اتصالات داخلية وخارجية لتطويق تداعيات الضربات الإسرائيلية وانتظار اجتماع «الميكانيزم»

بيروت - أحمد عز الدين وبولين فاضل

في الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية الموسعة على لبنان (20 سبتمبر - 27 نوفمبر 2024) والتي تصادف اليوم، عنوان أكيد يظلل المشهد وتواصل إسرائيل ترسيخه وتأكيده، وهو أنها وبلا هوادة ماضية في نهج الاعتداءات والارتكابات في حق المواطنين اللبنانيين، وأيضا في التمادي بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، كما أكد الجيش اللبناني بصريح العبارة في بيان له هو عائق أساسي أمام تنفيذ خطته في حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية ابتداء من منطقة جنوب الليطاني، وبالتالي أمام انتشاره في الجنوب.

وعلى وقع الرسائل النارية التي تصر عليها إسرائيل في لبنان والمنطقة، تشارك الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس غدا الأحد في اجتماع لجنة «الميكانيزم» في الناقورة، أي لجنة مراقبة وقف إطلاق النار ومناقشة مسار تطبيق خطة الجيش اللبناني في جنوب الليطاني وما نفذ منها. وكما في المرة الأخيرة قبل أسبوعين، لن تكون لها مواعيد سياسية وإنما فقط اجتماعات أمنية وعسكرية في مؤشر قرأه المتابعون على أنه إقرار أميركي بأن تنفيذ خطة الحكومة لحصر السلاح ما عاد رهن الطبقة السياسية وإنما بات في عهدة الجيش اللبناني، علما أن الإدارة الأميركية وبلسان سفيرتها في لبنان ليزا جونسون قالت أمس الأول إن «العمل الذي قام به الجيش اللبناني منذ اتفاق وقف إطلاق النار جبار، لكنه غير كاف ومطلوب منه أكثر من ذلك».

وتمادي إسرائيل في اعتداءاتها وانتهاكها سيادة لبنان وضربها عرض الحائط قرار مجلس الأمن 1701 وسط صمت الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق سيكون محور اجتماعات رئيس الجمهورية العماد جوزف عون على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي يتوجه اليها اليوم السبت مع وفد مرافق، على أن يلقي كلمة لبنان أمام الجمعية يوم الأربعاء المقبل.

الرئيس جوزف عون عرض للاعتداءات الإسرائيلية ولأوضاع أخرى مع رئيس الحكومة نواف سلام، ومع قائد الجيش العماد رودولف هيكل الذي أطلعه على تفاصيل الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت الخميس عددا من البلدات والقرى الجنوبية، كما اطلع عون منه على ما حققه الجيش في مجال مكافحة المخدرات. كما استقبل رئيس الجمهورية سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان ليزا جونسون في زيارة وداعية، وأعرب لها عن تقديره للجهود التي بذلتها خلال فترة عملها في لبنان في سبيل تعزيز العلاقات اللبنانية-الأميركية وتطويرها على مختلف الصعد.

مصدر رسمي تحدث لـ «الأنباء» عن اجتماع لجنة الاشراف على وقف النار يوم غد الاحد في مقر قيادة القوات الدولية في بلدة الناقورة الحدودية. وقال: «يشكل مفصلا لتحديد مسار الامور في المرحلة المقبلة، بحضور الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس العائدة من اجتماع مجلس الامن في نيويورك حيث رفعت يدها بـ «الفيتو» ضد وقف الحرب على غزة، خصوصا ان المطلوب من هذه اللجنة القيام بمهامها التي شكلت من أجلها وهي منع العدوان، والعمل على تأمين الانسحاب الإسرائيلي حتى الحدود الدولية كما نص الاتفاق».

وأضاف المصدر: «لبنان سيجد نفسه عاجزا عن الاستمرار بالخطة التي اقرتها الحكومة وتنفيذ الاجراءات الأمنية، في ظل عدم إقدام إسرائيل على أي إجراء مقابل، ذلك ان تنفيذ الاتفاق لا يكون من جانب واحد، اضافة إلى تداعيات هذا الواقع على الساحة اللبنانية مع تدرج العدوان وصولا إلى ما يشبه الحرب غير المعلنة. وفي المقابل يتزايد الضغط الداخلي على الحكومة مع استمرار الاحتلال مصحوبا بالعدوان المتنقل من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وغياب أي قدرة على إعادة اهالي القرى الحدودية إلى منازلهم أو ادراج اعتمادات لإعادة الاعمار في موازنة 2026 التي تنجزها الحكومة في ظل خزينة خاوية، وغياب اي مساعدات دولية قبل الوصول إلى بسط سيادة الدولة على كامل اراضيها.

قوات «اليونيفيل» اعتبرت أن الغارات الجوية الإسرائيلية ليلة الخميس «تعد انتهاكا واضحا وصريحا لقرار مجلس الأمن1701، وتهديدا مباشرا للاستقرار الهش الذي تحقق في نوفمبر من العام الماضي، كما تقوض ثقة المدنيين في إمكانية التوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع».

وأضاف بيان اليونيفيل: «يستمر جنود حفظ السلام في تقديم الدعم لكلا الطرفين لضمان تنفيذ القرار 1701، فيما تواصل اليونيفيل والجيش اللبناني عملهما الميداني اليومي لتعزيز الاستقرار في جنوب لبنان وعلى طول الخط الأزرق. وقد اضطرت وحدات من قوات حفظ السلام في موقعين بمنطقة دير كيفا، بالقرب من برج قلاوية، إلى الانتقال إلى أماكن آمنة نتيجة هذه الاعتداءات، التي عرضت بشكل خطير حياة الجنود اللبنانيين وعناصر اليونيفيل، والمدنيين، للخطر».

ودعت «اليونيفيل» الجيش الإسرائيلي إلى التوقف الفوري عن شن أي غارات إضافية، والالتزام بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية.

كما أكدت ضرورة أن تلتزم جميع الأطراف بتجنب أي انتهاكات أو خطوات من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد إضافي.

ودعت جميع الأطراف إلى «الالتزام الكامل بأحكام القرار 1701 وبتفاهم وقف الاعمال العدائية، إذ إن هذه الآليات وضعت خصيصا لمعالجة الخلافات وتجنب اللجوء إلى العنف من جانب واحد، ويجب الاستفادة منها إلى أقصى الحدود. كما يشكل استمرار التصعيد تهديدا للتقدم الذي أحرزته الأطراف في جهودها لاستعادة الاستقرار».

توازيا، تتواصل الإجراءات الأمنية جنوب الليطاني على قدم وساق وفقا للخطة التي وضعها الجيش، وسط توجه لدفع الأمور نحو تفعيل عمل لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار، والتي لم تقم حتى الآن بالمهام المطلوبة منها، أو على الأقل ما كان يعلق عليها من آمال. ويأتي ذلك في وقت تنشغل الساحة السياسية باهتمامات أخرى من مشروع «الفجوة المالية» لتسوية وضع الودائع وآلية إعادتها إلى أصحابها، إلى قانون الانتخابات المرشح لأن يكون الشغل الشاغل في الأسابيع المقبلة بعدما اخرجته الحكومة من حضنها وألقته في ساحة النجمة، وسط جدل وخلاف يتفاعل يوما بعد يوم.

وقال مصدر نيابي بارز لـ«الأنباء»: «ارتفاع الأصوات المطالبة بإجراء الانتخابات في موعدها، ورفض أي تأجيل لا يدعو إلى الاطمئنان. فكل هذه الأصوات قد تكون إشارات على ان الانتخابات قد تكون غير حاصلة في الموعد المحدد. وتحاول هذه الأطراف من خلال المواقف الرافضة تبرئة نفسها من المسؤولية عن هذا التأجيل».

وأضاف المصدر: يمكن تقسيم القوى السياسية إلى ثلاثة محاور وهي: «الثنائي الشيعي، والمطالبون بتعديل قانون الانتخاب، وأخيرا الحكومة».

مطلبيا وبعد اعتصام العسكريين المتقاعدين الأربعاء الناضي أمام مقر الحكومة في بيروت للمطالبة بتحسين رواتبهم التقاعدية، انتقل التحرك إلى الشمال والبقاع ومناطق أخرى، ونفذ العسكريون المتقاعدون اعتصاما أمام مبنى المالية في حلبا عكار في شمال لبنان احتجاجا على الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يواجهونها، وللمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية وزيادة رواتبهم التقاعدية بما يتناسب مع غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار، وسط انتشار امني في المكان. كذلك كان اعتصام في ساحة شتورة في البقاع، وقطع لطريق رياق -بعلبك ولأوتوستراد بالما وطريق مصرف لبنان في طرابلس شمالا ولطريق الصفرا باتجاه جونية في ساحل كسروان قبل إعادة فتح الطرقات من قبل القوى الأمنية.