اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
بعدما تمّ الاتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، بين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وإدخال المساعدات الى غزة، في المرحلة الأولى في إطار خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب… كيف يمكن تقييم هذا الاتفاق، ماذا حقق فلسطينياً؟ وما الذي حققه “إسرائيلياً؟ وما الذي لم يحققه، خاصة لناحية ما كان يسمّيه رئيس وزراء العدو بنيامين نتتياهو بـ “النصر المطلق”، ولا سيما لناحية أهداف الحرب المتمثلة بالقضاء على المقاومة، وتدمير أنفاقها وقدراتها، وإطلاق الأسرى بالقوة، وتغيير الواقع في قطاع غزة…
من الواضح أنه تمّ الاتفاق على المرحلة الأولى من خطة الرئيس دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى ودخول المساعدات، وتشمل هذه المرحلة وقفاً لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء (وتبادل رفات البعض)، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وانسحاب جزئي لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وإدخال المساعدات.
يمكن تقييم نتائج هذه المرحلة من الجانبين الفلسطيني و”الإسرائيلي” كما يلي:
أولاً، على الصعيد الفلسطيني، حقق الاتفاق ما يلي:
من المنظور الفلسطيني، تُعتبر هذه المرحلة تحقيقاً لبعض المطالب الأساسية، وهي:
1 ـ وقف إطلاق النار: تحقق وقف حرب الإبادة النازية الإسرائيلية ضدّ الشعب الفلسطيني، مما يتيح للفلسطينيين في غزة استراحة ضرورية وإمكانية تقييم الأضرار وإعادة ترتيب الأوضاع الإنسانية الأولية.
2 ـ تبادل الأسرى: سيتمّ الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم محكومون بأحكام عالية، وهو انتصار معنوي ومطلب شعبي مركزي.. وإنجاز للمقاومة التي أكدت من اليوم الأول للحرب أنّ الأسرى لن يُفرج عنهم إلا عبر صفقة تبادل.
3 ـ إدخال المساعدات: ضمان دخول كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية والإغاثية والوقود، وهو أمر حيوي لتخفيف الكارثة الإنسانية في القطاع.
4 ـ الانسحاب الجزئي لقوات الاحتلال الإسرائيلية: انسحاب القوات من بعض المناطق أو إلى خطوط متفق عليها ضمن المرحلة الأولى، مما يقلل من التواجد العسكري الإسرائيلي المباشر.
5 ـ الاعتراف بدور المقاومة: الوصول إلى اتفاق مع المقاومة بشكل مباشر أو غير مباشر يمثل اعترافاً ضمنياً بدورها في التفاوض على شروط إنهاء الحرب.. وإقرار بالفشل في القضاء عليها.
ثانياً، على الصعيد “الإسرائيلي”، حقق الاتفاق الآتي:
1 ـ إطلاق سراح الأسرى: الإنجاز الأهمّ هو تأمين إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء لدى المقاومة في غزة. هذا الهدف كان على رأس أولويات الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي.
2 ـ تخفيف الضغط الداخلي والدولي: الاتفاق يمنح حكومة نتنياهو متنفساً سياسياً من الضغوط الداخلية الهائلة من عائلات الأسرى، ومن الضغوط الدولية المطالبة بوقف الحرب على غزة.
ثالثاً، ما الذي لم يحققه الاتفاق “إسرائيلياً”:
إنّ أهداف الحرب المعلنة من قبل نتنياهو، والتي سماها “النصر المطلق”، لم تتحقق في هذه المرحلة الأولية، وهي:
*القضاء على المقاومة (وخاصة حركة حماس): لم يتمّ تدمير أو القضاء على قدرات المقاومة التي لم تتوقف ولا لحظة عن شنّ الهجمات ضدّ قوات الاحتلال وإيقاع الخسائر الفادحة في صفوفها، فالاتفاق تمّ التفاوض عليه مع المقاومة، وواحدة من نقاط الخطة تدعو لنزع السلاح التدريجي في المراحل اللاحقة، مما يدلّ على أنّ هذا الهدف لم يُنجز عسكرياً.. وهو موضع اعتراض من قبل المقاومة التي تربطه بتحقيق الحقوق الوطنية، لا سيما إقامة الدولة الفلسطينية، وعودة اللاجئين.. ولهذا سيبقى موضع سجال وخلاف.
تدمير الأنفاق والقدرات العسكرية: لم يتمّ تدمير معظم الأنفاق، والاتفاق لا يضمن تدمير القدرات العسكرية المتبقية للمقاومة.
إطلاق الأسرى بالقوة: أُطلق سراح الأسرى عبر اتفاق تفاوضي يتضمّن إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وليس عبر عملية عسكرية “بالقوة”، مما يتناقض مع الوعود السابقة بتحقيق “النصر المطلق” الذي يعيدهم دون ثمن كبير.
تغيير الواقع في قطاع غزة (اليوم التالي): لم يتم بعد حسم ملف “اليوم التالي” للحرب، حيث ما زالت هناك خلافات جوهرية حول من سيحكم غزة وما هو شكل القوة الأمنية، وهذا الملف رُحّل إلى المراحل التالية من الخطة، مما يبقي مستقبل غزة مفتوحاً وغير محسوم إسرائيلياً بشكل نهائي.. فيما المقاومة تربط أيّ حديث في هذا الأمر بقرار وطني فلسطيني، وآفاق الحلول للقضية الفلسطينية.
باختصار، يمكن النظر إلى المرحلة الأولى على أنها صفقة تبادل وإدخال المساعدات الإنسانية ووقف للنار مفتوح على إنهاء الحرب، حقق الهدف الإسرائيلي وهو عودة الأسرى، لكنه فشل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لـ “النصر المطلق” لنتنياهو، حيث لم يتمّ القضاء على المقاومة أو تدمير قدراتها بالكامل، وتمّت عودة الأسرى عبر التفاوض وليس من خلال القوة العسكرية المطلقة.. مما يشكل فشلاً لا لبس فيه لحرب الإبادة النازية الإسرائيلية، نتيجة الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، بدعم من قوى محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق وإيران، ومن الانتفاضة الشعبية العالمية وخصوصاً في دول الغرب، التي وضعت كيان الاحتلال “الإسرائيلي” في عزلة دولية غير مسبوقة، عكسها انسحاب معظم الوفود الدولية من قاعة الأمم المتحدة لحظة صعود نتتياهو الى المنصة لإلقاء خطابه.











































































