اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ١ أيلول ٢٠٢٥
في سياقٍ لا ينفصل عن المسار المتواصل لأحد أكثر الملفات حساسيةً في لبنان، يتعمّق الجدل حول حصرية السلاح بيد الدولة، مع بروز مواقف دولية متقلبة، لا سيما من الجانب الأميركي، الذي ألمح عبر موفده توم باراك إلى تراجع ضمني عن التزامات سابقة تجاه لبنان.
هذا التطور لم يدفع الحكومة إلى التراجع، بل عزّز تمسكها بحصرية السلاح كخيارٍ استراتيجيّ لا مساومة عليه، تطبيقًا للدستور واتفاق الطائف والبيان الوزاري. ففي ظلّ استقطاب سياسي حاد، وغياب الوسيط الداخلي الفاعل، تبدو البلاد أمام لحظةٍ مفصليةٍ، حيث تتقاطع الضغوط الخارجية مع الانقسامات الداخلية، ويُطرح مجدّدًا دور رئيس مجلس النواب نبيه بري كعنصر توازن في مشهد سياسي مهدّد بالانفجار.
وفي هذا السياق، قالت مصادر وزارية إن تصرف الولايات المتحدة بلسان باراك بما يوحي بأنها في حلٍّ مما التزمت به في ورقته، لا يعني أن لبنان سيصرف النظر عن تمسكه بحصرية السلاح، لأنه الهدف الأسمى بالنسبة للحكومة، تطبيقًا لما نصّ عليه اتفاق الطائف والدستور اللبناني والبيان الوزاري، بمشاركة وزراء الثنائي، والتزامًا منها بما تعهدت به أمام المجتمع الدولي، لأنّ تخلّيها عن حصريته سيُعيد لبنان إلى المربع الأول، ويستدرجه للدخول في اشتباك سياسي يتجاوز الداخل إلى الخارج، وهو في غنى عنه، لأنه لا مصلحة له بأن يتصرف أصدقاؤه حياله وكأنه عاجز عن بسط سلطته على كافة أراضيه تطبيقًا للقرار 1701.
وأضافت المصادر لصحيفة 'الشرق الأوسط' إن الجدول الزمني سيبقى مدرجًا على رأس أولوياته، وبذلك يضع الولايات المتحدة أمام مسؤولياتها دوليًا ولبنانيًا بتخلّيها عن تعهدها للبنان بمساعدته لسحب السلاح غير الشرعي، سواء أكان لبنانيًا أم فلسطينيًا.
ولفتت إلى أنّ تمسّك لبنان بحصرية السلاح والإبقاء على الجدول الزمني كورقةٍ لاستقدام التدخل العربي والدولي للضغط على واشنطن، لأن ما يدعو إليه السيناتور الأميركي ليندسي غراهام لا يلقى أي تجاوب لبناني رسمي، لأنّ المشكلة كانت وستبقى مع إسرائيل، ولن يسمح بأن تتحوّل إلى أزمة داخلية.
المعركة حاسمة
إلى ذلك، عبّرت مصادر سياسية عبر 'الجمهورية' عن قلقها من مسار المواجهة الجارية، ببعدها الداخلي، لأنّ الطرفين المتنازعين، أي المطالبين بحصر السلاح والرافضين له، يعتبران المعركة حاسمةً وعليها يتقرّر مصير كل طرف كما مصير الدولة والبلد. فـ'حزب الله' يعتبر سلاحه الورقة الأخيرة في مواجهةٍ مع إسرائيل تمتد من طهران إلى شاطئ المتوسط، خصوصًا بعد سقوط بشار الأسد في سوريا وخسارة 'حماس' في غزّة واتخاذ بغداد موقفًا شبه محايد.
فالمأزق، وفق ما ترى هذه الأوساط، يتمثّل أولًا بضغط خارجي عنيف، ولا سيما من الجانب الأميركي، على الحكومة لتنفيذ خطة نزع السلاح، وثانيًا بانعدام الفريق الوسطي أو الوسيط في الداخل، بعد اصطفاف رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة في معسكر واحد. وحده رئيس مجلس النواب نبيه بري حافظ على واقعيته وعلى موقعه القادر على لعب الدور المانع للانفجار. لكن هذا الدور يواجه تحدّيات عنيفة.