خاص ـ رسائل بين بري وجعجع.. لا مقايضة على رئاسة الجمهورية

تسلّطت الأضواء ما بين الأيام الأخيرة من العام 2023 المنصرم والأولى من مطلع العام 2024، على الرسائل المتبادلة بين معراب وعين التينة، وإن بشكل غير مباشر، ومحورها ما دأبت أوساط الممانعة، خصوصاً 'الحزب'، على تسريبه منذ فترة عن 'رغبات' ومساع للمقايضة بين تطبيق القرار 1701 ومنح 'الحزب' رئاسة الجمهورية كجائزة ترضية. هذا على الرغم من أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، حاول نفي 'تهمة' صفقة المقايضة 'المتمنّاة' من الممانعة عنها، ووضعَها في خانة 'البعض' الذي 'يلجأ للترويج عن وجود صفقة تقضي بمقايضة تطبيق القرار 1701 برئاسة الجمهورية بأن تكون من نصيب 'الحزب'، من دون أن يُخفى على أحد بطبيعة الحال أن بري قصد بالدرجة الأولى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فضلاً عن سائر أطراف المعارضة التي حسمت أمرها بالتصدي مهما كان الأمر لأي محاولة مقايضة على رئاسة الجمهورية.

جعجع كان أكد عشية العام المنصرم، مع توالي التسريبات عن رسائل من 'الحزب' للمجتمع الدولي حول انفتاحه على مقايضة مشابهة، أن 'رئاسة الجمهوريّة ليست جائزة ترضية، لا على مستوى الوضع الداخلي ولا لجهة المعادلات الإستراتيجيّة'، مشدداً على أن 'مطلبنا الوحيد هو أن يكون رئيس الجمهورية العتيد رئيساً فعلياً بكل ما للكلمة من معنى، وليس مجرد صورة تعلّق في قصر بعبدا، وبالتالي لن نقبل الإتيان برئيس للجمهورية يؤمن الإستمرارية للأوضاع الراهنة'، ومؤكداً أن 'لا علاقة لتطبيق الـ1701، لا من قريب ولا من بعيد بسدّة الرئاسة، فمن يريد تطبيق أي مسألة، إما أن يكون مقتنعاً بها أو لا، ومن يريد أن يعطي بديلاً لشيء من الممكن تحقيقه، ليعطه من 'جيبه' لا من 'جيبنا'، الأمر الذي نرفضه على الإطلاق'.

لكن هل يكفي إعلان بري 'تمسُّكه أكثر من أي وقت ببقاء القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان 'يونيفيل' لمؤازرة الجيش اللبناني بتطبيق القرار 1701، وقوله نحن لا نفرّط بمتر واحد من الجنوب أو من الأراضي اللبنانية في مقابل حصولنا على أعلى المناصب في الدولة'، لنفي رسائل الممانعة المسرّبة، وتحديداً 'الحزب'، عن رغبته بإجراء صفقة مقايضة على رئاسة الجمهورية، وإقناع الأطراف الأخرى بصدق النوايا حول عدم وجود أي محاولة للربط مع تنفيذ القرار 1701 انطلاقاً من المصلحة اللبنانية وإبعاد شبح الحرب الشاملة عنه؟ هذا بغض النظر عن استحالة قيام صفقة مماثلة.

مصدر بارز في المعارضة، يقول لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني: 'حبّذا لو أن كلام بري يكون منطلقاً من أسس واقعية وتفاهم بين أطراف الممانعة على التسليم بوجوب تطبيق القرار 1701 من الجانب اللبناني بكل مندرجاته، ما يضع لبنان في موقع أفضل لجهة التزامه بالقرارات والشرعية الدولية. خصوصاً لناحية تسليم الجيش اللبناني مسؤولية الحفاظ على الحدود الجنوبية وعدم وجود أي سلاح غير شرعي ما عدا سلاح الجيش وقوات يونيفيل في منطقة جنوب الليطاني بحسب نص القرار'، معتبراً أننا بذلك 'ننزع أي حجة ونمنع وجود أي ذريعة بيد إسرائيل للاعتداء على لبنان وتوسيع رقعة الحرب وتنفيذ تهديداتها ضد لبنان، وتصبح هي المدانة بنظر المجتمع الدولي والشرعية الدولية إن قامت بخرق القرار 1701'.

المصدر ذاته، يرى أن 'موقف بري حول تنفيذ القرار 1701 من الجانب اللبناني ونفي وجود رغبة بإجراء مقايضة بين تطبيقه ومنح رئاسة الجمهورية لـ'الحزب'، يمكن أن ينظر إليه بإيجابية في حال اقترنت الأقوال بالأفعال. بالتالي، فليوجَّه الكلام لـ'الحزب' لا لجعجع ولا لغيره من أطراف المعارضة لأن العقدة عند الأول لا عند المعارضة. ولتبدأ الدولة اللبنانية فوراً بتنفيذ القرار 1701 من جانبها ويستلم الجيش وقوات يونيفيل منطقة الجنوب، ويخرج 'الحزب' بسلاحه من منطقة عمليات القرار 1701. كذلك لتبدأ مشاورات جدية وفعلية حول وجوب إنهاء الشغور القاتل في رئاسة الجمهورية وفقاً للدستور، وإعادة الانتظام العام للدولة ومؤسساتها المنهارة والمشرفة على التفكك والتحلل الكامل، وليتوقف تعطيل نصاب جلسات الانتخاب، وإلا يكون الكلام مجرد كلام لا يُصرف في أي مكان'.

كما ينوّه المصدر البارز في المعارضة، إلى أن 'محاولات 'الحزب' لإتمام صفقة حول رئاسة الجمهورية، سابقة لمسألة إعادة تسليط الضوء على وجوب تطبيق القرار 1701 لحماية لبنان من انعكاسات حرب غزة وتجنيبه الحرب الشاملة وكوارثها'، مذكّراً بـ'الصفقة الفاشلة التي سعى إليها الحزب منذ الأيام الأولى للفراغ الرئاسي من خلال محاولة مقايضة رئاسة الجمهورية له برئاسة الحكومة للمعارضة، والتي شكلت عنواناً للمبادرة الفرنسية لأشهر طويلة، قبل أن تسقط بفعل ثبات مختلف أطياف المعارضة وفي مقدمتها القوات اللبنانية بالتصدي لتلك المحاولة وطي صفحتها ودخولنا في مرحلة جديدة تحت عنوان 'الخيار الثالث'.

بالتالي، يضيف المصدر عينه: 'الكرة في ملعب الممانعة، والمطلوب من بري المبادرة إلى ترجمة موقفه الأخير المعلن حول القرار 1701 ورئاسة الجمهورية على أرض الواقع، فوراً. أما من ناحية سائر أطياف المعارضة ومن ضمنهم جعجع، فهي لطالما أبدت استعدادها لأي طرح جدي بعيداً عن المناورات والطروحات غير الفعلية، سواء لجهة مطالبتها الدائمة بوجوب احترام وتطبيق القرارات الدولية كافة، أو لناحية تطبيق الدستور والذهاب فوراً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وعودة الانتظام العام للبلاد للبدء بالخروج من الأزمة'.

'من هنا، لتبدأ ترجمة الأقوال إلى أفعال منذ اليوم قبل الغد'، يتابع المصدر البارز في المعارضة، لافتاً إلى أن 'جعجع لطالما أبدى انفتاح القوات على أي طرح جدي لمعالجة مختلف الملفات والقضايا'، ومشيراً إلى 'تأكيد جعجع على أن القوات مستعدة للعب الدور نفسه في الاستحقاق الرئاسي على غرار الدور الذي لعبته في التمديد لقائد الجيش جوزيف عون، حيث تمتعت بدور مركزي في هذه القضية وكانت رأس الحربة والقاطرة الرئيسية له، وهي لم تكن الوحيدة التي سعت في هذا الاتجاه وتمكّنت مع الآخرين من إبقاء الإستقرار في المؤسسة العسكرية وقوى الأمن الداخلي، والقوات على كامل الاستعداد، وسنقوم بكل ما يمكننا القيام به في سبيل إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، ولكن لدينا مطلب واحد: أن يكون الرئيس المقبل رئيساً'.