حزب الله». فلنعترف أنّه الأقوى اليوم في المعادلة، وخصومه وحلفاؤه يعترفون بذلك، وهو على طاولة المفاوضات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ويمتلك قوة الردع الكبيرة، وبالتالي من غير المنطقي أن يأتي رئيس للجمهورية على خلاف معه، أو لا يثق به «حزب الله». لكن هذا لا يكفي، فيجب أن يتمتّع هذا الرئيس بعلاقات عربية جيدة تتيح له إعادة لبنان إلى الساحة العربية، وما ينتج من ذلك من دعم إقتصادي وسياسي ومظلة عربية، وبالتالي غربية للبنان. كما يجب على الرئيس المثالي أن تكون لديه خبرة في السياسة، ويكون قادراً على جمع اللبنانيين من دون أي تحدّ أو استفزاز، وأفضّل ألاّ أدخل في الأسماء، أمّا إذا كانت الجلسة غداً فالأوفر حظاً هو سليمان فرنجية.

• لكن البعض يعتبر أنّ سليمان فرنجية هو مرشح «الثنائي الشيعي» ويعترض عليه عدد كبير من الأفرقاء السياسيين وحتى من حلفائه مثل جبران باسيل، فكيف يمكن أن تدعم فرنجية؟

ـ أن تكون مدعوماً من الثنائي الشيعي ليس تهمة. ففي كل ديموقراطيات العالم هناك كتل كبيرة تدعم ترشيح شخصية معينة، وإنطلاقاً من هذا الدعم تتوافر له حظوظ الوصول إلى رئاسة الجمهورية. أمّا حقيقة الأمر فهي ليست كذلك، هناك محوران متنازعان في الإقليم هما المحور الأميركي والمحور الإيراني. وإذا كان سليمان فرنجية مدعوماً من المحور الذي ينتمي إليه «حزب الله» فهذا صحيح، اما الاعتراض على اسمه بسبب كونه مدعوماً من فريق لبناني فهذا أمر مرفوض. هذا الفريق اللبناني الذي يعارض فرنجية يقول انّ ثمة مشروعاً ايرانياً في لبنان داعماً للمقاومة، ويدعو الى مواجهة الأميركيين والبقاء على تأهّب وخصومة مع الإسرائيليين، قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن ما هو مشروع المحور الداعم للمعارضة؟ هو يهدف إلى توطين النازحين السوريين وتوطين الفلسطينيين. كما يريد للبنان أن ينتمي إلى محور تُفرض عليه قوانين معيّنة من البنك الدولي، تشكّل انتهاكاً لعاداته وقيمه، وهذا يشكّل خطراً على الكيان والوجود اللبناني. وبالتالي انّ ادعاء هذا الفريق اللبناني حرصه على الحياد والسيادة يبقى امراً مشكوكاً به.

• نشهد في الفترة الأخيرة موجة تجتاح الشارع المسيحي تحديداً وتطالب إمّا بالفيديرالية وإمّا بالتقسيم والإنفصال، أين أنت من هذين الطرحين؟ هل تؤيّد الفيديرالية أو الإنفصال؟ أم لديك نظرة أخرى حول النظام السياسي في لبنان؟

ـ الخطير في موضوع المطالبة بالفيديرالية أنّه يأتي على خلفية خلاف مسيحي ـ سنّي بين فريق ما يسمّى 14 آذار سابقاً وتيار «المستقبل»، ويأتي أيضاً على خلفية خلاف مسيحي ـ شيعي بعد انتكاس العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و»حزب الله». الخطورة في الموضوع أنّ هذه الخلفية لا تؤدي إلى مشروع تغيير للنظام، لانّ ذلك يتطلّب توافق جميع اللبنانيين وليس ردّة فعل من فريق على آخر. إذا كانت المطالبة بالفيدرالية والتقسيم هي ردّة فعل مسيحية على المسلمين في لبنان فهذا أمر أدينه ولا أقبل به، وأعتقد أن لا أحد من اللبنانيين يسير بمشروع كهذا، لأنّ أي تعديل في النصوص الدستورية يتطلّب حواراً وليس خطابات شعبوية على الشاشات. وبالتالي هو ردّات فعل وليس مبنياً على فكر سياسي مدروس وعاقل. في الوقت الحاضرتطوير اتفاق الطائف من خلال اضافة بعض التعديلات الدستورية عليه امر مهم لسدّ الثغرات المعرقلة للحياة السياسية انطلاقاً من تقوية صلاحيات رئيس الجمهورية لتمكينه من لعب دوره الوطني .

• بعد إطلاقكم للحزب اللبناني الواعد، قمتم بكثير من النشاطات وفجأة اختفيتم عن الساحة السياسية، واليوم قرّرتم العودة. لماذا انسحبتم من الساحة واليوم قررتم العودة وإعادة النشاط إلى الحزب؟

ـ أجرينا تقييماً لما رافق الإنتخابات النيابية الأخيرة، وتبيّن لنا أنّ معظم الأحزاب تحظى بدعم مادي وخارجي. على رغم من ذلك، قرّرنا إستعادة النشاط، خصوصاً بعد النجاح الذي حقّقناه بعودة مئات النازحين السوريين من كسروان إلى سوريا.

لدينا اليوم مشروع سياسي سنطلقه في الإعلام قريباً. وأرى أنّه من الضروري إنشاء أحزاب جديدة وشابّة، لأنّ الأمور ستتغيّر في المستقبل القريب، خصوصاً بعد المصالحة السعودية ـ الإيرانية. فالحاجة إلى أحزاب توقد الخلاف السنّي ـ الشيعي انتفت، وحان الوقت لإنتاج آلية عمل سياسية مثمرة وبنّاءة، من خلال حركات سياسية جديدة قائمة على ثقافة مدّ الجسور والتقارب ببن اللبنانيين، عوضاً عن التفرقة واللعب على الوتر الطائفي.