اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٩ كانون الثاني ٢٠٢٥
لا تعرف حكومة تصريف الأعمال مِن أين تنهال عليها العصي. يتكفّل الإسرائيليون تارة و 'حزب اللّه' طوراً، بتهشيم السيادة وزعزعة الاستقرار والسلم الأهلي. مِن 'المنطقي' أن تفعل تل أبيب ما تفعله مِن نسفٍ وجرف وتدمير وقتل، بما أنها عدوّ. لكن ما هو مستغرب، أو بالأحرى ما لا يزال اللبنانيون يستغربونه، هو أن يُلحق 'حزب اللّه' الأذى ذاته، بالجسم اللبناني.
بين الواقعية ومصلحة اللبنانيين
وتقول أوساط سيادية لـ 'نداء الوطن'، إن 'حزب اللّه' أراد في الأيام الماضية، تذكير مَن يعنيهم الأمر على الساحة اللبنانية، بوجهه الحقيقي الذي يصادر فيه القرارات الكبرى مِن الدولة ويقفز فوقها، وهو ما فعله مثلاً بدفعه أهالي الجنوب للعودة إلى الجنوب، من دون استشارة الحكومة، وهي حكومتُه، أو الجيش. وهذا ما فعله 'الحزب' أيضاً، في شوارع العاصمة، حيث أراد إبلاغ خصومه ومعهم رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، مِن خلال أدواته القديمة، بأنه يعرف جيداً أخذ ما يريده، وبالقوة إذا اقتضى الأمر.
من هنا، تشير الأوساط إلى أن الرئيس جوزاف عون والرئيس المكلّف نواف سلام يقفان اليوم عند مفترق طرق. فبالدليل الدامغ والوقائع الملموسة، تبيّن أن 'حزب اللّه' لم يلاقِ اليد الممدودة، بيد ممدودة، بل بمسيراتٍ درّاجة وبإطلاق الرصاص في الهواء. وتبيّن أيضاً أن 'الحزب' لم يقتنع بعد بأن زمن تجاوز المؤسّسات الدستورية والجيش، قد ولّى، وأن تهوّره هذا أغرق لبنان في الحرب والدمار والاحتلال... فهل مِن مصلحة لبنان واللبنانيين، الاستمرار في مسايرة 'حزب اللّه' وفي استيعابه، تحت ذريعة الواقعية والسلم الأهلي؟
أكّد الجميع في الداخل لـ 'الحزب' أنه لا يريد إلغاءه أو إقصاءه، بل يريده شريكاً فعلياً في ورشة البناء والنهوض. غير أن 'الحزب'، استغلّ هذه الإيجابية ليتغوّل أكثر في مطالبه وشروطه، وليستمرّ في سياساته القديمة وكأنّ شيئاً لم يكن.
هل تُصوّب البوصلة؟
تتابع الأوساط أنه بينما الإسرائيلي لا يزال يحتلّ أرضنا، وعينُه على البقاء فيها حتى آذار المقبل، لا بدّ إذاً مِن مراجعة سريعة يجريها الرئيسان عون وسلام. ويحتاج تحقيقُ التحرير الكامل وبناء دولة قوية إلى تطبيقٍ جدّي لاتفاق وقف النار وللقرارات الدولية، أي إلى نزع السلاح على كامل الأراضي اللبنانية وحصره بيد الجيش اللبناني. كما يحتاج إلى حكومة غير خاضعة لإرادة 'الحزب'، قادرة على تنفيذ هذه الخطوات وعلى الإصلاح، وإلّا لن يكون هناك لا تحرير ولا إعمار ولا تعافٍ.
هل سيتمّ تصويب البوصلة ووقف المسايرة غير المجدية، سريعاً، قبل تفويت فرصة الخروج من الحفرة، التي تسنّت لنا بعد طول انتظار؟