اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ٢٥ أذار ٢٠٢٥
بشكل مفاجئ، يرحل عماد كريدية عن إدارة شركة «أوجيرو» قبل أشهر من انتهاد عقد مع وزارة الاتصالات كان قد تم تمديده إلى شهر كانون الأول المقبل.
إلا أن التعمق في انتهاء عقد الشركة مع الوزارة، يكشف عن خلافات أعمق بين كريدية ووزير الاتصالات الجديد شارل الحاج، انفجرت منذ أيام وبرزت إلى الضوء اليوم.
ما القصة؟
بحسب مرسوم وقعه الحاج في 19 آذار الجاري، أنهى عقد الاستخدام الموقع مع «أوجيرو» والمجدد في 10 كانون الثاني عام 2024.
ويبقى مع كريدية مهلة 3 أشهر فقط للبقاء في منصبه، قبل أن يغادر، وفق المرسوم.
ما وراء قرار إقالة كريدية
بحسب صحيفة «الأخبار» برر الحاج الخطوة بأنه لم يتلقَ المعلومات المطلوبة من كريدية، لكن كريدية نفى تلقي طلبات رسمية، مشيرًا إلى أن بعض موظفي الوزارة كانوا يحاولون الحصول على معلومات بشكل غير رسمي.
المشكلة كانت تتعلق بالطلبات التي كانت تأتي عبر موظفين في الوزارة، مما أثار استياء كريدية الذي اعتبرها غير قانونية.
والسبب الرئيسي وراء الخلاف يبدو أنه مرتبط بمواقف سابقة لعماد كريدية، حيث كان قد عارض إدخال معدات اتصالات محظورة كانت تحاول شركة «وايفز» (المملوكة من قبل الوزير الحاج) إدخالها إلى لبنان.
كريدية اعترض على هذه المعدات لأنها كانت تستخدم ترددات خاصة بشبكات الجوال، ورفض دخولها استنادًا إلى القوانين المعمول بها.
هذا الرفض جاء بعد سنوات من محاولات لإدخال هذه المعدات، مما جعل الخلاف يتصاعد ويصبح قضية سياسية مرتبطة بمحاولات لخصخصة قطاع الاتصالات في لبنان.
من هو عماد كريدية؟
تعيين عماد كريدية مديرًا عامًا لهيئة أوجيرو في عام 2017. قبلها كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة NES في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والهند، وهي شركة عالمية متخصصة في تقديم حلول الطاقة الذكية للشبكات.
إلا أنه حتى قبل أن يتسلم مهامه رسميًا، واجه تعيين كريدية بعض التدقيق. فبحلول أواخر كانون الثاني 2017، أشارت تقارير إلى أن رئيس الجمهورية السابق، ميشال عون، لم يكن قد وقع بعد المرسوم الخاص بتعيينه، وذلك في انتظار دراسة قانونية وإدارية تتعلق بسجل عدلي خاص به يتضمن إشارات إلى دعاوى تتعلق بشيكات بدون رصيد .
هذا التأخير الأولي في إضفاء الطابع الرسمي على تعيينه أثار علامات استفهام مبكرة، وأنذر بأن فترة ولايته قد تشهد تحديات وخلافات تتجاوز الجوانب التشغيلية لهيئة أوجيرو.
حديث عماد كريدية لـ«جنوبية»
عند توليه منصبه في تشرين الأول من العام نفسه، حدد كريدية جملة من التحديات التي تواجه هيئة أوجيرو، سواء كانت داخلية أو خارجية . على الصعيد الداخلي، لاحظ وجود عقلية سائدة داخل الشركة لا تولي الأولوية القصوى للمواطنين الذين يتلقون الخدمات، وهو ما تجلى في التأخير في معالجة طلبات الاشتراك في الخطوط الثابتة والإنترنت، بحسب مقابلة مع موقع «جنوبية».
كان هدف كريدية هو تغيير هذه الذهنية وتحويل تركيز المنظمة بأكملها نحو خدمة المشتركين وتلبية احتياجاتهم بشكل أسرع وأكثر كفاءة. إن إدراكه المبكر لوجود تركيز داخلي في أوجيرو، بدلًا من التركيز على خدمة العملاء، يشير إلى فهمه لضرورة إجراء تحول أساسي في أولويات المنظمة وطريقة تقديم الخدمات.
أما على الصعيد الخارجي، فقد كانت هناك مشاكل كبيرة تعاني منها شبكات الخطوط الثابتة والإنترنت، بالإضافة إلى عدم كفاية الصيانة واستمرار أعطال الكابلات الرئيسية لفترة طويلة . وقد أدرك كريدية الحاجة الملحة لمعالجة هذه القضايا من خلال الشراكة مع شركات لبنانية من القطاع الخاص لإصلاح تراكم أعمال الصيانة في شبكة أوجيرو. وبينما تحقق بعض التقدم في تقليل عدد الأعطال، ظلت العديد من المشاكل قائمة في مناطق لبنانية مختلفة، بما في ذلك مناطق مهمشة مثل عكار.
وقد وضع كريدية خططًا طموحة لتطوير شبكة أوجيرو. شملت هذه الخطط تحويل تركيز الشركة نحو خدمة المواطنين وتلبية احتياجاتهم، ومعالجة مشاكل الشبكة من خلال التعاقد مع شركات لبنانية من القطاع الخاص، وتحسين سرعات الإنترنت وخفض الأسعار، وتنفيذ مشروع الألياف الضوئية. وقد بدأ الإطلاق التجريبي لمشروع الألياف الضوئية للمنازل في قرية «بيت مسك» وفي بعض مناطق بيروت، مع خطط للتوسع إلى المدن اللبنانية الرئيسية بحلول نهاية عام 2019.
صراعات وتوترات في إدارة المؤسسة 2019 – 2020
شهدت الفترة من 2019 إلى 2020 تصاعدًا في التحديات والصراعات التي واجهت عماد كريدية في إدارة هيئة أوجيرو. ففي نيسان 2019، تعرض لحملة انتقادات شديدة، كما ورد في تقرير لمجلة الشراع .
حينها، تصاعد الجدل حول راتبه في عامي 2018 و2019. ففي حزيران 2018، صرح بأن راتبه كان مبررًا نظرًا للمساهمة الكبيرة التي تقدمها أوجيرو للدولة. إلا أن هيئة الاستشارات والتشريع أصدرت في أيلول 2019 رأيًا مفاده أن الحد الأقصى للراتب المسموح به للمدير العام كان أقل بكثير مما ادعى كريدية أنه يتقاضاه (قال إنه يقبض 10 آلاف دولار شهريا، بينما كان الحد المسموح 7 ملايين ليرة أي 4665 دولارا يومها).
وفي كانون الثاني 2020، ادعى النائب العام المالي علي إبراهيم على ثلاثة مديرين عامّين في هيئة أوجيرو بجرائم هدر المال العام والإهمال الوظيفي والإثراء غير المشروع بينهم كريدية.
من الأزمة حتى الإقالة
شهدت الفترة من 2021 إلى 2023 تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، وكان على هيئة أوجيرو، تحت قيادة عماد كريدية، أن تبحر في هذه المياه المضطربة. وقد برزت مشاكل الإنترنت المتكررة والتحذيرات من احتمالية حدوث انقطاعات دائمة لهذه الفترة.
نهاية حقبة: إقالة عماد كريدية
في 19 آذار الجاري، انتهت حقبة عماد كريدية في قيادة أوجيرو بإعلان إقالته أو إنهاء العقد مع «أوجيرو».
ورجحت المصادر أن الإقالة جاءت بسبب معارضة كريدية لمحاولات الوزير التدخل في الشؤون الإدارية وإدخال معدات اتصالات إلى لبنان بشكل غير قانوني.