اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تحقيق- نالسي جبرايل يونس
صور من الذاكرة يحفظها أهالي انفة تجمعهم في الأعياد والمناسبات تحت سنديانة سيدة الناطور حامية البحر وحامية برك الملاحة مصدر أرزاق عشرات العائلات وهي تعانق الشاطئ الشمالي اللازوردي بألوان رسمها الزمن بالابيض والزهري والذهبي بحب عميق يحفظ ذاكرة المكان المحفورة بعرق الجبين وتهب السنين..
في أنفه، لا يملّ البحر من معانقة السماء، على مساحة زرقاء تنبض بالحياة ..واذا كان ليالي الصيف والمهرجانات تعد العدة لموسم سياحي جديد..واذا كانت الملاحات تفرغ اخر اكياس هذا الصيف... إلا أن الأهالي يستودعون الموسم لسيدة الناطور القائمة على حافة رأس الناطور على بحر شكا متأملين الا تقضم مشاريع الاستثمار السياحي رزق الأهالي سنة بعد سنة..
شاطئ البحر يمتد في انفة على مساحة سبعين ألف متر مربع تنقسم بين ثلاثين ألف متر من الأملاك العامة وأربعين ألف متر مخصصة للميناء واليخوت والشاطئ البحري والسياحة وموسم البحر
وقد انتشرت هذا الصيف على طول الشاطئ عروض كرنفالية، وألعاب للأطفال، وعروض زومبا، وعروض نارية أضافت على ليالي البحر في أنفه حكايات وقصص لا تنسى من ذاكرة الصيف وليالي الشمال البانورامية..
ومن على سقف دير سيّدة الناطور تمتد الملاحات بمنظر يسبح الخالق وإذا بك أمام حارات قديمة تشعر بالنظر إليها بنبض الزمن بين حي وآخر ..وإذا بك أمام بحر يغمر بحب لا ينتهي الصخر العتيق وعشرات الساحات التي تشكل ذهب لبنان الابيض المرسوم بأيادي الناس وعرق جبينهم ..قصصهم تبدأ كل صباح في الملاحات بتكنيس الملح من الشوائب ثم تحريكه لمنع الالتصاق مع الأرض وبعد عدة أيام تتبخر المياه ويتم تجميع الملح لتوضيبه في اكياس وبعدها يصار إلى احصاء غلة الاسبوع وبيعها ليبدأ اسبوع جديد من التعب والسعي وراء مصدر الرزق الوحيد لهؤلاء العائلات..ويبقون على هذا الحال من مطلع الصيف حتى أواخر تشرين حسب الطقس ...
هذه الملاحات كانت تنتج حوالي ثلاثين ألف طن وهي اليوم لا تنتج أكثر من اربعمئة طن..وزيادة على ذلك تتعرض الملاحات للتهديد باستمرار من قبل المستثمرين الجدد في هذا المكان الذي وحسب أبناء المنطقة هو الانظف في لبنان
تاريخ دير سيدة الناطور حفظته الذاكرة الشعبية بأنه محج خلاص لصيادي الموقع البحري
وقد حفظته الاخت كاترين الجمل التي عاشت فيه وحيدة منذ انقطاع الحياة الديرية في سيدة الناطور بعد الحرب العالمية الاولى مطلع عشرينات القرن الماضي..الدير التابع لسيدة البلمند وأبرشية طرابلس المارونية يتاخم الرأس البحري المعروف ب 'رأس الناطور”، في شمالي لبنان فوق كهفٍ تغمره مياه البحر..
ويتداول اهالي المنطقة قصّة رجل ثري أراد التكفير عن خطاياه، فقصد الدير المحاذي للبحر، ورمى فيه مفتاح خزنة نقوده، وقال:
'إذا أعيد المفتاح إليّ يكون الله قد صفح عن جميع خطاياي”. وعاش في الدير زاهداً، يعتاش من الطعام الذي يقدمه إليه الصيّادون.
وذات يوم رمى احد الصيّادين شبكته في البحر، وقال في نفسه: 'سأقدم لهذا الفقير كل ما اصطاده”. ووفى وعده. وبعد برهةٍ، إكتشف الرجل داخل إحدى السمكات مفتاحه الذي رماه. عندها، أيقن أن الله صفح عن خطاياه، فوزّع أملاكه وأمواله على الفقراء وعاد إلى حياة النسك والصلاة.
لذلك تعود تسمية الدير ب 'الناطور' إلى الفترة الطويلة التي قضاها الرجل في الدير منتظراً رحمة الله”.
بني الدير في القرن السادس وتهدّم بفعل الزلازل التي ضربته تباعاً، وأعيد بناؤه سنة 1113.
تهدّم القسم الغربي منه عام 1914 عندما صبّت باخرة حربية تابعة للحلفاء حممها عليه بعدما تعرضت للنيران من البّر، إذ اعتقد جنودها أن الدير قلعة للأتراك.
يتمتّع الدير بموقع استراتيجي، اذ يقع في منطقةٍ مكشوفةٍ بصرياً ومطلّةٍ على الاديار المحيطة مثل دير سيّة النوريّة، مار يعقوب دده وسيدة الريح في قلعة أنفه بالإضافة الى ميناء طرابلس. وبفعل موقعه، مرّت عليه جيوشٌ كثيرةُ واتّخذته حصناً لها.
يعدّ هذا الدير ارثاً تاريخياً إذ أن العمارة فيه مزيجٌ من البيزنطيّة والحلبيّة والصّليبيّة .
حروبٌ عديدة القَت بثقلها على دير سيّدة الناطور في انفه، فالحرب العالميّة الأولى تكفّلت بدمار الجناح الشمالي للدّير،وتهجير سكانه
في تشرين الثاني من العام 1973، اتت الأخت كاترين الجمل الى دير سيّدة الناطور وسكنت فيه ومع العلم انّ الدير كان مظلماً ومعزولاً، وتنقصه الكثير من الإصلاحات واعمال الترميم، الا انّ الأخت كاترين تنسّكت فيه وعملت جاهدةً على ابرازه بأجمل حلّة. وواصلت الأخت كاترين الإشراف على اعمال الترميم بعد الحرب وكثيراً ما كانت تساعد في هذه الأعمال إلى أن استراحات بالقرب عام ١٩٩١..وبقي الدير والملاحات وانفة مقصدا لآلاف السياح صيفا وشتاء











































































