اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ٨ أيار ٢٠٢٥
يُعد التهاب النسيج الخلوي في الجلد من الأمراض الجلدية الخطيرة التي لا يجب الاستهانة بها، فهو عدوى بكتيرية تصيب طبقات الجلد العميقة، وتنتشر بسرعة إذا لم تُعالَج بشكل فوري. وعلى الرغم من بساطة الأعراض في بداياته، إلا أن مضاعفاته قد تكون مهددة للحياة في بعض الحالات.
ينشأ التهاب النسيج الخلوي عادةً نتيجة دخول البكتيريا – وغالبًا من نوع العقدية أو المكورة العنقودية الذهبية – عبر شقوق أو جروح في الجلد، حتى وإن كانت صغيرة أو غير ظاهرة. بمجرد دخول البكتيريا، تبدأ بالتكاثر وتُحدث التهابًا في الأنسجة تحت الجلد، مما يؤدي إلى احمرار المنطقة المصابة، وانتفاخها، والشعور بألم حاد فيها. وغالبًا ما يصاحب ذلك ارتفاع في درجة الحرارة وإحساس عام بالإعياء.
تكثر الإصابة بهذا المرض في مناطق الجسم المعرضة للاحتكاك أو الإصابة مثل الساقين والذراعين، إلا أنه قد يصيب الوجه أيضًا، لا سيما لدى الأطفال وكبار السن. وتُعد بعض الفئات أكثر عرضة لخطر الإصابة، من بينها مرضى السكري، والمصابون بضعف في الجهاز المناعي، وأصحاب الجروح المزمنة أو تقرحات الجلد.
تشخيص التهاب النسيج الخلوي يعتمد بالدرجة الأولى على الفحص السريري، حيث يلاحظ الطبيب التورم والاحمرار وارتفاع حرارة الجلد في المنطقة المصابة. وفي بعض الحالات، تُطلب فحوصات دموية أو صور بالموجات فوق الصوتية لاستبعاد تكون خراج أو امتداد العدوى إلى طبقات أعمق.
يُعد العلاج الأساسي لالتهاب النسيج الخلوي هو استخدام المضادات الحيوية، حيث تُحدد طريقة الإعطاء – سواء عن طريق الفم أو الوريد – بناءً على درجة انتشار العدوى وشدتها. ففي الحالات البسيطة، يُكتفى بوصف مضادات حيوية فموية لمدة تتراوح بين 7 إلى 14 يومًا، مع متابعة دقيقة لتحسن الأعراض. أما في الحالات المتقدمة أو التي يصاحبها ارتفاع في درجة الحرارة، أو علامات تشير إلى احتمال وصول العدوى إلى الدم، فيُفضل إدخال المريض إلى المستشفى وتقديم العلاج الوريدي المكثف.
إلى جانب العلاج الدوائي، تُعتبر الراحة التامة ورفع الطرف المصاب من الإجراءات الداعمة المهمة، لما لها من دور في تقليل التورم وتحسين الدورة الدموية في المنطقة المصابة، مما يُسرّع من عملية الشفاء. كما يُنصح بتطبيق كمادات دافئة لتخفيف الألم وتليين الأنسجة المتصلبة، شرط عدم وجود خراج أو إصابة سطحية مفتوحة.
ولا يقل الالتزام الكامل بخطة العلاج أهمية عن الدواء نفسه، إذ إن إهمال تناول الجرعات أو إيقاف العلاج قبل اكتماله قد يؤدي إلى انتكاس الحالة أو تطورها نحو الأسوأ. من بين أخطر المضاعفات التي قد تنجم عن التهاب النسيج الخلوي غير المعالج هو انتشار العدوى إلى مجرى الدم، مما يؤدي إلى حالة تُعرف بتعفن الدم (Sepsis)، وهي حالة طبية حرجة قد تؤدي إلى فشل الأعضاء الحيوية وتتطلب رعاية مركزة فورية.
أما من ناحية الوقاية، فإن الخطوة الأهم تبدأ بالعناية اليومية بالجلد، والحفاظ على نظافته وسلامته، خصوصًا لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة مثل مرضى السكري أو من يعانون من ضعف في الجهاز المناعي. ويُنصح بالتعامل السريع مع أي جروح أو تقرحات، حتى لو بدت سطحية، وذلك بتنظيفها جيدًا وتعقيمها، ومراقبتها تحسّبًا لأي علامات للالتهاب. كما يُشدد على أهمية تجفيف الجلد بعد الغسل، وتجنب ارتداء ملابس ضيقة قد تسبّب احتكاكًا أو إصابات طفيفة.