اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٦ حزيران ٢٠٢٥
كتب صلاح سلام في 'اللواء'
الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية ليل أمس، هي بمثابة تصعيد إسرائيلي إستفزازي في «حرب الإستنزاف»، التي تجاوزت حدود الخروقات العادية لإتفاق وقف النار، وتحوّلت إلى عدوان شبه يومي، على العديد من المناطق اللبنانية بحجة إستهداف البنية العسكرية لحزب الله.
ولكن غارات الأمس تحاول في الواقع تحقيق أكثر من هدف مرة واحدة، وأبعد من مجرد إستهداف بعض مواقع الحزب، في أحياء الضاحية الجنوبية. وفي مقدمة تلك الأهداف زعزعة الإستقرار الهش في البلد، وتوجيه ضربة لجهود العهد والحكومة لإستعادة الثقة الخارجية بالوضع الجديد في لبنان، وإجهاض موسم الإصطياف والسياحة قبل أن يبدأ، بعد الأجواء التفاؤلية التي أحاطت بالإستعداد الرسمي والسياحي لإستقبال موسم صيف واعد.
تتوسع العربدة الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية، فيما المراوحة المحلية مستمرة في التعاطي مع ملف الإعتداءات الإسرائيلية، ونتائج الحرب المدمرة، بما فيها دور اليونيفيل وسلاح حزب الله، وما نص عليه إتفاق وقف النار بالنسبة لتولي الدولة اللبنانية فرض سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية.
يبدو أن الجهود الديبلوماسية التي لجأ إليها لبنان، وهي الخيار الوحيد المتاح راهناً، لم تنفع في لجم الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة، دون مراعاة أدنى الإعتبارات لمندرجات إتفاق وقف النار والقرار ١٧٠١. كما أن الإكتفاء بالحديث الرسمي عن حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، لم يعد يكفي أمام الأطراف الخارجية المعنية بالوضع اللبناني، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، التي تغطي العمليات العسكرية الإسرائيلية، في إطار الضغط على الدولة اللبنانية للتحرك بوتيرة أسرع لإنهاء ملف سلاح الحزب، وفرض حصرية حمل السلاح بالدولة، كما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري.
كما أن الإعتداءات الإسرائيلية تُصعّد الضغوط على حزب الله، لوقف ما تبقى من نشاطه العسكري، وإستهداف ما يزعم العدو أنه مستودعات أسلحة وذخيرة وأنفاق للحزب، الذي يُطالب قادته بالإنسحاب الإسرائيلي وإطلاق الأسرى وإطلاق ورشة الإعمار قبل البحث بملف السلاح.
إن الرد اللبناني الحاسم على هذا العدوان الإسرائيلي، يكون بتعزيز جبهتنا الداخلية أولاً. ثم الإعلان عن بدء الحوار الجدّي بين الدولة والحزب للبحث في إجراءات حصرية السلاح بالدولة اللبنانية، وذلك لنزع الذرائع من العدو الإسرائيلي في البقاء في التلال الحدودية، والإستمرار في إعتداءاته اليومية على المناطق اللبنانية.
ومن خطوات الرد العملي إيضاً على العربدة الإسرائيلية في الأجواء اللبنانية، توثيق الإنجاز الذي حققه الجيش اللبناني جنوبي الليطاني، بشهادات من قوات اليونيفيل والملحقين العسكريين العاملين في لبنان، وإحاطة مجلس الأمن الدولي والأمانة العامة للأمم المتحدة بتفاصيل ذلك، لدحض المزاعم الإسرائيلية أمام العالم.
المطلوب التحرك اللبناني بسرعة المخاطر التي يتعرض لها البلد، ولو اقتضى ذلك وضع جدول متزامن بين تقدم الحوار بين الدولة والحزب من جهة، وخطوات متوازية من الجانب الإسرائيلي تقضي بوقف الخروقات اليومية، وبرمجة الإنسحابات من المواقع الحدودية، وإطلاق أسرى الحرب، من جهة أخرى.
لبنان في دائرة الخطر من جديد، مما يتطلب مبادرات وقرارات جريئة بمستوى مواجهة الخطر الداهم.