اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ١٧ أيلول ٢٠٢٥
منذ عامين دراسيين، وتلامذة قرية العريضة الحدودية في عكار يراقبون مدرستهم المقفلة من خلال الفتحات والجدران المهدّمة، التي خلفتها الضربة الإسرائيلية على معبر العريضة الحدودي.
المدرسة، التي كانت يومًا بيت العلم والدفء، صارت أطلالًا صامتة تحمل في كل ركنٍ منها حكايات الحرمان. الأطفال ينظرون إلى مقاعدهم وصفوفهم الضائعة، ويحلمون بالعودة إليها، لكن الواقع يصرّ على إبقاء أحلامهم معلّقة بين الجدران المهدّمة والخراب الذي حلّ بالمدرسة.
إقفال المدرسة حرم أبناء القرية من حقهم الطبيعي في التعليم، فيما طلبت وزارة التربية من الأهالي تسجيل أبنائهم في مدارس القرى المجاورة. بحسب الأهالي فإنّ أقرب مدرسة متاحة تقع في قرية الشيخ زناد، حيث يُجبر التلامذة على الدوام بعد الظهر، في ظروف صعبة لا تساعد على التركيز والتحصيل.
التنقل اليومي يمثل عبئًا كبيرًا على الأهالي، الذين يعانون أصلًا أوضاعًا معيشية صعبة تجعل تسجيل أبنائهم خارج القرية أمرًا شبه مستحيل. ليس في مقدور هؤلاء دفع مليون ونصف ليرة كل شهر إلى سائق الباص من أجل نقل أبنائهم إلى المدرسة في القرية المجاورة.
والأخطر أنّ أكثر من 150 تلميذًا من أبناء العريضة خارج مقاعد الدراسة هذا العام. هؤلاء الأطفال باتوا بلا مأوى تعليمي، بينما أبناء القرى الأخرى عادوا إلى مدارسهم كالمعتاد بعد فتح أبوابها. الأهالي يروون معاناتهم اليومية وهم يحاولون حماية أولادهم من ضياع سنة دراسية كاملة، يراقبونهم وهم يواجهون شوارع القرية الفارغة بلا كتب ولا صفوف، ويسمعون صرخات أحلامهم الضائعة بين جدران المدرسة المهجورة.
ويشير الأهالي إلى أنّهم نظّموا خلال السنوات الماضية العديد من الاعتصامات والمبادرات للمطالبة بترميم المدرسة، وقد ساعدتهم إحدى المنظمات جزئيًا، لكن فرحتهم لم تدم طويلًا، إذ باغتتهم الضربة الإسرائيلية التي أعادت المدرسة إلى نقطة الصفر، لتظل أطلالًا بلا حياة تعليمية.
اليوم، يرفع الأهالي صوتهم مجددًا إلى وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي، يناشدونها التدخل السريع لإعادة ترميم المدرسة وفتح أبوابها، حتى لا تضيع سنة جديدة على أولادهم. يأملون أن تُعيد الدولة حقوق أطفالهم في التعليم، وتضمن لهم بيئة آمنة ومستقرة لمتابعة دراستهم، بعيدًا من العناء والتعب النفسي والمعيشي، وأن تعيد للقرية نبضها التعليمي الذي فقدته منذ عامين.
في كل زاوية من زوايا العريضة، ليس هناك إلا الإهمال والفقر. ولولا وجود المدرسة الرسمية المدمّرة تلك لما استطعت أن تقول بأن الدولة اللبنانية في يوم من الأيام قد مرّت من هنا.