اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ١١ أيلول ٢٠٢٥
في العاشر من أيلول من كلّ عام، يتكرّر السؤال نفسه لماذا يلجأ البعض إلى الإنتحار؟ لكنّ السؤال الأهمّ ربّما هو لماذا لا يتكلّمون قبل أن يصلوا إلى تلك اللحظة؟. الإنتحار هو نهاية موجعة لرحلةٍ صامتة كان يُمكن أن تُنقذ بكلمة، بسؤال، باهتمام بسيط، بحضن، أو حتّى برسالة عاديّة في منتصف الليل تقول أنا حدّك، أنا هون إذا بدّك تحكي.
ليس كلّ مَن يُعاني يظهر الألم على وجهه. البعض يبتسم ويُشارك النّكات ويحضر الاجتماعات ويهتمّ بغيره.. لكن هؤلاء ينهارون بصمت. في هذا الإطار، يشرح الإختصاصي النفسي السريري أنطوني برصونا الهدف الأساس من اليوم العالمي للوقاية من الإنتحار: زيادة الوعي حول الانتحار وسبل الوقاية منه، وتقديم الدعم للأشخاص المعرّضين للخطر، وتقليل الوصمة المُرتبطة بالصّحة النفسيّة.ويُضيف برصونا في حديثٍ لموقع mtv: يساهم هذا اليوم في التوعية المجتمعيّة من خلال تنظيم فعاليات تعليميّة، ورش عمل، وحملاتٍ إعلاميّة تهدف إلى نشر المعلومات حول علامات التحذير وتوفير موارد الدعم وتعزيز الحوار المفتوح حول الصحة النفسيّة.
بالنّسبة إلى الأرقام، تُشير التقارير إلى أنّ لبنان شهد زيادةً في معدّلات الانتحار في السّنوات الأخيرة، خصوصاً في ظلّ الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة، وفق برصونا. وأفادت منظّمة الصحة العالميّة بأنّ لبنان سجّل 4.4 حالات انتحار لكلّ 100,000 نسمة في عام 2019. ومع ذلك، قد تكون الأرقام الفعليّة أعلى بسبب الوصمة الاجتماعيّة التي تُحيط بالموضوع.ماذا عن الفئات الأكثر عرضة؟ تلفت الدراسات إلى أنّها تشمل الشباب بين 18 و30 عاماً، الرّجال أكثر من النّساء، الأشخاص الذين يُعانون من اضطراباتٍ نفسيّة مثل الإكتئاب والقلق، والأفراد الذين يواجهون صعوباتٍ اقتصاديّة أو اجتماعيّة.ولزيادة التوعية والحدّ من الإنتحار، يرى برصونا أنّه يُمكن للمؤسّسات التعليميّة المُشاركة من خلال تنظيم ورش عمل وحلقات نقاش حول الصحة النفسيّة، توفير خدمات استشاريّة نفسيّة للتلاميذ في المدارس والطّلاب في الجامعات، تدريب الكادر التعليمي على التعرّف على علامات التحذير، وإنشاء بيئةٍ داعمة تشجّع على الحوار المفتوح.
تتوفّر خدمات الصحة النفسيّة في المستشفيات العامّة والخاصّة والعيادات النفسيّة والجمعيات الأهليّة. ومع ذلك، هناك تحديات تتعلّق بالتمويل والموارد البشريّة المدرّبة والوصمة الاجتماعيّة التي تحول دون طلب العلاج. لذلك، لا تزال هذه الخدمات غير كافية لمواجهة التحديات النفسيّة المتزايدة، وفق برصونا.ويُتابع: أقول لمَن يُعاني بصمت: لستَ وحدك. الألم الذي تشعر به حقيقيّ، وهناك مَن يهتمّ بك ويرغب في مساعدتك. لا تخف من طلب الدعم، فالبدء بذلك هو خطوة أولى نحو الشفاء.
كيف يُمكننا كمجتمع أن نصنع بيئةً داعمة وآمنة نفسيًّا؟ يُجيب برصونا: من خلال تعزيز الوعي بالصحة النفسيّة وتوفير المعلومات، تشجيع الحوار المفتوح وتفكيك الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي، توفير موارد دعم متاحة للجميع، وإنشاء شبكات دعم مجتمعيّة تشجّع على التفاعل الإيجابي.ولكلّ شخصٍ يشعر بالوحدة أو العجز أو فقدان الأمل، ينصحه الاختصاصي النفسي برصونا بـالبحث عن الدعم، سواء من خلال التحدّث مع شخص موثوق أو استشارة متخصّص نفسي أو الانضمام إلى مجموعات دعم، مؤكّداً أنّ تحدّث الفرد عن مشاعره هو خطوة أولى نحو الشفاء.
الصّمت هو أخطر ما في الاكتئاب. ليس دراميًّا بل خافت، يتسلّل يوماً بعد يوم إلى الدّاخل، وفي غياب الدّعم يتحوّل إلى قناعة مزيّفة بأنّ الحياة لم تعد تستحقّ العيش.