اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب روجيه نهرا في 'نداء الوطن':
بدأت مظاهر الحياة تعود تدريجيًا إلى بلدة الوزاني بعد مرور عشرة أشهر على وقف الحرب الإسرائيلية ودخول اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ في السابع والعشرين من العام المنصرم، وتسعى البلدية الجديدة بإمكانياتها المتواضعة إلى تفعيل المرافق الحياتية فيها، وتوفير أبسط مقومات البقاء والصمود وتأمين ظروف العيش بسلام وأمان للعائلات التي عادت إليها بعد توقف المعارك العسكرية.
الوزاني هي آخر بلدة حدودية ملاصقة للكيان الإسرائيلي، يفصل نبعها عن بلدة الغجر المحتلة. بلدة صغيرة يعتمد سكانها على الزراعة وتربية المواشي، دفع سكّانها على مرّ السنين الماضية ثمن اختيارهم السكن في هذه النقطة 'الساخنة'، وكان آخرها 'حرب الإسناد'، حيث أقدمت إسرائيل على احتلال البلدة، وتهجير أبنائها وتدمير بناها التحتية، بحيث تراوح حجم الدمار الذي أصاب منازلها الـ 96 بين 46 منزلًا دمّرت تدميرًا كاملًا و 30 جزئيًا و20 أصيبت بأضرار متوسطة وخفيفة.
وأمام هذا الواقع المزري، تحاول بلدية الوزاني، تحسين ظروف الحياة في مرافقها من خلال المشاريع التي تساهم في عودة البلدة إلى ما كانت عليه قبل الحرب، وهي تشهد حاليًا حركة إعمار لمنازلها المدمّرة بعد رفع الركام والردميات عنها، وإعادة تأهيل بناها التحتية، بحيث تمّ إيصال الكهرباء والمياه إلى منازلها، وتعمل البلدية اليوم على تعبيد طرقاتها الرئيسية والداخلية، ويؤكد ساري الذياب رئيس البلدية أنه سعى والمجلس البلدي عبر اتصالات ولقاءات مكثفة مع كلّ الجهات المحلية والدولية ولا سيّما قوات 'اليونيفيل' والجيش اللبناني، إلى تأمين الاستقرار الأمني والاجتماعي للمقيمين في الوزاني بالإضافة إلى توفير مقوّمات الحياة، 'والحمدللّه نجحنا وخلال مدة زمنية قصيرة بإعادة الحياة إلى شرايين البلدة وأحيائها'.
وتمنى الذياب نهاية سريعة للوضع غير المستقر وعودة الأمن والاستقرار للمنطقة ولبلدة الوزاني، لأننا كما قال 'نحن شعب نريد السلام ونستحق العيش بحرية وأمن واستقرار وبحبوحة، لأن موقع البلدة الملاصق للحدود قرب بلدة الغجر المحتلّة، وتوالي الأحداث الأمنية اليومية قرب نبع الوزاني وفي محيطه جعلها في دائرة الضوء، تشغل القوى الأمنية و 'اليونيفيل' وتستقطب الإعلام المحلّي والأجنبي'.
أنشأت الدولة عند الطرف الشرقي للبلدة حيث ينبع نهر الوزاني، مضخة مياه دشنها رئيس الجمهورية آنذاك إميل لحود في 16/10/2002، لتغذي مختلف قرى المنطقة، عبر شبكة من الأنابيب تصل إلى مشروع 'مياه جبل عامل' أو 'مشروع الطيبة' ليُعاد توزيعها لاحقًا على باقي القرى وهذه الشبكة والمضخة دمّرهما العدو خلال الحرب عام 2023. مع الإشارة إلى أن النهر الذي ينبع من الأراضي اللبنانية إلى جانب الحدود، يتجه جنوبًا نحو ثلاثة كيلومترات، ليدخل بعدها الأراضي الفلسطينية المحتلة ويصبّ في بحيرة طبريا.
وعلى الرغم من كلّ الاستفزازات الإسرائيلية التي كانت تحصل قبل الحرب الأخيرة، فإن إرادة الحياة لدى أهالي المنطقة كانت الأقوى ولم تمنعهم من استثمار كل حبّة تراب من أرضهم، فبنوا المقاهي والمتنزهات على ضفة النهر التي كانت تشهد إقبالًا كثيفًا من أبناء المنطقة والزوّار، لكن المشهد تبدّل كليًا بعد الحرب بحيث تمنع إسرائيل أصحاب هذه الأماكن السياحية وكذلك الأهالي من الوصول إليها كما أنها أقدمت على العبث بمحتوياتها وتدميرها.
جغرافيًا تقع الوزاني على تلّة تشرف على نهر الوزاني ونبعه، ترتفع عن سطح البحر 500 متر، وتبعد 120 كيلومترًا عن بيروت. سكانها هم لبنانيون من الطائفة السنية، كانوا عربًا رحّلًا وفدوا إلى البلدة واستقرّوا فيها في أربعينات القرن الماضي (العشرين)، لذا تُطلق عليهم تسمية عرب الوزاني ويعتاشون من الزراعة بشقيها النباتي والحيواني. وتعود تسمية الوزاني إلى شجر الوزان الذي كان يحيط بالبلدة قديمًا، لكنه اندثر مع الزمن ولم يعد له أي وجود.
دفع أهالي بلدة الوزاني وما زالوا ثمن حروب الآخرين على أرضهم، وحان الوقت لإنهاء هذه الحالة الشاذة، فهم اليوم يتطلعون إلى حكم الدولة وحدها وبسط سيطرتها على كامل تراب الوطن، بقواها العسكرية والأمنية كافة، وإنهاء هذا الوضع المأسويّ الذي أصاب سكانها خلال 'حرب الإسناد' التي شنها 'حزب اللّه' ضد إسرائيل في الثامن من شهر تشرين الأول عام 2023.











































































