اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
كتب مايز عبيد في 'نداء الوطن':
على طرقات ضيّقة، بالكاد تتّسع لخطّي سير، وفي أزقّة شعبيّة وأحياء تكتظّ بالناس، تَزَاحم 'التوك توك' على يوميّات اللبنانيين، كظاهرة دخيلة لم تجد حتى الآن من يضبطها أو يضع لها إطارًا قانونيًّا.
ورغم أنّ بداية ظهور هذه المركبات الصغيرة 'التوك توك' في لبنان كانت كحلّ بديل للنقل في المناطق المهمّشة، إلّا أنّها تحوّلت مع الوقت إلى مشهدٍ من الفوضى، يهدّد السلامتين العامة والمرورية، ويعكس غياب الرقابة من الدولة التي لا تضع قوانين للسير ولا تطبّقها.
دخلت هذه المركبات الصغيرة لبنان في العام 2021، مع تفاقم أزمة المحروقات وارتفاع أجور النقل. وبحجّة تخفيف أعباء التنقّل، أصبحت عبئًا بحدّ ذاتها، بعدما انتفت الأسباب الحقيقية التي كانت وراء انتشارها بهذا الشكل.
ومن أراد التوفير في أجور التنقّل فلم يعد 'التوك توك' هو الحلّ بالنسبة إليه، خصوصًا أنه يطلب مثل سيارة الأجرة مقابلًا ماليًّا للتنقّل. ناهيك بأنّه في بعض الأحيان، بات البعض يستخدمها من أجل أمور مخلّة، كالتعاطي وإقلاق راحة الناس وخلافه. وما يثير القلق أنّ هذه المركبات الصغيرة، تمشي على الطرقات بكامل شروط الفوضى. وما يثير القلق أكثر، أنّ أكثرية من يقودها من طرابلس إلى عكار مرورًا بالمنية، هم أطفال قصّر، أو بأحسن الأحوال مراهقون. يخرجون إلى الشوارع بلا رخص قيادة، ولا وعي مروريّ، ولا حتى حسّ بالمسؤولية. مشهد طفل يقود 'التوك توك' بسرعة جنونية في شارع مكتظّ، أو يتخطّى السيّارات من كل اتّجاه، رافعًا أصوات الأغاني على أعلى مستوى، لم يعد مشهدًا نادرًا، بل أصبح مألوفًا لدرجة مؤسفة.
في هذا المجال وحدها العشوائية هي القانون. لا تسجيل رسمي، لا لوحات، لا تأمين، ولا مساءلة. مركبات تتكاثر بلا ضوابط، وسائقون صغار باتوا يشكّلون خطرًا على أنفسهم قبل الآخرين، في ظلّ غياب أيّ إجراءات فعلية من البلديات أو القوى الأمنية، للحدّ من هذه الفوضى. أما الإبقاء عليها تحت حجّة 'خلي الناس تعيش' فهو تبرير هشّ لا يقدّر ثمن الحياة والسلامة والأمان.
الحاجة إلى التنظيم:
يرى رئيس الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية كامل ابراهيم أن المطلوب 'تنظيم هذه المركبات وتطبيق القوانين بشأنها'. ويضيف: 'التوك توك تحوّل إلى فوضى نتيجة غياب تنظيم قطاع النقل في لبنان. فهو يسجّل في النافعة كدرّاجة، وبالتالي لا يمكنه نقل الأشخاص مقابل بدل ماديّ لأنه ليس مركبة عمومية'.
ويتابع: 'هناك من يستخدم المركبة لنقل طلاب المدارس، ويسير بها على الطرقات العامة، والأوتوسترادات التي تزيد السرعة فيها عن الـ 60 كيلومترًا/ساعة، وبالتالي فإنّ وقوع حوادث قد يؤدّي إلى خسائر جسيمة، سواء على الصعيدين الروحي أم المادي'.
ويختم: 'من الواجب الآن إعادة النظر بكل هذه الأمور وتنظيمها، وتطبيق القوانين بشأنها ومنع قيادتها على الطرق السريعة مع المركبات الثقيلة'.
الأزمات والبدائل:
بالمقابل ثمّة من يرى، أن 'التوك توك' لم يكن مشكلة بحدّ ذاته، بل هو الوسيلة التي كشفت المشاكل الاجتماعية وعرّتها. من الفقر، إلى التسرّب المدرسي، وانعدام فرص العمل وغيرها. يبرع المواطن اللبناني مع كل أزمة تستجدّ في محاولة إيجاد البدائل. وفي ظلّ غياب أي مقاربة حكومية شاملة، تأخذ في الاعتبار هذه الفئات المهمّشة في المجتمع وتحسين أوضاعها من كل النواحي. ويبقى الأهم التركيز على أن يكون البديل دائمًا يراعي المعايير، وألّا تُعالج مشكلة بمشكلة أخرى أكبر منها، وأكثر خطرًا وتكلفة.