اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ٢٤ كانون الثاني ٢٠٢٥
لبنان يحتاج إلى شيعة يختارون الوطن، لا أدوات تُستخدم لخدمة مشروع إقليمي دخيل. تشكيل حكومة إنقاذ بعيداً عن هيمنة 'الثنائي' هو الخطوة الأولى نحو بناء لبنان جديد، حيث تُعاد للطائفة الشيعية مكانتها الطبيعية كشريك في الوطن، لا كوسيلة لتحقيق أجندات خارجية.
في لبنان، حيث يُحكم بالمظاهر أكثر من الحقائق، يتسلّح 'الثنائي' (حزب الله – أمل) بذرائع “الميثاقية”، لفرض هيمنة مطلقة على القرار الوطني. هذه الميثاقية، التي كان يُفترض أن تكون ضمانة للعيش المشترك، تحوّلت إلى سلاح لإلغاء التعددية، بدءًا من داخل الطائفة الشيعية نفسها، وانتهاءً بتفخيخ النظام السياسي بأسره.
الميثاقية: من شراكة إلى وصاية
الميثاقية، بمفهومها الأصلي، هي ضمانة توازن بين الطوائف تحت سقف دستور، كان يُفترض أن يصون فكرة الدولة المدنية. لكنها، في يد 'الثنائي'، باتت أداة لابتزاز الدولة وتعطيل قراراتها. المطالبة بحصرية وزارة المالية للطائفة الشيعية ليست إلا قمة جبل الجليد: ما يخفيه هذا الإصرار هو محاولة إحكام قبضة 'الثنائي' على مفاصل الدولة، وتحويلها إلى رهينة لمصالح إقليمية تتجاوز حدود لبنان.
قبل ظهور 'حزب الله' و'حركة أمل'، كانت الطائفة الشيعية مكوّنًا أساسيًا في التعددية اللبنانية. رغم التهميش السياسي والاقتصادي
يدّعي 'الثنائي' أنه يحمي حقوق الشيعة، لكنه في الواقع يصادرها. تحت شعار “الميثاقية”، يعيد الحزب رسم حدود الديمقراطية لتناسب مشروعه. بدلاً من أن تكون الميثاقية وسيلة لتعزيز الشراكة الوطنية، أصبحت غطاءً لهيمنة تُقصي الجميع، حتى داخل الطائفة الشيعية نفسها.
المطالبة بحصرية وزارة المالية للطائفة الشيعية ليست إلا قمة جبل الجليد: ما يخفيه هذا الإصرار هو محاولة إحكام قبضة 'الثنائي' على مفاصل الدولة
مشروع بالقوة وليس بالتوافق
'الثنائي' (حزب الله – أمل)، لم يكسب سيطرته داخل الطائفة الشيعية، بفضل نقاش حرّ أو توافق ديمقراطي. هذه الهيمنة فرضتها القوّة والسلاح، مدعومة بتمويل إيراني، وتُرجمت بقمع كل الأصوات المعارضة. 'حزب الله'، على وجه الخصوص، هو نتاج مشروع إقليمي متكامل، صاغه الحرس الثوري الإيراني، يهدف إلى تحويل الطائفة الشيعية إلى جسر للهيمنة في المنطقة.
الميثاقية، بمفهومها الأصلي، هي ضمانة توازن بين الطوائف تحت سقف دستور، كان يُفترض أن يصون فكرة الدولة المدنية. لكنها، في يد 'الثنائي'، باتت أداة لابتزاز الدولة وتعطيل قراراتها
أما 'حركة أمل'، التي بدأت كحركة اجتماعية مطلبية، فقد انتهى بها المطاف كظلّ ل'حزب الله'، شريك تابع أكثر منه ندًّا. معاً، ألغيا فكرة التعددية داخل الطائفة، وحوّلاها إلى كتلة صامتة تُقاد بالخوف والترهيب.
ولاية الأمة مقابل ولاية الفقيه
الإرث التاريخي للطائفة الشيعية في لبنان، غني بالتعددية الفكرية والانفتاح. من مدرسة جبل عامل خرجت شخصيات كالإمام موسى الصدر، ومحمد مهدي شمس الدين، وهاني فحص، ومحمد حسن الأمين، ممن دافعوا عن مفهوم “ولاية الأمة”، القائمة على تعدد المرجعيات واحترام التنوع.
إقرأ أيضا: بالفيديو: «الثنائي والاتفاق المُذل».. علي الأمين: لبنان بحاجة لعون خارجي!
لكن “ولاية الفقيه”، المشروع الإيراني الذي تبناه 'حزب الله'، قضت على هذا التعدد. هي ليست مجرد فكرة دينية، بل أداة سياسية تُحوّل المرجعية الدينية إلى سلطة مطلقة، تصادر قرار الأفراد والجماعات لصالح مشروع إقليمي، لا يمت بصلة للهوية الوطنية اللبنانية.
الإرث التاريخي للطائفة الشيعية في لبنان، غني بالتعددية الفكرية والانفتاح
طمس الإرث الشيعي
قبل ظهور 'حزب الله' و'حركة أمل'، كانت الطائفة الشيعية مكوّنًا أساسيًا في التعددية اللبنانية. رغم التهميش السياسي والاقتصادي، أنتجت الطائفة نخباً ثقافية وسياسية ساهمت في بناء مشروع وطني جامع.
لكن 'حزب الله'، بمشروعه الإقصائي، عمل على محو هذا الإرث. خطابه لا يهدف إلى تحرير الطائفة، بل إلى استعبادها لمشروعه الخاص. هذه ليست حماية للشيعة، بل اختطاف لهم.
مظلومية بطعم القمع
يجيد 'حزب الله' تسويق المظلومية، حتى وهو يمارس القمع. يتحدث باسم حقوق الشيعة، لكنه يصادر هذه الحقوق. يدّعي الدفاع عن الطائفة، لكنه يُقصي كل من يجرؤ على الخروج عن إرادته.
خطاب الحزب مزدوج: هو مقاومة عند الحاجة، وقوة قمعية في معظم الأحيان. يبرر كل انتهاكاته باسم حماية الطائفة، لكنه في الواقع يعزلها عن محيطها الوطني والدولي، ويُقحمها في صراعات لا تخدم سوى مصالح طهران.
استعادة الشيعة إلى النسيج الوطني
تحرير الطائفة الشيعية من قبضة 'الثنائي'، يبدأ بفك ارتباطها بمشروع ولاية الفقيه. لا يعني هذا تهميش الشيعة، بل تحريرهم من وصاية قسرية، فرضتها أدوات القمع والمال والسلاح.
يجيد 'حزب الله' تسويق المظلومية، حتى وهو يمارس القمع. يتحدث باسم حقوق الشيعة، لكنه يصادر هذه الحقوق
الطائفة الشيعية، بتاريخها وإرثها، تستحق دوراً وطنياً، يعيد لها حريتها كمكوّن أساسي في مشروع لبنان التعددي. هذا يتطلب كسر احتكار 'الثنائي'، وإعادة الاعتبار لصوت الشيعة الحر.
كسر الاحتكار لاستعادة التعددية
احتكار 'الثنائي' (حزب الله – أمل) ليس تعبيراً عن قوة الطائفة، بل عن قمعها. كسر هذا الاحتكار هو بداية طريق نحو استعادة التوازن الوطني.
إقرأ أيضا: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: «استوكهولم ساندروم».. لبناني