اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
مع بداية كل خريف، ينطلق موسم الصيد البري في لبنان. ومع طلوع كل فجرٍ، يتردّد صدى الرصاص في الوديان. مشهدٌ سنويٌّ تنتظره شريحة من هواة الصيد، مشهدٌ لا تردعه القوانين ولا يحدّه الغلاء.
هواية الصيد البري هي جزء من التراث الشعبي، وقد تحوّلت اليوم إلى وسيلة للترفيه وللهروب من ضغوط الحياة. هي جمعةٌ مع الأصدقاء حول النار مساءً، هي حوارات ودردشات حول طاولة القهوة صباحاً.
'الصيد مش مجرّد هواية'، هذا ما قاله شاب من بعلبك، الذي يمارس الصيد أسبوعياً مع أصدقائه. وأضاف أن 'الصيد هو وسيلة للهروب من ضغط العمل والواقع الاقتصادي. عندما نحمل البندقية ونستمتع بهدوء الطبيعة بعيداً عن الفوضى والهمّ، نشعر براحة نفسية'.
الصيد البري، الذي يجمع بين متعة الطبيعة وروح المغامرة، يحتلّ مكانةً خاصة في قلوب الكثير من اللبنانيين، لكنه في الوقت نفسه يثير قلق البيئيين الذين يحذّرون من مخاطره على الحياة البرية.
وكان قد أصدر وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار تعميماً موجهاً إلى المحافظين والأجهزة الأمنية، يشدد على ضرورة تطبيق قرار منع الصيد البري في جميع المناطق اللبنانية، استناداً إلى كتاب وزارة البيئة، الذي يؤكد أهمية حماية الطيور المهاجرة. كما طلب الحجار مطاردة المخالفين وتنظيم محاضر ضبط حيالهم، وشدد على حظر استخدام الوسائل غير القانونية في الصيد.
من هنا، أكد مصدر في وزارة الداخلية والبلديات لـ 'الديار' أن 'الوزارة أرسلت الكتب إلى الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة'، لافتاً إلى أن 'الوزارة تتابع الموضوع للتشدد في تطبيق قرار منع الصيد البري في لبنان'.
إلا أن، ورغم هذا القرار، المخالفات مستمرة. لا تزال صور الطيور المقتولة تنتشر على وسائل التواصل الإجتماعي، كما تواجه الجهات المسؤولة تحديات في المراقبة، فتبقى القوانين حبراً على ورق.
من جهة أخرى، عبّر أحد الصيادين المخضرمين أن 'طلقة الخرطوش صارت بتوجّع'، لكنه أشار إلى أن 'صوت الطير يُنسي ثمن كل خرطوشة'. وأضاف: 'ننتظر موسم الصيد طوال العام، نصرف الكثير من المال، لكن هذا المبلغ نصرفه مرة في السنة'.
في هذا السياق، أوضح السيد إيلي، صاحب متجر لبيع مستلزمات الصيد، أن 'كلفة الصيد لم تعد اليوم بسيطة، إذ يبلغ سعر علبة الخرطوش الواحدة ما لا يقل عن 18 دولاراً، فيما يصل سعر الصندوق إلى نحو 180 دولاراً'. ورغم الميزانية المرتفعة التي يتحمّلها الصياد، إلا أنه لا يتخلى عن هذه الرحلة السنوية.
يرى البعض أن منعهم من الصيد يهدد هواية ورثوها من آبائهم وأجدادهم، أما البعض الآخر فيغامر بالصيد غير الشرعي رغم مخاطره. هكذا تتقاطع روايتان: رواية تعتبر حماية الطيور أولوية تتجاوز حدود لبنان، وأخرى ترى أن الصيد المنظم وفق ضوابط علمية لا تتناقض مع حماية البيئة. بالتالي، الإهمال يسيطر على هذا المشهد، إذ تزداد سنوياً الإصابات والوفيات نتيجة إطلاق النار العشوائي، كما يرتفع عدد البنادق غير المرخّصة، وتُقتل أنواع من الطيور يُمنع اصطيادها.
وبين الحفاظ على الهواية وحماية البيئة، تبقى الطيور المهاجرة ضحية الفوضى.











































































