اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٨ أيار ٢٠٢٥
ما زال الوجود الفلسطيني في سوريا، يتصدر الاهتمامات السورية والفلسطينية والعربية والاقليمية والدولية منذ سقوط النظام السابق، ووصول 'هيئة تحرير الشام' برئاسة احمد الشرع المعروف 'بـ ابي محمد الجولاني' الى السلطة. وآخر تداعيات التحول الذي حصل في سوريا، توقيف الامين العام للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة طلال ناجي الذي انتخب في تموز 2021، بعد وفاة مؤسسها وامينها العام احمد جبريل، الذي انشق عن 'الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين' عام 1968.
ومنذ وصول السلطة الجديدة في سوريا في 8 كانون الاول 2024، بدأت الانظار تتجه نحو حلفاء النظام السابق، ومن ساندوه وقاتلوا معه ضد ما سمي 'الثورة السورية' التي اندلعت في آذار 2011، وكانت الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، الفصيل الفلسطيني الذي ساند الرئيس السوري السابق بشار الاسد، وهذا ما دفع بالحكم الجديد برئاسة الشرع، ان يطلب من الفصائل التي شاركت في القتال تسليم سلاحها وتقديم اعضائها الى المحاكمة، وهذا ما ادى الى توقيف نحو 20 شخصاً من الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة ، بعد وساطة قام بها رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' في الخارج خالد مشعل.
وما حصل مع الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، جرى مع فصائل اخرى، فوضعت السلطة السورية يدها على مقر قيادة 'الصاعقة' العسكري في منطقة العباسيين ومكتب احمد جبريل، ومكتب 'فتح ـ الانتفاضة' ومسؤولها العقيد زياد الصغير في ساحة التحرير بدمشق، ولم يسلم اي تنظيم فلسطيني من ملاحقات الادارة العسكرية السورية، ومنهم الامين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني خالد عبد المجيد، ومسؤول 'لواء القدس' محمد السعيد و'حركة فلسطين الحرة' سائد عبد العال.
ومن الاجراءات السورية، كان اعتقال كل من مسؤول ساحة سوريا في حركة 'الجهاد الاسلامي' خالد خالد، ومسؤول اللجنة التنظيمية للساحة السورية ابو علي ياسر في 22 نيسان الماضي، وما زالا موقوفين بتهمة استمرار التعامل مع ايران والتواصل مع قيادة 'الحرس الثوري' فيها، حيث لم يُعلم عن مصيرهما وفق ما كشفت مصادر قيادية فلسطينية، التي اشارت الى ان حركة 'حماس' لا سيما احد مسؤوليها مشعل، الذي تواصل مع الادارة العسكرية السورية، فكان الجواب ان لا يتدخل في هذا الموضوع الذي يرتبط بالامن السوري.
وعينت السلطة السورية احد الضباط ويدعى ابو عبد الرحمن الشامي، ليكون مسؤولاً عن الملف الفلسطيني لضبطه بعد ان تم تسليم السلاح، وتحولت المكاتب التي سمح لها ان تبقى مفتوحة الى العمل الاجتماعي والانساني، وابلغت السلطات السورية مسؤولي الفصائل الفلسطينية، بان السفارة الفلسطينية هي المعتمدة رسمياً، ومنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للفلسطينيين، وان من هم خارجها لا شرعية لهم.
وتدخل زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) في هذا الاطار، وتعامل النظام الجديد مع المسألة الفلسطينية لن يشذ عن تعامل الانظمة العربية الاخرى عن الموضوع، فلم تتمكن حركة 'حماس' من العودة الى سوريا وفتح مكتب لها، منذ ان اخرجها النظام السابق منها، وهي وقفت وقاتلت ضده. ورأت المصادر الفلسطينية بان عدم عودة 'حماس' الى سوريا، هي ورقة اعتماد قدمها حكم الشرع الى الدول العربية والاجنبية، بالرغم من ان 'حماس' هي حليفة لتركيا التي ساندت الشرع بالانتقال من ادلب الى دمشق والوصول الى رئاسة الجمهورية.
فما حصل مع استمرار اعتقال مسؤولي 'الجهاد الاسلامي'، ثم توقيف ناجي لمدة تسع ساعات واطلاق سراحه، هي رسالة اراد ان يوصلها الحكم الجديد الى الدول لا سيما اميركا، التي تريد منه اقامة علاقة مع العدو 'الاسرائيلي' والتطبيع معه، وفق قراءة المصادر التي ترى ان مرحلة جديدة دخلت فيها المنطقة عموماً، والمسألة الفلسطينية خصوصاً، اذ ان اخراج سوريا من 'محور المقاومة' وتداعيات الحرب على غزة ولبنان، بدأت تنعكس على المسار الفلسطيني، الذي يُراد له ان يؤدي الى تصفية قضية الشعب الفلسطيني الذي يباد في غزة ويهجّر، ويقتلع في الضفة الغربية، وممنوع عليه ان يقاوم، كما عليه ان يمتثل للسلطة الفلسطينية التي يطالب رئيسها بالاستسلام، وانهاء الحقوق الفلسطينية.