اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٤ نيسان ٢٠٢٥
لم تجرِ رياح التوافق في مدينة بعلبك على تشكيل لائحة موحدة تجمع العائلات والأحزاب كما تشتهي سفن «حزب الله»، وبعد محاولات لتمرير الاستحقاق الانتخابي بلائحة توافقية تُجنب المدينة صراعاً انتخابياً، سقط الخيار تحت وطأة تعقيدات داخلية واعتراضات متصاعدة، أفضت إلى قيام المعارضة بتشكيل لائحة تعيد إلى الواجهة دينامية سياسية غابت منذ العام 2016.
لطالما سعى «حزب الله» بدعم من حليفه حركة «أمل» إلى ضبط الإيقاع الانتخابي في بعلبك الهرمل عبر توافقات محلية تضمن فوزاً مضموناً للوائحهما من دون خضات مع العائلات والعشائر، مستفيداً من الواقع السياسي والعسكري المستجد خلال الفترة الأخيرة، ومن شبكة خدماته الواسعة. غير أن تراجع الأداء البلدي والخدماتي خلال السنوات الأخيرة، فتح الباب أمام أصوات معترضة على طريقة التعاطي تلك، لا سيما ضمن البيئة الشيعية، وعلى الأسلوب الذي تدار به البلديات منذ سنوات، وتحميله مسؤولية الإخفاقات مطالبةً بوجوه جديدة وتغيير حقيقي، من دون المساس بالقضية الأساس التي يحاول عبرها «الحزب» الدخول إلى زواريب العائلات وهي المقاومة، فهي محط اتفاق داخل البيئة.
فشِل مشروع اللائحة التوافقية بعد إصرار «حزب الله» على تكرار السيناريو نفسه الذي يتمثل بتقسيم ولاية المجلس البلدي والاتحاد بين العائلات، وترسيخ العرف الذي يدخل عبره «الحزب» إلى داخل المكونات البعلبكية تحت مسمى حفظ الحقوق، وإغفال تقديم النوعية والجدارة على الكمية والمحاباة، في وقتٍ رضخ للأمر الواقع في بلداتٍ أخرى سيما بلدة بريتال، وأرسى تفاهماً وصل بموجبه منافس «الحزب» الأول إلى الرئاسة ولمدة ست سنوات، وذلك تجنباً لمعركة تؤكد الأوساط البريتالية أنها خاسرة. كلها أسباب دفعت بالمعارضة على اختلاف تركيبتها الطائفية إلى تشكيل لائحة لم تتضح بعد معالمها النهائية، وضعت لنفسها عدة عناوين من الإصلاحات والمشاريع، تسعى من خلالها إلى نيل ثقة الناخب البعلبكي، ومستفيدة من المزاج المتململ الذي يطالب بكسر هيمنة اللون السياسي الواحد على المجلس البلدي.
رسمياً، أعلن «حزب الله» اسم اللائحة التي يخوض بها المعركة «لائحة التنمية والوفاء في بعلبك» ووزع رئاسة بلدية بعلبك والاتحاد على أربع عائلات بعلبكية، ولا تزال المراوحة في اختيار الأسماء النهائية لاكتمال عقد اللائحة المكونة من واحدٍ وعشرين عضواً تنتظر الحسم، وهو أمرٌ يرجِعه «الحزب» إلى تكتيكات انتخابية، وفي سبيل ضمان أكبر تمثيل للعائلات للحصول على العدد الوافي من الأصوات لتأكيد الفوز، في حين ينسبه البعض إلى تعثر لدى «الحزب» في تقديم لائحة تنال رضى الهوى البعلبكي والشعبي، وخلافات حول اختيار الأشخاص ضمن عائلاتهم، كذلك الأمر الصيغة التي أرساها بالطلب من العوائل تقديم ثلاثة أسماء له ليتم اختيار اسمٍ منها، وهو ما أثار حفيظة كثيرين لكونه يمس بحرية الاختيار والعودة إلى المربع الأول باختيار «الحزب» من يرضى عنه، أو من يكون حزبياً في الأصل.
من جهتها، تخوض المعارضة المعركة بلائحة تحمل اسم «بعلبك مدينتي» من دون الاتفاق المسبق على من يترأس اللائحة، وصولاً إلى ترؤس المجلس البلدي في حال الفوز، وهو ما يضعه البعض في خانة الضعف وربما لعدم الاتفاق على اسم كون المتنافسين كثراً، في حين أن السلامة الانتخابية تقتضي الإعلان عن ذلك مسبقاً، تجنباً لمعركة ضمن المعارضة نفسها إذا كتب لها الفوز ونقل الخلاف إلى أروقة المحافظة عند انتخاب الرئيس. فيما تصنّف المعارضة ذلك تحت مسمى الوحدة والتضامن، وعدم وجود رأس أو شخص يفضل على آخر، فالكل يسعى إلى الفوز بوجه لائحة الثنائي مترفعاً عن الحصص.
هي مواجهة قد تعيد للانتخابات البلدية في بعلبك بعضاً من زخمها، وتحوّلها من استحقاق شكلي إلى مساحة للتعبير السياسي والاجتماعي، وبخاصة إذا نجحت المعارضة في صياغة برنامج واقعي وإقناع الناس بقدرتها على التغيير. وتبقى الأيام القادمة كفيلة بتحديد شكل المعركة: هل ستتحول إلى مواجهة جدية على مستوى المدينة؟ أم سيحاول «الحزب» احتواء الموقف؟