اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٠ أب ٢٠٢٥
خلال لقاء على إحدى المحطات الإعلامية، نقل الصحافي المقرب من حزب الله قاسم قصير حديث مسؤول أمني كبير في الحزب، عن وجود خطأين كبيرين ارتكبتهما قوى الممانعة في لبنان والمنطقة: الخطأ الأول، هو عدم تطور الجسم الأمني في هذه القوى مع تعاظم الجسم العسكري وانتشاره. والثاني، شمول بعض من تولوا العمل الأمني والعسكري أعمالًا سياسية واقتصادية وإقامة علاقات عامة.
لا شك أن ما حصل من خيبات لهذه الجماعة على الصعيد العسكري، بُررت بخرق أمني تقني أو بشري سلطت الضوء على المنظومة الأمنية لـ حزب الله التي كانت مفخرة هذه الجماعة وقوة الدفع للعمل العسكري والسياسي والاجتماعي والثقافي.
لمحة تاريخية
تحدث تقرير ورد في إحدى الدوريات اللبنانية في أواخر عام 1989 تحت عنوان تقرير سري يكشف كل شيء عن حزب الله، عن أهمية جهاز الأمن عند هذه الجماعة والذي يتمتع بموقع رئيسي ويتصرف بنصف الموازنة السنوية لـ الحزب التي كانت تقدر وقتها بحوالى 150 مليون دولار، ويعتبر الماكينة الأكثر فعالية واهتمامًا ويدير كل الشبكات الاستخبارية في الداخل والخارج والتصفيات والرهائن الأجانب وأسرى العدو الإسرائيلي الذين كان يعود بت أمورهم إلى رئيس الجهاز ومجموعة من ضباط الاستخبارات الإيرانية، وكان هذا الجهاز يعمل جغرافيًا وفق التقسيم الآتي:
الضاحية الجنوبية حيث مركزية الأمن، وتشرف على خمس مناطق مقسمة على الشكل التالي:
- الجنوب
- البقاع
- بيروت الشرقية، الحزام الأمني
وكانت أقسامه الجهازية على الشكل التالي:
- الجهاز الخاص بالكفار (اليهود، الأجانب، المسيحيين)
- الجهاز الخاص بالخوارج (السنة، شيعة أمل)
جهاز المؤمنين (أمن الحزب، أمن المشايخ، أمن السنة الموالين)
التطور والتنظيم
مع نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، وبسط النفوذ السوري هيمنته على هذه الساحة كجائزة لمشاركته ودعمه عملية عاصفة الصحراء عام 1990 لتحرير الكويت، تقلص الدور الأمني لـ حزب الله على صعيد الداخل وتوسع جنوبًا في مقارعة الجيش الإسرائيلي، وخارجيًا من خلال العمليات الأمنية في الخارج، وبالتالي كان العمل العسكري والأمني لـ الحزب تحت الرعاية والنظر السوريين بمباركة ودعم إيرانيين خلال فترة التسعينات.
بعد وفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد وتحرير الجنوب عام 2000، بدأت تتغير المعطيات والتوازنات في المنطقة، ما سمح لـ حزب الله باكتساب نفوذ أكبر على الساحة اللبنانية بفعل ارتماء نظام بشار الأسد في الحضن الإيراني، ما مهّد لإعادة تفعيل وتطوير العمل الأمني لـ الحزب ولا سيما داخليًا. وتطور وتفاعل هذا العمل مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط 2005 وما رافقه من انسحاب سوري من لبنان في نيسان من العام نفسه، ما جعل حزب الله يركّز على تطوير جهازه الأمني وتفعيله على الساحة الداخلية، بعدما كان قد اكتسب خبرة وصيتًا في مواجهة إسرائيل وفي العمليات الخارجية. فتنوعت الوحدات وتعددت وكثرت مهامها على مختلف الصعد من متابعة ورصد والقيام بعمليات أمنية، وتخصصت ولا سيما بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 والمشاركة الفاعلة لـحزب الله فيها. وبحسب ما هو متوفر في المصادر المفتوحة يحوي الجهاز الأمني لـ حزب الله العديد من الوحدات المختصة أبرزها:
الوحدة 133، كما تسمى وحدة الأمن الإقليمي، ساحة عملها في الأردن ومصر وإسرائيل، من أعمالها الأمنية إنشاء خلايا وتجنيد عملاء لها في تلك المناطق.
الوحدة 900، وهي الوحدة الأمنية المتخصصة التي تنسق أعمال حزب الله في المناطق اللبنانية الخارجة عن سيطرة الحزب وفي إدارات وأجهزة الدولة اللبنانية.
الوحدة 910، أو وحدة العمليات الخارجية لـ حزب الله، هي إحدى وحدات النخب المغلقة، تتبعها خلايا منظمة في جميع أنحاء العالم وتقوم بعمليات أمنية، تحظى باهتمام بالغ وعناصرها مدربون بشكل مكثف على الصعيد الأمني والقدرات القتالية، ويعتبرها حزب الله وراعيه الإيراني مفخرة القوة الأمنية والعسكرية لديهما. بداياتها كانت مع بداية الحزب.
الوحدة 121، هي فرقة الاغتيالات في حزب الله التي تقوم بالعمليات الأمنية والتصفيات.
الوحدة 1000، وهي وحدة الحماية المركزية، المسؤولة عن حماية كل المقار الرئيسية لـ حزب الله، وهي وحدة خاصة يمكن أن تقوم بعمليات مداهمة وصدم، حسب ما ترتئيه حماية هذه المقرات. ومن مهام هذه الوحدة حماية أمن الشخصيات والمراكز الحزبية والمجمعات الدينية، إضافة إلى حماية الأنشطة والاحتفالات التي يقيمها الحزب في المناسبات الخاصة، وإجراء دوريات فضلاً عن تنفيذ مداهمات واعتقالات وإجراء عمليات أمنية خاصة، ولهذه الوحدة أقسام منتشرة في كافة المناطق التي يسيطر عليها الحزب، وقد تمددت نشاطاتها إلى الأراضي السورية.
الوحدة 1100، وهي وحدة الأمن الوقائي المعني بأمن الشخصيات والمسؤولين فى الحزب، وخصوصًا قادة الصف الأول، ويخضع عناصر هذا الجهاز لتدريبات مكثفة في مجال الحماية والمرافقة والمواكبة وطرق استخدام الأسلحة الفردية بشكل طارئ، وطرق تشكيل مواكبات أمنية.
وحدة الارتباط والتنسيق، تأسست بعد نهاية الحرب الأهلية، تتولى إدارة العلاقات بين حزب الله وسائر الأجهزة الأمنية في الدولة اللبنانية إضافة إلى الأحزاب والتنظيمات، ولها لجان أمنية منتشرة في كافة مناطق سيطرة الحزب، ويغلب على عملها الطابع الأمني، ويتولى مسؤوليتها وفيق صفا، ومرتبطة مباشرة برئيس المجلس التنفيذي.
لا شك أن الجسم الأمني لـ حزب الله تعرض لخلل أمني تقني وبشري خلال الحرب الأخيرة دون أن يقع، لكن ما هو واضح وأكيد أن مشروع تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية في لبنان أوجد وطوّر ونظّم جهازًا أمنيًا فاعلًا متميزًا وممنهجًا، أضحى له خبرة سنين طويلة في العمل الأمني وتعدى الحدود اللبنانية إلى الخارج إقليميًا ودوليًا، والسؤال الأهم هو، أين هي الدولة اللبنانية وإداراتها وأجهزتها من هذا الجهاز طوال هذه السنين وحتى اليوم، وما هو تأثيرها عليه، أم أنه هو المؤثر عليها؟