اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٤ حزيران ٢٠٢٥
يمكن القول إن زيارة وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى بيروت، اختلفت هذه المرة عما سبقها من زيارات المسؤولين الإيرانيين في العهد العهود المنصرمة. فقد أدرك الضيف الإيراني ومنذ لحظة وصوله إلى لبنان، أن هناك أسلوباً لبنانياً رسمياً جديداً في التعامل معه، في رسالة واضحة بأن العلاقات مع إيران، ما عادت كما كانت في السابق. أي أن لبنان لا يستطيع القبول أن يتم التعامل معه كتابع لإيران، وإحدى الدول التي تدور في الفلك الإيراني، على غرار ما كانت تفعله طهران مع ما كان يسمّى بـ«محور الممانعة». ويظهر بوضوح من خلال مواقف عدد من المسؤولين الرسميين الذين التقاهم الوزير عراقجي، أنهم أرادوا إيصال الرسالة إلى رئيس الدبلوماسية الإيرانية، بأن لبنان حريص على أفضل العلاقات مع إيران، وإنما على أسس نديّة ومتوازنة، انطلاقاً من اعتبار إيران دولة صديقة، على غرار العلاقات مع الدول الصديقة الأخرى. وهذا ما يفرض عدم التدخّل في الشؤون الداخلية لبلدين، خلافاً لما كان يحصل في الماضي، عندما كانت الديبلوماسية الإيرانية تتعامل مع لبنان، كذراع من أذرعها في المنطقة، على حساب سيادة ومصلحة اللبنانيين.
وفيما أسمع المسؤولون اللبنانيون الوزير الإيراني لغة جديدة، أسلوباً ومضموناً، فإن الأخير أدرك أن هناك مرحلة مختلفة بدأت تتضح معالمها على صعيد العلاقات الإيرانية - اللبنانية لا يمكن تجاهلها، بعد التطورات التي شهدتها المنطقة. وهذا بدا جليّاً من بعض مواقف عراقجي، لا سيما ما يتصل بموضوع السلاح الذي كانت إيران تدافع عن استمراره بحوزة حليفها «حزب الله» وأذرعها العسكرية في الإقليم. وتحديداً في تأكيد الضيف الإيراني، أن ملف السلاح شأن لبناني داخلي. وهذه لغة إيرانية جديدة لم يسمعها اللبنانيون من قبل. إذ أن المواقف العربية والدولية باتت تجمع، على أن موضوع حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، مطلب أساسي لتقديم الدعم للبنان، لتجاوز أزمته الاقتصادية والبدء بعملية إعادة الإعمار. لا بل أكثر من ذلك، فإن لبنان لن يجد أحداً يقف إلى جانبه في مطالبه، إذا لم تحزم الدولة اللبنانية أمرها، وتعمل على جمع كل السلاح غير الشرعي.
وإذ نقل زوار عدد من العواصم الخليجية، أن شرط الاستجابة لدعوات المشاركة في إعادة إعمار لبنان، يكمن في تسلّم الجيش اللبناني لكل السلاح غير الشرعي على طول مساحة لبنان، فإن أوساطاً دبلوماسية خليجية، تعتبر أن هناك استحالة في أن يحصل لبنان على مساعدات مالية، طالما بقي السلاح غير الشرعي متفلّتاً. وإذا كان لبنان قد عاد وبقوة إلى دائرة الاهتمام الخليجي، بعد قرار دول مجلس التعاون رفع حظر السفر إلى لبنان، إلّا أن الأمور في هذا البلد لا يمكن أن تستقيم إذا بقى ملف السلاح دون معالجة جذرية، مشيرة إلى أن التركيز العربي والدولي منصب على ضرورة إيجاد حل لهذه المعضلة، وبما يمكّن السلطة الشرعية اللبنانية من بسط سيادتها على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية. وفي المقابل فإن هناك إصراراً على وجوب تأمين كل مقومات الدعم والمؤازرة للعهد الجديد في لبنان، بعد الخطوات الفاعلة التي يقوم بها من أجل إعادة هذا البلد للحضن العربي، وبما يرسّخ دولة القانون والمؤسسات في المرحلة المقبلة. وهو أمر افتقده لبنان في السنوات الأخيرة، حيث كانت إيران تمسك بمفاصل الدولة اللبنانية.