اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
لم تُخمِد وزيرة التربية ريما كرامي الجدل حول الخانة الثالثة لجنس الطالب، عندما حذفتها من الاستمارة الموزّعة على الطلاب، ذلك أن التداعيات لا تزال ماثلة في الأروقة السياسية والأكاديمية، ولم يبدّدها حذف الخانة.
اشتعلت الأزمة في آذار الماضي، عندما وزّعت وزارة التربية استبياناً على المدارس والجامعات، تضمّن في خانة جنس الطالب: ذكر، أنثى و أفضّل عدم الإجابة. سرعان ما طلبت كرامي حذف الخانة الثالثة في الاستبيان، موضحة في إطلالة تلفزيونية في 11 نيسان الماضي، أنه تم حذف خانة أفضّل عدم الإجابة فوراً في اليوم ذاته الذي وزّع فيه الاستبيان بعد أن تم تفسيرها بصورة مختلفة.
انقسمت الآراء والمواقف بين مؤيّد ومعارض لطرح هذه الخانة، فمنهم من رأى أن الوزارة أدخلت نموذجاً جندرياً على القاعدة التعليمية، واتهمتها بضرب قيم الأخلاق، ومنهم من وجد أنها صيغة متعارف عليها ومتداولة في جميع أنظمة الاستبيانات العالمية، إذ لا تسأل عن هوية جندرية ثالثة، بل تترك للمُستفتى حرية تحديد هذه الخانة.
بعيداً من المواقف المعارضة لعدد من النواب، لهذه الخانة والمفردات والتبريرات التي قدّموها، انطلق نقاش أكاديمي، حتى وإن ظهر خلال عرضها اختلاف في المقاربات، لكن يبقى كل ذلك ضمن إطار بحثي وعلمي.
خيارات معقدة
أعربت رئيسة الرابطة العربية للبحث العلمي في علوم الإعلام والاتصال الدكتورة مي عبد الله عن اعتقادها أن هذه الخانة متعلقة بفئة العمر، لأنه بإمكان الطلاب الناضجين (طلاب الشهادة الثانوية والجامعات) أن يختاروا خانة أفضّل عدم الإجابة لأنه يمكن أن تكون عندهم خيارات أخرى معقدة.
أما تلاميذ المدارس (الصفوف الصغيرة والمتوسطة)، فليس لديهم النضج الكافي والمعلومات حول المقصود بـ الخيار الثالث، لأنه بالنسبة إليهم الطلاب هم ذكر وأنثى، وهذه الخانة (كما هي موضوعة) توحي وكأننا نزرع في فكرهم أو نشغل بالهم بما هو المقصود بالخيار الثالث وماذا يعني، في وقت ليس لهذا الطالب في هذه الفئة العمرية أي معرفة بعد، وأي نضج بهذه القضايا.
من هنا، لا تحبّذ عبد الله إعطاء طلاب المدارس خيارات أخرى غير ذكر و أنثى، وترى أنه بالنسبة إلى الناضجين، من الأفضل أن نضع خيارات أخرى بدل عبارة أفضل عدم الإجابة، لأن هذه الصيغة أفضل لإيصال المعنى.
وتعلّق عبد الله على الحملة التي شُنّت على كرامي، بالقول: يجب ألا تكون حملة عشوائية وبالمطلق، بل على المحتجين أن يكون اعتراضهم قائماً على حجج وتفسيرات علمية وإقناعية، وأن يكون الهدف منه وضع النقاط على الحروف، أي تصويب الموضوع علمياً.
تنمّر وعنف
وتتوقف عبدالله عند الهدف الذي أشارت إليه كرامي، معتبرة أنه ربما يعكس بعض المشاكل عند الناضجين مثل تعرّضهم للتنمر. كما يجب الأخذ في الاعتبار أن ثمة مخاطر تحيط بمن يجيبون عن الخانة الثالثة، لجهة تعرّضهم للتنمّر أو للعنف من قبل زملائهم.
وتختم عبد الله بالقول: من المحتمل أن تكون لدى بعض الطلاب ظروف معينة وما شابه، ولكن تربوياً لا تصح هذه الخانة لصغار العمر، وبالنسبة للتبرير الذي وضعته الوزيرة، لست مقتنعة به. هناك باحثون وأيضاً بعض من أولياء أمور الطلاب يرفضون كلياً وضع خيار ثالث غير ذكر وأنثى.
لا مشكلة جندرية
بدورها، تقول الاختصاصية في التحليل النفسي الدكتورة إيمان رزق إن كرامي لطالما أوضحت أن الهدف من وراء الاستبيان هو التعرّف على المشاكل التي يتعرض لها الطلاب وعلى حاجاتهم... أستغرب لماذا رأوا أن هناك مشكلة جندرية؟ ولم يركزوا على مشاكل الطلاب ومطالبهم.
تتابع أنَّ المشكلة ليست هوية من يملأ الاستمارة، بل الأهم هو الوقوف عند مشاكل الجامعات والمدارس بغية تحسين وضع كل منها، ومن ثم وضع آليات جديدة للتعامل مع الطلاب، إذا تبين أن ذلك ضروري، وبعدها يقوم القيمون على هذه الاستمارة بدراسة ماهية وطبيعة الخطوات الكفيلة بتطوير طرق التعليم والتدريس، مشدّدة على أن القطاع التعليمي في لبنان يحتاج إلى هذا التطوير والتحديث.
وتشير رزق إلى أن كرامي تسأل عمّا إذا كان الطالب قد تعرّض للتنمر وعن حاجاته التعليمية وهذا الأهم... تضيف، بصراحة لم أجد في الاستمارة أي مشكلة جندرية أو علامة جندرية، بل ما يحصل هو لغاية في نفس يعقوب، وإسقاطات من المعترضين، وتحديداً السياسيين، على هذا الاستبيان.
ووفق رزق، عندما نعطي الموضوع أهمية من الناحية الجندرية، فهذا يخلق مشكلة، ولكن عندما نضيء عليه من الناحية التعليمية، لا تعود مشكلة بل طريقة لحلّ المشاكل التي يعاني منها الطلاب.
وترى أن هناك نماذج من اللبنانيين يحتاجون إلى تطوير عقولهم وفكرهم، من المفترض أن ننظر إلى الأمور بإيجابية وإلى كيفية وضع الحلول للمشاكل التي يتعرض لها الطلاب والتلاميذ.