اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأخبار
نشر بتاريخ: ٣٠ نيسان ٢٠٢٥
لم يكن استقبال السفير السعودي في بيروت وليد البخاري رئيس «جمعيّة المشاريع الخيريّة» الشيخ حسام قراقيرة على رأس وفد أوّل أمس خارج السياق العام، وإن أعطى «المشاريع» قوّة دفع سياسيّة غير مسبوقة، إذ إنّ المتابعين لأمور «الجمعيّة» كانوا يتحدّثون دوماً عن سياسة انفتاح تتّبعها منذ أكثر من 10 سنوات مع معظم الدّول العربيّة، وعلى رأسها السعوديّة، تمكّن خلالها الطرفان من طي الخلافات العقائديّة التي وصلت إلى حدّ التكفير بين وهابيّة المملكة وصوفيّة «الأحباش»، ليركّزا على ما يجمعهما على السّاحة السنيّة في لبنان.
وتلفت المصادر إلى أنّ أهميّة اللقاء تكمن في زيارة قراقيرة لمقر إقامة السفير للمرة الأولى، علماً أن مسؤولي «المشاريع» واظبوا أخيراً على زيارة السفارة والمشاركة في نشاطاتها، بما فيها الاحتفال بالعيد الوطني السعودي، بعدما لمسوا رفع «فيتو» عنهم، وبعدما أكّد البخاري أكثر من مرة أنّه «منفتح على كل القوى السياسيّة من دون أي حظوة لأحد».
ما سهّل التقارب، هو المراجعة الذاتيّة التي بدأتها «المشاريع» إثر خروج الجيش السوري من لبنان واغتيال الرئيس رفيق الحريري، إذ عقدت أكثر من خلوة بعد اتهام بعض أعضائها بالتورط في اغتيال الحريري، قبل أن تقرر الانكفاء السياسيّ، ومن ثم الشروع في الحفاظ على مسافة من الحلفاء التقليديين مثل حزب الله والنظام السوري.
وترافق ذلك مع إبقاء الخلافات الدّاخلية طي الكتمان بعدما حافظ قراقيرة على «قبضته الحديديّة» على الجمعية التي تحتفظ بقوة انتخابية ثابتة تزيد على 14 ألف صوت في بيروت وعدّة مناطق وماكينة انتخابيّة لا تتعب ولا تخطئ.
ينفي «الأحباش»
أن يكون لقاء
قراقيرة مع البخاري بحث في الملفات السياسية
دشّنت «المشاريع» عهداً جديداً عام 2016 تحت عنوان «صفر مشاكل»، وأقدمت أكثر من مرّة على مبادرات حسن نية تجاه خصمها الأوّل، «تيّار المستقبل»، كما في الانتخابات البلديّة عام 2016 عندما منعت أصوات «المشاريعيين» لائحة «بيروت مدينتي» من خرق لائحة «المستقبل»، بعدما صبّت «البلوك» الانتخابي في مصلحة لائحة الرئيس سعد الحريري.
مع ذلك، لم يفتح «المستقبليون» الصفحة الجديدة التي تمنّتها «الجمعيّة» إلّا بعد اعتكاف الحريري، فأصبحت صور الأمين العام لـ«المستقبل» أحمد الحريري إلى جانب النائب عدنان طرابلسي تظهر في حفلات رعاية المصالحات البيروتيّة، وتمّ طي صفحة «زمن الخصومة» الطويلة. ولم يأت الانفتاح الحريري نتيجة المصالح المشتركة و«وحدة الساحة السنية» التي تجمع القواعد الشعبيّة للطرفين، كما في طريق الجديدة على سبيل المثال، وإنّما بعد «جولات» من التمايز أسّست لها «الجمعيّة»، إن على مستوى المواقف السياسيّة المختلفة عن حزب الله أو حتّى في «التكتيكات الانتخابية» التي دفعت «المشاريع» إلى خوض المعركة النيابية وحيدةً عام 2022.
كلّ ذلك أسّس للمرحلة الجديدة التي عمد فيها أتباع الشيخ عبدالله الهرري إلى الانفتاح على كل القوى المحليّة والخارجيّة، والتركيز على البُعد العربي، ما جعلهم يُرتّبون علاقاتهم مع الجميع بمن فيهم السعودية والإمارات العربيّة.
المرونة والحنكة والواقعيّة التي اتّبعها مسؤولو «الجمعيّة»، وعلى رأسهم مسؤول الملف الانتخابي القيادي أحمد دبّاغ، مكّنت «المشاريع» من قيادة المفاوضات الآيلة إلى تشكيل لائحة ائتلافيّة في بيروت لخوض الانتخابات البلديّة، وجعلتها ركيزة في «السيبة» التي تحدّث عنها قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع عندما أشار إلى تحالفٍ بينه وبين النائب فؤاد مخزومي و«الأحباش»، على أن تؤسّس لتحالف بين مخزومي و«المشاريع» في الانتخابات النيابيّة المقبلة، ولمرحلةٍ سياسية جديدة قائمة على الانفتاح وليس الاختلاف مع أيّ من القوى، بما فيها حزب الله.
وقد أكّد معنيون أنّ لقاء مسؤولي «الجمعية» مع السفير السعودي لم يتطرّق إلى الملفات السياسية بل كان ودّياً وانتهى باستبقائهم إلى مائدة الغداء، لافتين إلى أنّ الموعد كان محدّداً مسبقاً، لكنه تأجّل بسبب ارتباطات السفير البخاري.