اخبار لبنان
موقع كل يوم -النشرة
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
شدد رئيس تحرير 'النشرة' الإلكترونية وأستاذ مادة الإعلام الإلكتروني والذكاء الاصطناعي في خدمة الإعلام في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية، جوزيف سمعان، على أن التحول الرقمي في المشهد الإعلامي اللبناني يمثل 'نقطة تحول حاسمة' تتجاوز مجرد تبني التكنولوجيا، لتصبح ضرورة وجودية لمؤسسات إعلامية تعاني من اختلالات اقتصادية وإدارية.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها سمعان ضمن مؤتمر 'الصحافة اللبنانية: الرؤية والدور' الذي نظمته نقابة محرري الصحافة اللبنانية ومركز لبنان للعمل التطوعي في اتحاد الغرف العربية – مبنى عدنان القصار في بئر حسن.
أوضح سمعان أن الهدف من التحول الرقمي يجب أن يتجاوز 'الرقمنة السطحية' نحو 'تحول هيكلي عميق' لإصلاح النموذج الإداري، بحيث تتجه الصحافة اللبنانية نحو أداء دور 'المعمر' في سد فجوة المعلومات ومكافحة فوضى الأخبار المضللة.
وأشار إلى ضرورة تبني نماذج تقنية وإدارية متكاملة لتنظيم العمل الجماعي وضمان التنسيق في غرف الأخبار، أبرزها نموذج 'Convergence Continuum' الذي وضعه عام 2005 الباحث لاري دايلي وزملاؤه، ويصف مستويات التعاون بين غرف الأخبار في المؤسسات متعددة المنصات، من التعزيز المتبادل وصولًا إلى الاندماج الكامل في هيئة تحرير موحدة.
كما دعا إلى اعتماد أدوات رقمية متقدمة مثل Trello وMonday.com لإدارة المشاريع، وأنظمة CMS مرنة قائمة على SaaS لضمان بيئة تحرير خالية من الاحتكاك، إضافة إلى استخدام نظام API-First CMS لتسهيل النشر عبر مختلف المنصات.
واعتبر سمعان أن مكافحة الأخبار المضللة تمثل التحدي الأبرز أمام الإعلام اللبناني، ما يستدعي تبني منهجيات تحقق معمقة تقوم على دورة حياة للمحتوى تبدأ بالتخطيط والتدقيق الدقيق للأسماء والتواريخ والمصادر، مع اعتماد سياسة تحيين المعلومات في الوقت الحقيقي لتعزيز الشفافية.
وأشار إلى أهمية تطبيق المنهجية النقدية القائمة على التساؤل الخماسي لتدقيق المصدر والسياق واستشارة الخبراء، إلى جانب الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي في كشف التزييف العميق (Deepfakes).
ولفت إلى أن الجهود المؤسساتية تتجه نحو بناء القدرة المجتمعية على الصمود عبر التربية الإعلامية والمعلوماتية، مستشهدًا باتفاقية الشراكة التي وقعتها وزارة الإعلام اللبنانية مع اليونسكو والمنظمة الدولية للفرنكوفونية في كانون الثاني/يناير 2025 لتدريب الصحافيين على مهارات التحقق.
توقف سمعان عند التحدي الأخلاقي بين السرعة والمصداقية، معتبرًا أن الحفاظ على الثقة يفرض تبني منهجية النشر الشفاف القائمة على فلسفة 'النشر المحدث' (Iterative Publishing)، أي نشر النواة المؤكدة للمعلومة مع الإشارة بوضوح إلى أن التفاصيل قيد التحقق والتحديث.
وأكد أن المسؤولية المهنية تتطلب الالتزام الصارم بأخلاقيات المهنة واستقلالية المؤسسات، لتأمين حماية الصحافيين من ضغوط الوقت والمنافسة.
وفي ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، أشار سمعان إلى إمكاناته في توليد المحتوى المرئي (AI Anchors) وتحليل البيانات الضخمة لدعم الصحافة الاستقصائية، لكنه حذّر من الاعتماد الكلي عليه، نظرًا لافتقاره إلى الحكم الأخلاقي والتعاطف الإنساني.
وشدد على أن الصحافي البشري يجب أن يبقى المحور الأساسي الذي تدور حوله التقنيات، بحيث يتيح له الذكاء الاصطناعي التحرر من المهام الروتينية للتركيز على التفكير النقدي والقصة الإنسانية، مع بقاء مسؤولية التحقق والقرار التحريري في يد الإنسان.
واختتم سمعان بالتأكيد على أن نجاح التحول الرقمي في الصحافة اللبنانية يتطلب تحويل تعدد المهارات إلى مطلب أساسي، وتفعيل إطار النشر الشفاف والمحدث، وتوجيه الاستثمار في الذكاء الاصطناعي نحو الجودة والاستقصاء بدلًا من الأتمتة الكاملة.











































































