اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٨ أذار ٢٠٢٤
كتبت ماري-جو متّى في موقع mtv:
ها هو عالمنا العادل والجميل يحتفل باليوم العالمي للمرأة. لو كان العالم طبيعيّاً، لكتبت مثلاً عن تاريخ هذا اليوم ونشأته. لكنت بدأت بأنّ الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة تبنّت قرارها بإعلان 8 آذار يومالأمم المتّحدة لحقوق المرأة والسلام الدولي، عام 1977. جاء ذلك بعد حركات نضاليّة بدأت منذ 1909. لكنت أيضاً زوّدتكم بمعلومات عن اللون الأرجواني. ذلك اللون الفرِح والإيجابي الذي يملأ الشوارع العالميّة كلّ 8 آذار رمزاً لنضال المرأة.
إلّا أنّ عالمنا ليس طبيعيّاً. لكنّني على الأقلّ، أنا الطبيعيّة، ولن أضيّع وقتي ووقتكم في الحديث عن شرائع لا قيمة لها، ولم تقم بدورها في أصعب فترة يمرّ بها التاريخ. سأكتفي فقط بالكتابة عن نساء الجنوب وغزّة. طالما أنّ العالم المتقدّم والديمقراطي لم يترك لهنّ سوى مراسم الدفن لتحتفلن بها. وبدل أن يهديهنّ اللون الأرجواني ليملأن به الشوارع، ها هو يسكب اللون الأحمر فوق رؤوسهنّورؤوس أطفالهنّ.
أن أكتب عن نساء الجنوب يعني أن أكتب عن نساء شامخات صابرات فاقدات لأبنائهنّ وبيوتهنّ وأزواجهنّ. أن أكتب عن نساء الجنوب يعني أن أكتب عن نساء زرعن في أرضهن الزيتون، فحصدن دماءً لا زيتاً. أن أكتب عن نساء الجنوب يعني أن أتذكّر وجوههنّ وهنّ يبكين ويشيّعن ويصرخن. أمّا أن أكتب عن العالم فلا يعني سوى أن أكتب أنّه قاسٍ وظالم ولا يشبه نساءنا بشيء.
أن أكتب عن العالم يعني أن أقول: في وقت يقرّ فيه البرلمان الفرنسي الإجهاض حقّاً دستوريّاً، ها هي أكثر من 9000 امرأة في غزّة، من بينهنّ حوامل، يقتلهنّ العدوّ مع أطفالهنّ بوحشيّة أمام برلمانات العالم أجمع. فلا هنّ قرّرن الإجهاض عمداً ولا حتّى اخترن الموت.
أن أكتب عن العالم مجدّداً يعني أن أقول: في وقتٍ تمتلئ فيه شوارع العالم بالنساء المنتفضات على قوانينهنّ، أو المطالبات بمزيد من الحقوق في ملفّات السياسة والزواج والجنسيّة والحضانة، وفي وقتٍ تحتفل بعضهنّ بتشريعات جديدة تضمن لهنّ المزيد من الحقوق، أنظر إلى أوضاع النساء من حولي فأغضب، ولا يسعني إلّا أن أفكّر: بم ستحتفل نساء غزّة والجنوب هذا العام؟
أيها العالم المتحضّر، أنت مدينٌ لنا بالإجابة أكثر من أيّ عام مضى.