اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
في زمن تداخلت فيه الحسابات بالانتماءات، وتشابكت فيه الأهداف بالمصالح، تبقى بعض الأماكن عصيّة على الاختراق، تقف كالصخر في وجه رياح التبدّل. جزين، هذه المدينة العريقة، ليست مجرد بلدة جبلية ذات جمال طبيعي فريد، بل هي خزان من القيم، والكرامة، والسيادة. هي الذاكرة الحيّة للصمود، والقرار الحرّ، والموقف النقيّ.
وفي معركة كهذه، لا مكان للحياد، ولا ترف للتردّد. لأن الأمر ليس مجرد استحقاق انتخابي عابر، بل محطة مفصلية في مسار يحدّد شكل الحضور السياديّ في المنطقة.
نحن أبناء جزين، ولسنا عنها غرباء. نحن من ترابها، من مائها، من تاريخها المقاوم. لم نأتِ إليها بطموح سلطوي، بل خرجنا منها بنداء واجب.
إن القرار في جزين لم يكن يوماً سلعة تباع وتشترى، ولم تكن الكرامة فيها ورقة تفاوض سياسي. من يعرف جزين حق المعرفة، يدرك أنها لا تحتمل الولاءات المُعلّبة ولا الرايات الصفراء المُستوردة. فهي التي عرفت الحرية قبل أن تُختزل الكرامة بشعارات.
إلى أهلنا في جزين وعين مجدلين، في هذه اللحظة الدقيقة، نوجّه النداء من القلب: لا تنخدعوا بمن أرهق آذانكم بالوعود، ولم يُفِ بواحدة منها. لا تعيدوا تسليم مصيركم لمن خان الثقة مراراً، ثم عاد ليطلبها من جديد بأسماء وشعارات مستعارة.
لقد آن الأوان أن يُمنح الصوت الحر فرصة جديدة، فرصة نابعة من إرادة مستقلّة، لا من تسويات فوقية ولا من صفقات معلبة. صوت ينبع من الناس، لا يُفرَض عليهم.
ونعلم أن البعض قَبِل بالمال السياسي، بفعل ظروف اقتصادية قاهرة، خلقتها السياسات نفسها التي تعود الآن لتتاجر بها. لهؤلاء نقول: نحن لا نحاكمكم، بل نراهن على ضميركم. فخلف العازل، أنتم أحرار. وكما قال غسان الرحباني بمرارة الواقع وسخرية الصدق: اقبض منو… وانتخب ضدّو.
ولا تسمحوا لمن يراهن على نتائج محسومة، أن يغرز علم حزبه في وسط جزين ويعلنها قلعة حزبية له. جزين ليست للبيع، ولا ملعباً للولاءات المؤقتة.
راقبوا كيف اجتمع الأضداد… من لم يجتمعوا يوماً تحت سقف، وحين اجتمعوا، لم تجمعهم إلا غاية واحدة: كسر المشروع السيادي في جزين.
لائحة لا يوحّدها مشروع إنمائي، ولا رؤية سياسية، بل لائحة تصفية حساب، لا أكثر.
فلا تمنحوهم فرصة النصر المصطنع، ولا تتركوا لهم مساء السبت مساحة للشماتة. واجعلوا من هذه الانتخابات نقطة تحوّل، تعيد القرار إلى أهله الحقيقيين، وترسّخ أن جزين بما تعنيه في السريانية من الخزان لا تزال خزان السيادة، والإرادة، والكرامة.
نعم، الانتخابات هذه المرة تُجرى استثنائياً يوم السبت بدلاً من الأحد، لكن لا تخرجوا مباشرة إلى الاقتراع… بل مرّوا أولاً على الكنائس.
ادخلوا بيوت الله، صلّوا، قدّسوا، واطلبوا نور الحكمة. لا تملّوا من الرجاء، ولا تيأسوا من صوت الحق. اقرعوا الأجراس،
أشعلوا شمعة على نية جزين ومجدلين وعينها،
شمعة على نية من بقي صادقاً مع تراب هذه الأرض، رغم الجراح.
صوموا على نية مستقبل واعد، وانتخبوا لا باسم الزعيم، بل باسم الضمير.
انتخبوا لا صدى بعض الأحزاب المجربة، بل صوت الناس.
فمن الكنيسة إلى العازل، درب واحدة: درب الإيمان، درب الحرية، درب الكرامة.
كونوا حراس جزين الأبيّة، حراس وفائها، حراس قرارها الحر.
احموا الصوت السيادي من التزوير، من الرشوة، ومن التدجين.
فجزين تناديكم… فلا تُخيّبوا النداء.