فوز أردوغان يُثير الجدل في تركيا

لم تكن هناك مفاجآت كبيرة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها تركيا يوم الأحد الماضي، نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحقيق الفوز بولاية رئاسية ثالثة متتالية، وهي الولاية التي ستمتد خمس سنوات. وكانت تركيا قد شهدت أحداثاً سياسية مهمة في الأيام الأخيرة، غير أن هذا الفوز المتتالي لأردوغان يثير الجدل داخل البلاد وخارجها، حيث تعد هذه الولاية الثالثة مرحلة مهمة في تطور النظام السياسي التركي الحديث.

وفي ضوء هذا الفوز الكبير، يبقى السؤال حول كيفية تعامل الحكومة الجديدة مع التحديات الداخلية والخارجية، وكيف ستؤثر سياساتها على مستقبل البلاد والمنطقة بأسرها.

في هذا السياق، أكد جوان سوز، الباحث والصحافي المتخصص في الشؤون التركية والأقليات في الشرق الأوسط، في مقابلة خاصة لموقع  ' Lebanese Daily' , ثمة عوامل ساهمت في فوز أردوغان بولاية رئاسية ثالثة، أبرزها تشتت التكتل المعارض، وانتماء المرشح الرئاسي كمال كيليتشدار أوغلو إلى الطائفة العلوية.  '، أن التحالف الذي قاده أوغلو كان تحالفاً غير متجانس يضم أحزاباً عدة من خلفيات سياسية مختلفة. وأضاف: أوغلو هو عضو في حزب الشعب الجمهوري الكماليين الأتاتوركيين العلمانيين، وكان التحالف يضم أيضاً أحزاباً أخرى تمثل الإسلاميين المتشددين والمحافظين واليمين المتطرف. هذا التحالف المتنوّع لم يكن له تأثير كبير على الناخبين، ولم ينجح في جذب الأصوات إلى حد كبير، باستثناء حزب الشعوب الديموقراطي الذي شارك في الانتخابات على قوائم حزب اليسار الأخضر تجنباً لدعوى قضائية كانت تهدد بحظره.

*تشتّت التكتل المعارض كان السبب الرئيسي في فوز أردوغان

وفقا لتصريحات سوز، حيث أشار الى ان رؤساء الأحزاب الستة الذين قادهم أوغلو لم يكن لهم تأثير يذكر على الناخبين، باستثناء حزب الشعوب الديموقراطي الذي كان خارج هذا التكتل. ومع ذلك، قاعدة تأييد حزب الشعوب الديموقراطي تلتزم بقرارات الحزب وصوتت بالغالبية لصالح أردوغان. ولكن الأحزاب الأخرى مثل حزب ميرال أكشينار 'الحزب الجيد' وحزب السعادة الإسلامي وحزب الديموقراطية والبناء والمستقبل وحزب الديموقراطي اليميني، لم تلتزم بقرارات زعامتهم في شأن التصويت لصالح أوغلو.

*الانتماء الديني والطائفي لأوغلو

من جهة أخرى، قال سوز إن الانتماء الديني والطائفي لأوغلو كان له تأثير كبير على نتائج الانتخابات، حيث أن غالبية السكان في تركيا من السنة، وكان هناك قطاع كبير لا يقبل بوجود رئيس علوي. وبالتالي، حتى وإن كانت هناك انتقادات لسياسات أردوغان، فإنه في حالة منافسته مع مرشح علوي، فإن الأفضلية ستكون لصالح أردوغان.

وأضاف: غير أن الوضع في تركيا سيشهد تغييرات داخلية بعد فوز أردوغان بولاية رئاسية ثالثة. ستكون هناك غالبية نيابية لأردوغان في البرلمان، وسيتشكل حكومة جديدة تواجه تحديات كبيرة. من أبرز هذه التحديات مسألة إعادة الإعمار في الولايات التركية المتضررة من زلزال الشهر الماضي. بالإضافة إلى ذلك، ستواجه الحكومة تحديات اقتصادية، مثل مشكلة هبوط قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأميركي ومسألة الفقر والبطالة والتضخم.

 *أردوغان قد يصعّد موقفه في قضية اللاجئين السوريين

من الناحية الخارجية، يعتبر أردوغان قوياً في الموقع الحالي بعد فوزه بالولاية الثالثة. يتمتع بفترة حكم تمتد لمدة 5 سنوات، وهو وقت كافٍ للمناورة وتحقيق أهدافه كما يرغب. قد يلجأ إلى تصعيد الموقف في قضية اللاجئين السوريين، وربما يتصعّد في علاقته مع أوروبا من خلال فتح الحدود البحرية أو البرية لكسب امتيازات من الاتحاد الأوروبي. قد يستخدم أيضاً ضغطاً على الحكومة السورية في محاولات التطبيع بين أنقرة ودمشق. وقد يهدّد بالتوسع في مناطق جديدة في شمال سوريا وشمال شرقها التي تسيطر عليها القوات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية، وهذا السيناريو قد يتكرر أيضاً في إقليم كردستان العراق.

*مقعد سوريا في الجامعة العربية هو تمثيل ليس أكثر

في ما يتعلق بالقمة العربية تابع سوز، كان الهدف الرئيسي هو استعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية أو تمثيل الرئيس السوري بشار الأسد. وبينما يتعلق بالصراع الحدودي بين تركيا وسوريا، لا يزال الصراع قائماً، وتستمر الهجمات التركية بشكل مستمر. تسيطر تركيا على مساحة كبيرة تقدر بأكثر من ضعف مساحة لبنان، وعلى الرغم من وجود محادثات بين دمشق وأنقرة، إلاّ أنها لم تؤدِ بعد إلى تحقيق تطبيع العلاقات بين البلدين بعد القطيعة التي حدثت بينهما منذ طرد السفير التركي من دمشق عام 2012.

مزيد من المقالات:حفيد السلطان العثماني لموقعنا: “تذكروا كلامي جيداً”