اخبار لبنان
موقع كل يوم -الميادين
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
حين يتخلى العالم: الإرادة تصنع الحصانة
الاعتداءات المتكررة على الأراضي اللبنانية، تؤكد أن لبنان لا يزال في دائرة الاستهداف الإسرائيلي سواء من خلال الاعتداءات المباشرة أو من خلال المشروع الإسرائيلي التاريخي القائم على التوسع في الإقليم.
في ظل ما تعيشه المنطقة من اضطرابات أمنية وتوترات سياسية، يطفو على السطح الحديث المتكرر حول ضرورة نزع سلاح بعض القوى المناهضة تاريخيا للهيمنة الأميركية، لا سيما منها حزب الله في لبنان.
غير أن هذا الطرح يغفل واقع التهديدات الإقليمية المستمرة، سواء تلك الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي أو التهديدات الطائفية المتنامية بفعل الجماعات المسلحة الناشطة في الإقليم، بحيث بات التحصين الذاتي لكل مكون ضرورة لا خيارًا، إذ أثبتت التجربة أن التحديات الأمنية لا يمكن مواجهتها إلا من خلال قوة ردعية تجهد للدفاع عن المكونات الشعبية فضلا عن السيادة الوطنية.
الواقع الأمني في الإقليم
شهدت مناطق متعددة في الإقليم خلال السنوات الماضية اضطرابات أمنية كبرى، تجلّى أحد أشكالها في الهجمات التي استهدفت مناطق ذات تركيبة سكانية معينة، كما حصل في الساحل السوري ومدينة جرمانا.
هذه الوقائع أكدت أن الصراعات الداخلية ليست مجرد اشتباكات محلية، بل تأتي ضمن مشهد أوسع ترسمه أطراف إقليمية ودولية تسعى لإعادة تشكيل الخريطة السياسية في المنطقة.
وتداعيات ذلك ستنعكس حتما وبشكل مباشر على الوضع الداخلي في مختلف دول الإقليم، وتهديدًا حقيقيًا للاستقرار، ما، يجعل التحصين الذاتي لكل مكون أمرًا لا غنى عنه، لا بصفته مشروعًا هجوميًا، بل كخط دفاع أولي أمام أي محاولة لفرض أي واقع جديد بالقوة.
الاحتلال الإسرائيلي والتهديدات الخارجية
لطالما شكّل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية تهديدًا مستمرًا لسيادة البلاد. فمنذ عام 1948، لم تتوقف 'إسرائيل' عن التدخل في الشؤون اللبنانية، سواء عبر الغزو العسكري المباشر أو عبر دعم جماعات مسلحة لتحقيق مصالحها.
إن الاعتداءات المتكررة على الأراضي اللبنانية، والاختراقات الجوية المستمرة، تؤكد أن لبنان لا يزال في دائرة الاستهداف الإسرائيلي سواء من خلال الاعتداءات المباشرة او من خلال المشروع الإسرائيلي التاريخي القائم على التوسع في الإقليم استنادا إلى نظريات تلمودية تم وضعها لإضفاء الشرعية على أي عملية قضم للأراضي من الدول المحيطة بالكيان الإسرائيلي والتي من ضمنها لبنان وهذا ما يستوجب وجود قوة ردعية تحفظ التوازن وتحمي البلاد من أي عدوان محتمل.
نزع السلاح
لا شك في أن حديث بعض الجهات عن نزع سلاح حزب الله والمقاومة في لبنان، ومحاولة الإيحاء أن هذا الأمر كأنه مطلب يمكن تحقيقه في ظل الوقائع الحالية المترافقة مع التهديدات الأمنية التي لا تنفك تداهم الشعب اللبناني، يظهر بوضوح هشاشة هذا الطرح البعيد كل البعد عن عن المنطق. وهو يدخل بلا شك في إطار الجدلية الفارغة في الشكل والمضمون، إذ إن لبنان ليس في وضع مستقر يسمح له بإعادة صياغة المعادلة العسكرية الحالية دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المحيطة والمتنوعة.
فإلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، يبقى خطر عدم وضوح الرؤية بشكل واضح حول مستقبل العلاقة بين الحكم الجديد في سوريا ومكونات الشعب اللبناني.
وهو واقع لا يمكن إنكاره، الأمر الذي يجعل أي دعوة لنزع السلاح غير متماشية مع المتطلبات الأمنية الفعلية التي تثير قلق غالبية مكونات الشعب اللبناني.
وفي هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى إن التوازن العسكري داخل لبنان ليس مجرد أداة ضغط، بل هو أحد العوامل الأساسية التي تحول دون وقوع البلاد في استضعاف أمني يمكن استغلاله من قبل أطراف متعددة لتحقيق أجندات خاصة. لذا، فإن أي نقاش حول هذه المسألة يجب أن يكون مستندًا إلى الاعتبارات الأمنية لا السياسية فحسب
في الختام لا بد من الإشارة إلى أن التحصين الذاتي لكل مكون ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة تفرضها الوقائع الأمنية والسياسية. فالتحديات التي تواجها المنطقة، تحتم الثبات، وتعزيز القدرات وأسباب القوة، والحفاظ على الجهوزية الدفاعية بما يحقق الأمن والاستقرار.
وأن الحديث عن نزع السلاح وفق الظروف الموضوعية الحالية يبدو طرحًا غير واقعي، لأنه يتجاهل حقيقة أن لبنان لا يزال في مرمى الاستهداف، سواء من الاحتلال الإسرائيلي أو من القوى غير النظامية التي تسعى لإعادة تشكيل الخريطة الأمنية في المنطقة. فالأمن الوطني ليس قضية قابلة للمساومة، بل هو حق لا يمكن التفريط فيه..
أخيرا في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من متغيرات علينا أن نتشدد في صناعة القوة وتعزيزها لأن العالم لا يحترم إلا الأقوياء.