اخبار لبنان
موقع كل يوم -النشرة
نشر بتاريخ: ١٣ أيلول ٢٠٢٥
احتفل دير مار الياس- الكنيسة (المتن الأعلى) بعيد ارتفاع الصليب المقدس، بإقامة الذبيحة الإلهية عند أقدام 'صليب الدير المشعّ والمنوَّر'، القائم شامخًا على تلةٍ تشرف على وادي جميل، وسط أجواء من الخشوع والفرح الروحي.
وترأّس الذبيحة الإلهية الأب إلياس شخطورة، رئيس دير مار الياس- قرنايل، وشاركه في الذبيحة الالهية كل من رئيس الدير ورئيس جمعية 'عدل ورحمة' الأب نجيب بعقليني، والأب انطوان داغر، بحضور عدد من المؤمنين وأبناء الرعية.
وفي عظته، أشار الأب شخطورة إلى أنّه 'يحمل عيد ارتفاع الصليب المجيد مفارقاتٍ ومعانٍ لاهوتيَّةٍ وتاريخيّةٍ وشعبيِّة عديدة'.
وأضاف: 'الصليب الذي كان أداة عارٍ وألمٍ صار رمز الخلاص والمجد في المسيحيَّة، يُحتفل به في 14 أيلول تذكارًا لاكتشافه على يد القديسة هيلانة. لم يُذكَر الصليب صراحةً في العهد القديم إلَّا عبر رموز، فيما تردَّد المسيحيُّون الأوائل في إعلانه علنًا بسبب طابعه كأداة موتٍ مُهينة، إلى أن صار علامة إيمانٍ وانتصارٍ بقيامة المسيح. شعبيًا، ارتبط الصليب بالألم والمعاناة من خلال أقوالٍ شعبيَّةٍ، بيد أنَّ الإيمان يُثبت أنَّ الألم ليس عقابًا إلهيًا، بل فرصةً للقداسة والشهادة لحضور المسيح الذي يرافق المتألِّمين كالقيروانيّ. الأمثولة الكبرى: الصليب ليس ثقلًا يقصم الظهَر، بل نيرًا خفيفًا إذا حُمل مع المسيح، حيث يتحوَّل الألم من تجربةٍ تفصلنا عن الله إلى وسيلة حبٍّ ورجاءٍ وخلاص'.
وفي ختام القداس، ألقى الأب نجيب بعقليني كلمة روحية قال فيها: 'الصليب هو علامة الغلبة والافتخار، لأن السيد المسيح غلب به الموت، وحوّل أداة العار إلى أداة خلاص. ففي صليب يسوع نكتشف هويتنا المسيحية، وندرك عمق رسالتنا في هذا العالم. الصليب هو الرابط بين السماء والأرض، بين الله المُخلِّص والإنسان الباحث عن الخلاص. هو خشبة مقدسة تعبر بنا من ظلمة الخطيئة إلى نور الملكوت'.
وأضاف: 'يرمز الصليب إلى المحبة الإلهية التي لا تعرف حدودًا، وإلى النور في قلب الظلمة، والقوة في عمق الألم. هو انتصار على الموت، وتذكير دائم بتضحية المسيح وفدائه، وتجديد للإيمان كلّما نظرنا إليه بعين الرجاء'.
وقال: 'يتربّع صليب دير مار الياس شامخًا على ربوةٍ خضراء، يشرف من علٍ على وادٍ تنبض أرجاؤه بالحياة، وتغمره سيمفونية الطبيعة: نسيمٌ عليل، أشجارٌ تهمس، وطيورٌ تحلّق نحو الأعالي وكأنها تسبّح بخفة الأرواح نحو السماء'.
وذكر أنّه 'صليب يشعّ نورًا لا من مادةٍ فانية، بل من رجاءٍ أبدي. هو خشبة خلاص، وجسر يصل بين الألم والمجد، بين الأرض والملكوت. هناك، في سكون الدير، يهمس الله في القلب، وتخفت ضوضاء العالم ليعلو صوت السلام الداخلي'.
وختم: 'صليب ديرنا لا يعلو فقط على الجبل، بل يعلو في القلوب التي تؤمن، وفي النفوس التي تصلي. إنه نداء إلى التوبة، ودعوة لحمل صليب الحياة اليومية بثقة ورجاء. من علُ، يطلّ على بلداتٍ تقرع أجراسها صلاةً ورجاءً. يقف شاهدًا على جراح الإنسان، لكنه لا ينكسر، بل يواصل إنارة الدرب لكل تائه، ويمنح النفوس المُتعبة نسمة رجاء، رغم خيبات الأمل وانكسارات الحياة. هناك، حيث يلتقي الجمال الطبيعي بالقدسي، يصبح المكان أيقونة. السماء تعانق الأرض، والصمت يتحوّل إلى صلاة، والجبل لا يرتفع ليتفاخر، بل ليرفع الصليب عاليًا، عسى أن تراه القلوب قبل العيون، وتلمسه الأرواح قبل الأيدي. ليكن صليب الرَبّ منارةً لكلّ مؤمن، وعلامة خلاص لكلّ من يبحث عن النور وسط العتمة، والرجاء وسط العدم'.