اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٣
ما إن دعا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الأربعاء في 14 حزيران الجاري، حتى باتت الأنظار شاخصة الى هذه الجلسة. وبدأت عملية البوانتاج مع إعلان «التيّار الوطني الحرّ» وقوى المعارضة خلال «الويك- أند» المنصرم «التقاطع» على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، كمرشّح جدّي للرئاسة قادر على منافسة مرشّح «الثنائي الشيعي» رئيس «تيّار المردة» النائب سليمان فرنجية في مجلس النوّاب. وأظهر برّي أنّ مَن كان يُراهن على عدم دعوته لجلسة الانتخاب كون «الثنائي الشيعي» لا يزال يعتبر أزعور «مرشّح مناورة» الهدف من ترشيحه إسقاط فرنجية، قد بدا مخطئاً. في حين أنّ إسقاط فرنجية في مجلس النوّاب، من وجهة نظر «الثنائي»، لا يمكن أن يحصل وإن تكاتفت جميع قوى المعارضة مع «الوطني الحرّ».
مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ برّي سبق وأن أعلن أنّه ما إن تتكوّن معطيات لديه بوجود مرشّحين جديين، وإمكان أن تكون جلسة الانتخاب منتجة فإنّه سيدعو اليها. وهذا ما فعله ملتزماً بما تحدّث عنه سابقاً عن ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية في 15 حزيران كحدّ أقصى، فقام بتحديد موعد الجلسة الـ 12 للانتخاب في 14 منه. غير أنّ التساؤلات بدأت تكثر منذ اليوم عن انعقاد هذه الجلسة في موعدها أو عدمه، وعن عدد الأصوات التي سينالها كلّ مرشّح في حال عُقدت كسابقاتها، ومن سيصوّت بالورقة البيضاء مجدّداً رغم وجود مرشَّحَين، ومن سيطيّر النصاب القانوني في حال نال أحد المرشّحين على 65 صوتاً في الدورة الأولى.
وذكرت المصادر بأنّه لا يزال هناك 8 أيّام تفصل الكتل والأحزاب السياسية عن جلسة الانتخاب المرتقبة. ومن المتوقّع أن تتكثّف خلال هذا الأسبوع المشاورات والمحادثات بشأن التصويت، فضلاً عن عمليات احتساب عدد الأصوات (أي البوانتاج) لكلّ من فرنجية وأزعور، مع ما يتردّد عن إمكان لجوء «الثنائي الشيعي» الى التصويت بورقة بيضاء، كخيار ديموقراطي لعدم حرق اسم فرنجية. فهو لا يريد أن يحصل لمرشحهما ما جرى مع دعم المعارضة لترشيح رئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوّض، الذي خاض الانتخابات خلال الجلسات الـ 11 الماضية، ومن ثم اضطر الى الانسحاب منها لمصلحة «مرشّح التقاطع».
وتستبعد المصادر نفسها أن يتمكّن أي من المرشَحين من الحصول على 65 صوتاً في الدورة الأولى، وقد لا يتاح لهما تجربة حظوظهما في الدورة الثانية أو الدورات اللاحقة، إلّا إذا كان النوّاب فعلاً سيذهبون الى جلسة 14 حزيران بهدف «انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية»، وليس بهدف تحديد حجم القوى المتنافسة. لهذا فإنّ التمويه سيكون سيّد الموقف في الجلسة المقبلة، من خلال التصويت بأوراق ملغومة، بهدف بقاء الأمور غير واضحة تماماً. أمّا تقاطع «الوطني الحرّ» وقوى المعارضة على اسم أزعور في حال جرى الالتزام بالتصويت له، فإنّه سيُظهر الحجم الفعلي لهذه القوى، وإذا كان بإمكانها مجتمعة تأمين الأصوات المطلوبة، وإلّا فسيصبح أزعور المرشّح الذي جرى التقاطع عليه فيما بينها، لكنّها غير قادرة على إيصاله الى قصر بعبدا.
ويبدو أنّه حتى الآن، رغم إمكان احتساب أصوات نوّاب «الوطني الحرّ» وقوى المعارضة التي ستصوّت لأزعور، فضلاً عن أصوات «الثنائي الشيعي» وبعض المستقلّين التي ستنتخب فرنجية، أنّ أصوات «اللقاء الديموقراطي» لا يُعلم حتى الآن لمصلحة أي مرشّح ستصبّ، إذ يعلن اللقاء عن موقفه اليوم الثلاثاء. كذلك فإنّ نائبي صيدا عبد الرحمن البزري وأسامة سعد، ونوّاب حزب «الطاشناق» الثلاثة، فضلاً عن النوّاب السنّة وعدد من المستقلّين و»التغييريين»، لم يحسموا حتى الآن خيارهم لأي من المرشَّحَين سينتخبون، وقد لا يقومون بانتخاب أي منهما، ويلجؤون الى التصويت بورقة بيضاء. لكن قرارهم هذا ليس نهائياً بعد، إذ انّ «الورقة البيضاء» في حال اعتمدتها بعض الكتل سيتمّ احتساب أصواتهم الى جانبها، في حين أنّهم فعلياُ ليسوا في صفّها. فاللعبة الديموقراطية تسمح لجميع النوّاب التصويت بما يريدون خدمة لتوجّهاتهم، ولهذا قد يعتمد البعض على هذا النوع من التكتيك.
من هنا، اعتبرت المصادر أنّ «البوانتاج» الذي يجري حالياً على أكثر من صعيد، يبقى في إطار التكهّنات، إذ قد لا يصدق بعض مَن أعلن عن دعمه هذا المرشّح أو ذاك، خلال إسقاط صوته في صندوق الاقتراع. أمّا في حال التزم الجميع بخياراته المُعلنة، فإنّ مسرحية عدم حصول أي مرشّح على الـ 65 صوتاً ستتكرّر، حتى في ظلّ وجود مرشحين جديين، وإن تمّت الدعوة بالتالي الى جلسات انتخاب لاحقة.
يبقى هناك احتمال حصول مفاجأة ما، وفق المصادر عينها، وهي أن ينال فرنجية أو أزعور الأصوات المطلوبة في الدورة الأولى. عندئذ يمكن الذهاب الى الدورة الثانية وانتخاب الرئيس، غير أنّ عدم التفاهم والتوافق بين الفريقين سيجعل أحدهما يعطّل النصاب القانوني بهدف «تطيير» الجلسة، سيما أنّ رئيس الجمهورية يمكن أن يفوز بفارق صوت واحد، كما سبق وأن حصل مع الرئيس سليمان فرنجية الجدّ.
وفي مطلق الأحوال، إذا لم تُسفر الجلسة الـ 12 المرتقبة عن انتخاب رئيس البلاد، على ما عقّبت المصادر، فانّه من شأنها بلحظتها، توضيح الصورة الجديدة لاصطفافات الكتل النيابية لا سيما بعد التقاطع على أزعور. فإذا بدا أنّ الطريق سيكون مسدوداً أمام وصول فرنجية أو أزعور الى قصر بعبدا، فلا بدّ من الذهاب الى مكان معيّن، يجعل الفريقين يتوافقان بهدف انتشال البلاد من الشغور الرئاسي ومن التشتّت الكامل، بفعل جميع الأزمات المتفاقمة التي يغرق فيها يوماً بعد يوم.
