اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٤ أذار ٢٠٢٥
عقدت الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز اجتماعا استثنائيا موسعا لها في دار الطائفة في بيروت، برئاسة شيخ العقل الشيخ سامي ابي المنى، ومشاركة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وأعضاء المجلس ومشايخ، وذلك لبحث تطورات الأوضاع في سوريا.
وبعد كلمة افتتاحية وترحيبية من امين سر المجلس المحامي رائد النجار، القى شيخ العقل كلمة قال فيها: «نلتقي اليوم في جلسة استثنائية للهيئة العامة للمجلس المذهبي، درجنا على الدعوة إليها كلّما استشعرنا خطراً يُداهم، وعند كل مفترق طرق أمني أو اجتماعي أو سياسي، ودائماً بالتشاور والتنسيق مع معالي الأستاذ وليد جنبلاط. نلتقي لنواجهَ التحدّيات معاً برؤيا واضحة ومقارَبة مدروسة، وبروحٍ من التضامن ووحدة الموقف، في خضمِّ متغيّراتٍ ومخطّطات تحاك للمنطقة بأسرها، وعلى الأخصّ ما كان يُعرَف ببلاد الشام، من لبنان إلى سوريا وفلسطين والأردن، حيث وجودُ الموحّدين الدروز وتاريخُهم وتراثهم».
أضاف: «إذا كانت أحداثُ الواقع المتسارعة تُنذر بمتغيراتٍ محتّمة، إلا أننا معنيُّون بالحفاظ على ثوابتنا الوجودية بالرغم من المتغيِّرات، وهي ثوابتُ تتعلَّق بالأرض والمجتمع والدين، لأنه مهما عظُمت التحدّيات ومهما أُجبرت الطائفة على التكيُّف مع المستجدّات، فإنها لن تتخلّى عن ثوابتِها الوجودية، فالأرض ثابتٌ لا يمكن المساومةُ عليه، والقيم الاجتماعية المعروفية ثابتٌ لا يجب أن نفرِّط به، والدين ثابتٌ روحيٌّ راسخٌ لا غنى لنا عنه. أمّا التجذّر بالأرض فيعني الإخلاصَ للوطن والمشاركة في بنائه وصونه، والتمسُكُ بالقيم الاجتماعية يعني التربيةَ على الأخلاق المعروفية الأصيلة والحفاظَ على التماسك الاجتماعي، والتعلُّقُ بالدين يعني تغذيةَ الروح الإيمانية وصونَ الهوية الروحية من الضياع في عالَمٍ متقلِّبٍ ومتحرّر. فإذا كان الواقعُ اللبناني يتَّجهُ نحو مرحلةٍ جديدة من التغيير لبناء الدولة وحفظ الكيان، فهل ذلك يعني أن نغيِّر ثوابتنا؟ أم يعني التكيُّفَ معَ المتطلبات الوطنيّة؟ ونحن الأشدُّ حرصاً على قيام الدولة العادلة الجامعة، والأكثرُ تعلُّقاً بالوطن والتصاقاً به دون سواه، وهكذا هو الأمرُ في ما يتعلَّق بالقيم الاجتماعية والعقائدِ الدينية والممارسة الروحية، فإننا نزدادُ تعلُقاً وتعمُّقاً بها كلَّما تعاظمت موجاتُ الإلحاد والتكفير والتمدُّن الأعمى والانحراف عن سُنن الحقِّ ومبادئ الإنسانية، لأن الحفاظَ على الهويّة الوجودية للموحدين الدروز مرتبطٌ بالحفاظ على هذه الثوابت وبعدم التفريط بها واحدة تلو الأخرى فنفقد تميُّزنا ونخسرُ الذهبَ الاحتياطيَّ الذي تركه لنا أسيادُنا وأجدادُنا، والذي نغتني به ونُحسَدُ عليه. وإذا كنّا اليومَ نخرجُ من حربٍ مدمِّرة على مستوى لبنانَ، ونحاولُ أن نلتقطَ الأنفاسَ في ظل انسحابِ العدوِّ الإسرائيلي من أرض الجنوب، إلّا أننا ما زلنا نعاني من آثار تلك الحرب، ونشعر مع أبناء الجنوب والضاحية والبقاع الذين فقدوا أغلى الناس والممتلكات، ونستبشر خيراً بالعهد الجديد والحكومة الجديدة، ونأمل بعودة الجميع للالتفاف حول الحالة الوطنية، أي حول الدولة ومؤسساتها، وحول الجيش اللبناني ودعمه ليتمكن من القيام بالواجب».
وقال: «إنّ الموحِّدين الدروز رفضوا ويرفضون القولَ بحقوقِ الأقليات ويُصرُّون على وحدة أوطانهم، وأوّلُها وحدةُ سوريا، وعلى أن حقوق السوريين يجب أن يضمنها دستورٌ عصريّ ونظامٌ ديمقراطي وقوانينُ وضعيّة تكرِّس الدولةَ الوطنية الجامعة، وعلى أحرار سوريا، وأحفادُ سلطان باشا الأطرش في طليعتهم، أن يَحذروا من الانجرار إلى الفوضى التي يريدُها الأعداءُ لهم، وألّا يقبلوا بالانعزال عن محيطهم العربي والإسلامي ولا ينجرفوا مع المخطّط الاسرائيلي الذي يهدف، كما يبدو، إلى تقطيع أوصال سوريا تمهيداً لتفتيت العالم العربي وإضعافه، وهذه مسؤوليةٌ ملقاةٌ على العرب ليتصدُّوا لذلك المشروع التخريبي قبل فوات الأوان، كما قال بالأمس وليد جنبلاط في مؤتمره الصحفي متقدِّماً في تحذيره وموقفه على الجميع».