اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ١ أيار ٢٠٢٥
يُعد مرض الوردية الجلدي من الأمراض المزمنة والمحيّرة التي تصيب الجلد، وغالبًا ما يظهر في منتصف الوجه، خصوصًا على الخدين والأنف والجبين والذقن. رغم أنه ليس خطيرًا من الناحية الطبية، إلا أن تأثيره النفسي والاجتماعي يمكن أن يكون بالغًا، خاصة إذا لم يتم تشخيصه ومعالجته بالشكل الصحيح.
غالبًا ما يُخطئ الناس بين الوردية وأعراض أخرى مثل حب الشباب أو الحساسية أو حتى الحروق الشمسية، بسبب تشابه الأعراض. تتمثل العلامات الأولى للوردية في احمرار دائم أو متكرر للوجه، يليه توسع واضح في الشعيرات الدموية الدقيقة، وظهور بثور صغيرة ملتهبة شبيهة بحب الشباب، دون وجود رؤوس سوداء. وقد يعاني بعض المرضى من إحساس بالحرقة أو الوخز في الجلد، بالإضافة إلى جفاف أو خشونة في المناطق المصابة.
إنّ الأسباب الدقيقة وراء الإصابة بالوردية ما زالت غير معروفة تمامًا، لكن الدراسات تشير إلى أن هناك عوامل وراثية ومناعية تلعب دورًا في تطورها، بالإضافة إلى بعض المحفزات البيئية أو الغذائية التي تفاقم الحالة. تشمل هذه المحفزات: التوتر النفسي، الأطعمة الحارة، المشروبات الساخنة أو الكحولية، التعرض لأشعة الشمس، الرياح القوية، وأحيانًا استخدام مستحضرات التجميل أو العناية بالبشرة غير المناسبة.
الوردية تُعد أكثر شيوعًا بين النساء، خصوصًا من ذوات البشرة الفاتحة، واللواتي تتراوح أعمارهن بين 30 و50 عامًا، لكنها قد تصيب الرجال أيضًا، وغالبًا ما تكون الأعراض لديهم أكثر شدة، خاصة إذا امتدت إلى الأنف وتسببت في تضخمه في حالة تُعرف بـ'فيمة الأنف'، والتي قد تستدعي تدخلًا جراحيًا تجميليًا.
نظرًا لأن الوردية مرض جلدي مزمن لا شفاء نهائيًا منه حتى اليوم، فإن التعامل معه يتطلب خطة علاجية شاملة تركز على السيطرة على الأعراض والحد من تكرار النوبات ومنع تفاقمها على المدى الطويل. إن الهدف الأساسي للعلاج لا يقتصر فقط على تحسين مظهر البشرة، بل يمتد ليشمل تحسين نوعية حياة المريض من خلال تقليل الإحساس بعدم الارتياح والحرج الناتج عن الاحمرار والبثور الظاهرة.
تختلف البروتوكولات العلاجية من حالة إلى أخرى بحسب شدة الأعراض ونوع الوردية (سواء كانت وعائية أو التهابية أو تصيب العين أو مرتبطة بتضخم الأنف). وغالبًا ما يبدأ العلاج باستخدام مستحضرات موضعية تحتوي على مضادات حيوية أو مركبات مضادة للالتهاب مثل الميترونيدازول أو الإيفرمكتين، وهي فعالة في تهدئة الالتهاب وتقليل الاحمرار. في الحالات التي لا تستجيب للعلاج الموضعي، يتم اللجوء إلى المضادات الحيوية الفموية مثل الدوكسيسايكلين، أو علاجات تعتمد على الريتينويدات، والتي تُستخدم بحذر وتحت إشراف طبي. أما في حال وجود توسع دائم في الشعيرات الدموية أو احمرار مزمن، فيُعد العلاج بالليزر أو الضوء النبضي المكثف (IPL) خيارًا فعّالًا لتحسين المظهر الخارجي للبشرة.
غير أن فعالية العلاج الطبي لا تكتمل دون تبنّي أسلوب حياة داعم ومستدام. يُطلب من المريض التعرّف على المحفزات الشخصية التي قد تؤدي إلى اشتداد الأعراض، مثل التوتر النفسي، التعرض المفاجئ للحرارة أو الشمس، الأطعمة الحارة أو الغنية بالبهارات، والمشروبات الكحولية أو الساخنة. لذلك، يُنصح بتوثيق هذه المحفزات في مذكرة يومية، ما يساعد على تعديل العادات وتفادي العوامل المسببة. كما يُعد استخدام واقٍ شمسي بدرجة حماية عالية يوميًا أمرًا أساسيًا، حتى في الأيام الغائمة، وذلك لحماية البشرة الحساسة من الأشعة فوق البنفسجية التي قد تؤدي إلى تهيجها.
كما يجب الانتباه إلى روتين العناية بالبشرة، بحيث يعتمد على مستحضرات لطيفة وخالية من المواد المهيجة مثل العطور والكحول. تنظيف الوجه بلطف باستخدام ماء فاتر وغسول مخصص للبشرة الحساسة يُعد خطوة وقائية مهمة، إضافة إلى ترطيب الجلد يوميًا للحفاظ على حاجزه الطبيعي.