اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بيروت ـ بولين فاضل
في لبنان ومنذ بداية السنة وحتى اليوم، «كل شي عم يغلا ويزيد»، والهوة شاسعة ما بين واقع الرواتب بحدها الأدنى الرسمي (312 دولارا) وغير الرسمي وواقع كلفة المعيشة، ولا من يتحرك ولا من يستمع لأنين الناس.
وفي اختصار مبسط لواقع الحال المزري، فإن الرواتب الدنيا اليوم تتراوح بين 400 و500 دولار، فيما السلة الغذائية والاستهلاكية لعائلة مؤلفة من 4 أشخاص أصبحت بكلفة 333 دولارا، والحاجات الأساسية لمثل هذه الأسرة في الشهر الواحد وبالحد الأدنى تتراوح بين 1000 و1200 دولار، ما يعني بوضوح أن المحاكاة هي صفر بين معيشة كلفتها تصاعدية وراتب قيمته انحدارية.
في هذا الإطار، قال الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين إن «كلفة المعيشة من بداية 2025 وحتى نهاية أكتوبر الماضي ارتفعت بنسبة 25% على مستويات عدة»، وفصل هذا الارتفاع بالقول إن «كلفة السلة الغذائية والاستهلاكية ونتيجة ارتفاع الأسعار زادت بنسبة 11%، والأسرة المؤلفة من 4 أشخاص التي كانت تتكلف على هذه السلة 300 دولار صارت تنفق عليها 333 دولارا».
وأضاف شمس الدين: «أما الارتفاع الأكبر الذي لا يتناوله أحد، فهو في الإيجارات التي ازدادت من بداية السنة بنسبة 100%، في ضوء الطلب الكبير على الإيجار وغياب القروض المصرفية لشراء الشقق ونزوح بعض الأهالي من بيوتهم غير الآمنة واستئجارهم الشقق في المناطق التي لا تستهدفها الاعتداءات الإسرائيلية».
كما تحدث شمس الدين عن ارتفاع النقل بنسبة 8%، والملابس والأحذية بنسبة 15%، والدواء بنسبة 5%، واشتراك الكهرباء بنسبة 10% بفعل ارتفاع سعر المازوت، وهذا ما يعني في رأيه أن الأسرة من 4 أشخاص التي كانت كلفة حاجاتها الشهرية بالحد الأدنى 900 دولار أصبحت كلفتها اليوم 1125 دولارا».
وفي وقت ينتظر أن تجتمع بداية الشهر المقبل لجنة المؤشر التي تضم ممثلين عن الحكومة وأرباب العمل والعمال وتعنى برصد الغلاء وزيادة الرواتب، فإن آخر ما صرح به وزير العمل محمد حيدر، هو أن أي خطوة ناقصة برفع الأجور بشكل غير مدروس من شأنها أن تؤدي إلى انهيار الوضع الاقتصادي، لذا يجب بحث الموضوع بدقة للنظر في كيفية التوجه إلى تحسين أوضاع اللبنانيين المعيشية في السنة المقبلة.
نقيب أصحاب السوبرماركت ونائب رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان والعضو في لجنة المؤشر د.نبيل فهد قال في حديث إلى «الأنباء» بشأن إمكان الذهاب في اتجاه زيادة للرواتب تراعي غلاء المعيشة: «إن موقف الهيئات الاقتصادية واضح، وهو أن الزيادة على الراتب يجب الا تكون مصطنعة، وإنما يجب أن تأتي نتيجة نمو اقتصادي في البلد وعجلة اقتصادية وتصاعد في الأرباح وفي القدرة الإنتاجية للشركات وزيادة في الطلب الداخلي وفي حركة التصدير»، مضيفا إنه «حتى اليوم لا تشير المعطيات السياسية والاقتصادية إلى تغيير في الواقع».
وتابع فهد: «أي زيادة للرواتب بطريقة مصطنعة وعشوائية ستعيد سيناريو العام 2017، حين أدت سلسلة الرتب والرواتب إلى خراب الاقتصاد، من هنا أي زيادة اليوم يجب أن تكون مبنية على قدرة الاقتصاد على التماشي معها».
ولكن ماذا عن عدم تماشي راتب الموظف اليوم مع الغلاء والضغط المعيشي الكبير؟ يجيب النقيب فهد إن «هذا الواقع صحيح والقدرة الشرائية ضعيفة، وهي لن ترتفع ما لم نشهد نموا في الاقتصاد وفرص عمل وطلبا على التوظيف ومدخولا عاليا للشركات».
وتوقف النقيب فهد بشكل خاص عند المنافسة القوية في قطاع المواد الاستهلاكية والغذائية في السوبرماركت، فقال إن «ما من أسبوع يمر من دون عروض تنافسية بين كبار السوبرماركت على أكثر من 40 صنفا»، مضيفا إن «في هذا القطاع ما من احتكار وما من مجال لرفع عشوائي للأسعار طالما المنافسة قوية جدا، والتسعير بالدولار يجعل الأسعار ترتفع بالنظر إلى عوامل خارجية، بالإضافة إلى تأثير ارتفاع الأكلاف التشغيلية على مستوى الأسعار».
ترفض الهيئات الاقتصادية تبني مصطلح «ترحيل» زيادة الرواتب بالرغم من كونها ربطتها بتحقيق نمو اقتصادي في البلد. وفي الانتظار، ثمة من يراقب تصاعد الغلاء ويسأل نفسه حيال ذلك: كيف لكثير من اللبنانيين أن يأكلوا ويعيشوا؟











































































