قصتي أنا والقضاء مع "درج ميديا"

في وقت نسعى جاهدين لحفظ القضاء ودعم القضاة كونه السبيل الوحيد لبناء دولة عادلة، لا تزال بعض الجهات ترفض الاحتكام إلى القضاء ولا تتقيّد بقراراته، إذ تعتبر نفسها أعظم من أن تُحاسب وأكبر من أن تُخطئ فتعتذر.

ولأن القضاء لا يزال ينبض بالنزاهة، انتصر لقناة الـ MTV وأنصفها عندما ردت قاضية الأمور المستعجلة كارلا شواح دعوى 'درج ميديا' بحق القناة، وهذا ليس مستغرباً، إنما الغريب هو لجوء 'درج' إلى القضاء وكأنها تؤمن به وتلتزم بأحكامه!

فالمنصة التي سارعت إلى القضاء للاحتكام عندما بدأت الحقيقة تعري الثوب الزائف الذي ارتدته لسنوات، تتهرب من القضاء ولا تحترمه. فهذه الوسيلة الإعلامية تمّت مقاضاتها قبل سنة ونصف السنة، لكنّها ترفض الرد على البلاغات التي لا تصلها أصلًا، وهي تكاد تكون المنصة الوحيدة في لبنان بالإضافة إلى جريدة 'الأخبار' التي تتبع هذه السياسة غير اللّائقة تجاه القضاء. ويبدو أنّ الوسيلتين اللّتين تدّعيان العداوة في العلن وتتشاركان الأجندات في السر، تتشابهان في الطباع وتمعنان في الاستخفاف بالقضاء، مع أنه السلطة الأقوى في البلد ولا يمكن بناء دولة من دونه.

والدعوى المشار إليها هي على خلفية (فيديو) نُشر في 'درج ميديا' يتضمن الكثير من القدح والذم بحقي أنا عمر حرفوش، دون أن تستند 'درج ميديا' كعادتها إلى أي دليل يبرر ما نشرته من افتراءات وأكاذيب هدفها الابتزاز وتشويه السمعة.

وهنا اكتفي بالإشارة إلى أن الشكوى المذكورة أحيلت إلى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية للتحقيق فيها، وبنتيجة التحقيق، ادّعت النيابة العامة الاستئنافية بحق رئيس تحرير موقع 'درج ميديا' السيد حازم محمد الأمين، سنداً لأحكام المادتين 20 و 21 من المرسوم الاشتراعي رقم 104/77 المعدل، ثم أحيل الملف إلى محكمة الاستئناف في بيروت الناظرة في قضايا المطبوعات لمحاكمة المدعى عليه أصولاً. وعيّنت المحكمة موعداً للجلسة. وقد تعذر إبلاغ المدعى عليه من قبل مباشر المحكمة الذي ذهب لإبلاغه عدة مرات وفي أوقات مختلفة دون أن يجده، وإن القضية ما زالت قيد النظر أمام المحكمة.

وبما أن 'درج ميديا' ترفض التبلغ بالدعوى القضائية المقامة ضدها، وتمتنع عن حذف المقال الذي ولد من مخيلة القيمين عليها، نرى أنه من المستغرب لجوء 'درج ميديا' إلى القضاء، وهي التي تسعى جاهدة إلى تكبيله وتوجيهه بما يخدم مصالح مموليها المعروفين ومشاريعهم التخريبية. فهي تارة تهرب من القضاء عندما تكون 'ظالمة'، وتارة أخرى تلجأ إليه عندما تدّعي 'المظلومية'، وهذا ما يوصف بالانفصام الذي يستدعي العلاج الطارئ حرصاً على مصداقية 'درج' التائهة.

فلو أنّ منصة 'درج' قبلت أن تتبلغ بالدعوى ضدّها، ولو أنها احترمت أصول العمل المهني وأهمية الاحتكام إلى القانون والقضاء في الدولة العادلة، لكان استعجالها باستخدام قضاء العجلة بحق قناة الـ MTV مفهوماً. أمّا استخدام القضاء حين تقتضي حاجتها لذلك فيُعد ادعاءً للحرية والحضارة، ويعكس كيف تحاول 'درج' الترويج بأنها تؤيد الحريات والقيم السامية وتدافع عن حقوق الطبقات المهمشة وتريد بناء دولة حضارية وقوية، فيما هي في الواقع تستخدم كلّ هذه العناوين البراقة لتلميع صورتها واستغلال بعض من الجمهور المضلل استمالة للعطف والمال والتمويل.

وأكتبُ ما سبق اليوم وأخرج عن صمتي حتى يُصبح ذلك بمثابة توضيح لجزء صغير من الرأي العام، الذي يقع ضحية تضليل 'درج ميديا' غير الحائزة على علم وخبر والمفقودة سجلاتها في أروقة الدولة اللبنانية، وبالتالي، أعكس صورة المنصة الحقيقة وهي منصة تتهربُ من القضاء وتحاول التسلق على قيم سامية، ولا تعرفُ المحاكم إلّا إن رأت أنّ ذلك قد يصب في مصلحتها.

وفي الخلاصة، فإنّ من يهرب من القضاء لا يدّعي أنه من الشرفاء

(*) شريك في 'نداء الوطن'