اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
أكثر مصطلح تردد خلال العامين الماضيين اللذين هما مدة حرب غزة واخواتها؛ هو مصطلح 'اليوم التالي'. وكانت مناسبة إطلاق هذا المصطلح هو اعتباره خاصة من قبل إدارة بايدن ومن إدارة ترامب بمثابة السؤال المفتاح حول من سيحكم غزة بعد توقف الحرب فيها؛ وأي أفق سياسي سيكون لغزة في فترة ما بعد حرب طوفان الأقصى؟؟؛ وبمعنى أعمق ما هو الثمن السياسي والوجودي الذي ستدفعه حركة حماس نتيجة قيامها بعملية طوفان الأقصى.
والواقع أن مصطلح اليوم التالي بكل معانيه سابقة الذكر؛ لم يعد فقط نظراً لتوسع الحرب وطيلة وقتها؛ يتعلق بمستقبل قطاع غزة السياسي والوجودي بعد الحرب؛ بل أيضاً بمستقبل دول كثيرة في المنطقة انخرطت بشكل مباشر أو غير مباشر بهذه الحرب؛ ولبنان كان واحداً من أبرز الدول التي انخرطت بحرب غزة؛ وبالتالي أصبح سؤال اليوم التالي في لبنان مطروحاً بالتوازي مع سؤال اليوم التالي في غزة.
.. ولكن الفكرة الأساس هنا هي أنه مع مرور المزيد من الوقت سوف يصبح مصطلح اليوم التالي لحرب غزة، أشبه بمسلسل 'دالاس' الذي نعرف قصة حلقاته الأولى ولكن لا نحن ولا مخرجو هذا المسلسل باتوا يملكون القدرة على معرفة آخر حلقة فيه؛ فهو نهر أحداث يكتبها تطور الفعل التاريخي الذي لديه اليد العليا حينما يكون هو مرجعية صناعة الحدث ونتائجه وليس إرادة شخص أو مجموعة مسيطرة.
لا تزال تطبيقات مصطلح اليوم التالي لحرب غزة في بداياتها، ولكن بشيء من الثقة يمكن القول أن مركز الثقل المؤثر بتوجيه أحداث مصطلح اليوم التالي لحرب غزة، لم يعد بالضرورة هو البيت الأبيض، خاصة إذا اعتبرنا أن ما حصل في انتخابات عمدة نيويورك هو في جانب منه جاء كرد فعل على أحداث حرب غزة، وجاء ليعبر عن كيفية تفاعل تطبيقات اليوم التالي لهذه الحرب، ولكن انطلاقاً من أن هذه التطبيقات يحركها الفعل التاريخي للأحداث الكبرى وليس إرادة الرئيس القوي ترامب.
بكل حال يبدو أن منطق الأحداث بمفهوم قراءة الفعل التاريخي لنتائج حرب غزة؛ يذهب باتجاه مغاير لمنطق الأحداث كما تصوره السيناريو السياسي لكل من ترامب أو تحالف اليمين القومي والديني الإسرائيلي الصهيوني. وبموجب المفهوم الأول فإن اليوم التالي لحرب غزة لم يعد مضمونه يجيب فقط على سؤال ماذا بعد سقوط حركة حماس في غزة، أو كيف سيتم إدارة سورية بعد سقوط الأسد، وما هي مفاعيل نظرة ترامب للشرق الأوسط بعد اجتماع شرم الشيخ؛ بل أصبح مضمون هذا السؤال هو كيف ستؤثر نتائج حرب غزة على الولايات المتحدة الأميركية؟؟، وما هو اليوم التالي لترامب نفسه انطلاقاً من مشهد نيويورك؟؟. وأيضاً كيف سيكون شكل اليوم التالي لنتنياهو داخل إسرائيل وداخل نيويورك عاصمة 'يهود الشتات'؛ وليس ما هو المستقبل الذي يخططه نتتياهو في اليوم التالي لحرب غزة في لبنان وسورية؟؟.
والواقع أن كل هذه التحولات لم تكن محسوبة؛ لكنها تعبر عن استناج أساسي ويجدر عدم إغفاله ومفاده أن منطق التاريخ ليس دائماً هو منطق القوة؛ وأن سلام الشعوب تصنعه تراكمات فرص صغيرة لفقراء ومهمشين وأصحاب حاجات بسيطة وأخلاقيين (الخ،..)، وتصبح هذه التراكمات للمساكين قدراً يصنع التاريخ الذي لا يصنعه دائماً سلام القوة!!
لا يزال الحدث انطلاقاً من مشهد نيويورك في مرحلة إرهاصاته الأولى؛ أو ربما في 'مرحلة الصدمة'؛ ولذا يجدر انتظار بعض الوقت ليتعلم العالم أن هناك قطباً جديداً برز على الساحة العالمية، هو 'منطق الفعل التاريخي' أو التحولات الكبرى التي لا يوجد للقوى المادية المتحكمة سيطرة عليها. بطبيعة الحال بعد خسارته نيويورك؛ لم يعد ترامب أقوى رئيس للولايات المتحدة الأميركية، وذلك ليس لأن الصين هزمته، ولا لأن خصمه الديموقراطي باراك أوباما نصب كميناً ناجحاً له؛ بل ببساطة لأن نيويورك عاصمة الرأسمالية الأميركية؛ بدأت تتغير وتفضل إدارة ظهرها لترامب الذي انتخبته قبل أقل من عام؛ وبدل ذلك تقرر استبدال اندرو كومو بزهران ممداني.











































































