اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٣ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
( 1 من 3)
ينتظر لبنان عودة المبعوثين الأميركيين توم براك وأورتاغوس إلى بيروت لمعرفة ما توصلا إليه في مسعاهما للحصول على إجابة إسرائيلية بخصوص موافقة لبنان على ما بات يعرف بورقة براك.
وداخل النقاش الدائر حول التوقعات بخصوص ما سيتوصل إليه الثنائي براك – أورتاغوس في تل أبيب هناك وجهة نظر تقول أن على بيروت البحث ليس عن ما يمكن أن تقدمه حكومة نتنياهو لبراك رداً على ورقته؛ بل عن طبيعة الاستراتيجية الجديدة التي صاغتها إسرائيل لتتعامل من خلالها وبتوجيه من مبادئها مع لبنان؛ ذلك أن رد نتنياهو على ورقة براك سيأتي منسجماً مع هذه الاستراتيجية وليس انطلاقاً من 'حفلة مقايضات دبلوماسية' حسبما يعتقد طيف كبير من المتابعين.
.. وعليه فإن السؤال الجوهري هو ما هي استراتيجية إسرائيل الجديدة تجاه لبنان وكيف ستترجم تل أبيب عملياً بنود هذه الاستراتيجية خلال تفاوضها مع براك وأورتاغوس بشأن لبنان؟؟.
حتى هذه اللحظة سربت إسرائيل من خلال دراسات نشرتها مراكز أبحاث عبرية ومن خلال مقالات في صحف إسرائيلية عدة؛ جملة أفكار حول نظرتها للبنان يمكن ترتيبها على الشكل التالي:
الفكرة الأولى يمكن تلخيصها 'بأن على إسرائيل أن تقوم بإنشاء حدود شمالية جديدة تحت النار'. هذه الفكرة تمثل المهمة الأساسية داخل الاستراتيجية الإسرائيلية بشأن لبنان. وكان أول من كشف عنها هو وزير الدفاع الإسرائيلي السابق غالانت في بدايات العام الماضي. وتطبيقات هذه المهمة تعني أمرين إثنين: الأول أن إسرائيل لديها مخطط لتغيير الحدود الحالية مع لبنان؛ والثاني أن إسرائيل ستحافظ على منسوب من إطلاق النار ضد لبنان حتى تنهي مهمة إعادة رسم الحدود الشمالية الجديدة'!!.
وتعليقاً على ما ورد أعلاه يمكن القول أن قرار إسرائيلي الاستراتيجي هو الاستمرار بالعمليات العدوانية على لبنان؛ وما يمكن أن يحصله براك أو أورتاغوس أو غيرهما من حكومة نتنياهو هو – ربما – تخفيض منسوب إلاعتداءات الإسرائيلية على لبنان أو تجميده لأسبوع أو إثنين بأقصى حد؛ ولكن ليس منطقياً أن يتوقع أحد أن إسرائيل ستوافق على وقف النار من جانبها قبل ما تعتبره إنجاز مهمة رسم حدود شمالية جديدة مع لبنان. ولا شك أن تصريح ترامب الأخير بخصوص دعوته إسرائيل لتخفيض ضرباتها العسكرية في لبنان هو مؤشر كبير على أن الإدارة الأميركية على علم باستراتيجية إسرائيل الجديدة في لبنان وهي تتحرك تحت سقفها..
ما تقدم أعلاه يحتم الانتقال إلى الفكرة الثانية التي يجب أن تجيب عن سؤال أساسي وهو ما هي أبرز تكتيكات وبنود وتوجهات الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة التي تسعى تحت النار لرسم حدود شمالية جديدة مع لبنان ومع سورية؟؟.
.. بداية يجب التأكيد على أنه حتى هذه اللحظة لم تقدم إسرائيل بشكل علني خطتها عن لبنان؛ وحتى أن حكومة نتنياهو لم تعد تتكلم عن أهداف الحرب في لبنان بشكل محدد؛ بل هي تمارس نوعاً من التستر على خطتها الأساسية.
بالعودة للسؤال عن أبرز بنود استراتيجية إسرائيل تجاه لبنان؛ يمكن القول أن رصد كمّ معقول من الدراسات والمقالات الإسرائيلية، يساعد في تحديد النقاط التالية التي توجه سياسة حكومة نتنياهو تجاه لبنان:
النقطة الأولى: اعتماد تل أبيب الصبر في التعامل مع الواقع اللبناني لأنه معقد ولأنه يستلزم دمج عدة وسائل عسكري واستخباراتي ودبلوماسي عبر فتح قنوات مختلفة وعبر الإلتزام بأمر أساس وهو التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة الأميركية وأيضاً التنسيق مع دول غربية وإقليمية؛ وأيضاً عدم ربط الموقف الدبلوماسي الخاص بلبنان بالموقف الدبلوماسي الخاص بالقضية الفلسطينية؛ أي التعامل دبلوماسياً مع المواقف الدولية والإقليمية مع لبنان بشكل مستقل.. وبمقابل اعتماد الصبر 'توصي الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة أيضاً باعتماد تكيتكات' تجنب التصعيد الزائد في لبنان (لإفساح الطريق أمام تقدم محاولات الداخل لانتاج حل داخلي لسلاح الحزب)؛ ولكن مع التوصية بنفس الوقت باستمرار التصعيد العسكري المناسب(!!) وأيضاً بالبقاء على التلال الخمس(!!).
لماذا تصر إسرائيل على البقاء على التلال الخمس(؟؟):
أبرز سبب هو رغبة إسرائيل بتقديم هذا الاحتلال للتلال الخمس كدليل على أن لبنان دفع ثمناً جغرافياً نتيجة قيام حزب الله بحرب الإسناد؛ وهذا الشعور عند اللبنانيين سيخلق هاجساً عند لبنان بأن أية حرب مقبلة مع إسرائيل قد تؤدي لفقدان لبنان لأراض أوسع..
السبب الثاني هو أن إسرائيل لا تريد تكرار مشهد نهاية حرب ٢٠٠٦ في حرب ٢٠٢٥؛ فبنهاية الحرب الأولى عادت إسرائيل إلى ما وراء الحدود وسمحت بإعادة البناء، الخ.. واليوم أبرز ما توصيه الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة هو عدم فعل أي أمر تم القيام به في حرب العام ٢٠٠٦. وعليه يمكن الاستنتاج أن تل أبيب تخطط لاحتلال طويل الأمد للتلال الخمس أو أقله لبعضها.
(يتبع)