اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
يتعرض لبنان في هذه المرحلة الصعبة جدا لضغوط دولية متزايدة، تهدف إلى فرض تطبيق سريع لقرار حصرية السلاح بيد الدولة، في إطار مقايضة سياسية مكتملة الشروط لبنانيا، تُطرح في ظل اشتداد الجبهات الإقليمية وتفاقم التوتر في الجنوب. فبينما تنشط الولايات المتحدة وفرنسا على خط الوساطات، يُحمّل لبنان وحده تبعات التأزم الميداني، ويُطلب منه تقديم تنازلات تحت عنوان تطبيق القرار 1701 ووقف الأعمال العدائية.
وفي مواجهة هذا المشهد، قال مصدر سياسي لبناني رفيع لوكالة اخبار اليوم ان خطاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في عيد شهداء الجيش، جاء ليفكك مضمون الضغوط الممارسة على الدولة، ويُعيد ضبط بوصلة النقاش الوطني نحو الثوابت التي لا يجوز تجاوزها، انطلاقا من التزام لبنان تنفيذ القرار 1701 بالكامل، لا بشكل انتقائي أو انتزاعي، ورفض تحويل هذا القرار إلى أداة ابتزاز سياسي وأمني.
واوضح المصدر نفسه أن رئيس الجمهورية أبدى انفتاحاً واسعا في مسألة حصرية السلاح، لكن بشرط التزام إسرائيل أولاً بموجباتها وفق القرارات الدولية، وفي مقدمتها الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف الخروقات الجوية والبحرية اليومية وعمليات القتل واطلاق عملية اعادة الاعمار، لا أن يكون لبنان الطرف الوحيد الذي يدفع ثمن التهدئة.
وفي سياق متصل، فان حراك الموفد الأميركي السفير توم باراك شابه التناقض في المواقف، كونه استخدم خطاباً ملتبساً أثار استياء الأوساط السياسية اللبنانية. ففيما وُصف لقاؤه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالإيجابي جدا، أطل لاحقاً بمواقف إعلامية مناقضة لما جرى الاتفاق عليه، متحدثا فقط عن أن تهدئة الجنوب تمرّ عبر نزع سلاح حزب الله من دون التطرق إلى ما هو مطلوب من إسرائيل. واعتبر المصدر أن هذا التناقض في الخطاب أضعف صدقية الوساطة الأميركية، وأوحى بأن الهدف ليس حلاً متوازناً، بل فرض وقائع ميدانية تصبّ في مصلحة إسرائيل، مما استدعى توضيحات أميركية بعيدا من الأضواء.
ومما يزيد من تعقيد الموقف اللبناني، تصاعد الضغوط الاقتصادية كأداة ابتزاز إضافية. فقد بدأ التلويح الغربي، بربط ملف إعادة إعمار الجنوب بمدى التزام لبنان بالشروط السياسية الموضوعة. ووفق المصدر نفسه، فإن هذا النوع من الضغوط ليس جديداً، لكنه اليوم أشد خطورة في ظل الازمة الاقتصادية والمالية، وكأنه يُراد منه فرض تنازلات سيادية على بلد منهك.
ورغم هذا الواقع الضاغط، أصرّ رئيس الجمهورية، بحسب المصدر، على أن الدولة اللبنانية لا تمانع التقدم في مسألة حصرية السلاح، لكن في إطار تسوية متكاملة قائمة على السيادة الوطنية والتوازن في الالتزامات. وهو ما يعني أن الملف لا يُبتّ من خلال الضغط والتهديد، بل عبر توافق داخلي، ونقاش داخلي من ضمن المؤسسات الدستورية، وتفاهمات خارجية تضمن الحقوق اللبنانية وتلزم إسرائيل بما يتوجب عليها.
لبنان، رغم ما يمرّ به من أزمات متعددة الأبعاد، لا يزال يمتلك صوته السيادي وقدرته على الدفاع عن مصالحه. والتوافق الرئاسي والسياسي يُثبت أن البلاد ليست في وارد المساومة على ثوابتها، ولا التراجع عن معادلتها الوطنية: حصرية سلاح مقابل انسحاب الاحتلال ووقف القتل واعادة الاعمار، ولا تفاوض تحت التهديد، ولا إعادة إعمار مقابل تنازلات. فلبنان لا يبحث عن حرب، لكنه لن يقبل بسلام مفروض على حساب كرامته وسيادته.











































































