اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢٤ أيار ٢٠٢٥
إلى يوم القيامة؟
أُفتّشُ عن صباحي في مسائي
وأتركُ خِرْبَةَ الدنيا ورائي
وأحسَبُ سندباداً من جنودي
وأمزجُ ماءَ تشرينٍ.. بمائي
أُفكّرُ بالخوارقِ كيف تأتي
وأسألُ كيف صورَتُها إزائي
أمَجنونٌ وفي عقلي خُيولٌ
تزغردُ أنّ في دائي دَوائي؟
أسَكرانٌ وفي لُغتي نبيذٌ
تَقَطّرَ من عناقيدِ السماءِ؟
وقلبي ما عرَفتُ لهُ مكاناً
بصدري أم بصدرِ الريح ناءِ
قطَعتُ مسالكي فكأنّ فيها
أصابعَ نجمةٍ وعيونَ راءِ
فكيف أكونُ من طِينٍ وعندي
مناراتٌ تدورُ على هوائي؟
وعلّمتُ الغيومَ حروفَ إسمي
وأخبرتُ الجبال عنِ انتمائي
إلى أبَدٍ خُلِقتُ ولستُ أدري
رَشَادي من غروري من شقائي
وما صلّيتُ للرحمانِ يوماً
ولا أعْمَلتُ حِقدي في عَداءِ
وجَدتُ ظلالَ ربّي بي عِياناً
تُسَوّرُني.. وتهمسُ في الخفاءِ
وكانَ الصوتُ ألْطفَ من جُموحي
وكانَ الوحيُ أجملَ من غَبائي
رجعتُ إلى مصيرِ الطّينِ طِفلاً
أُغَنّي.. والحقيقةُ في غنائي
ورُحتُ إلى الطفولةِ فَهْيَ حِصْني
بأسئلةٍ وأجوبةٍ... هَباءِ
يعيشُ االلهُ فِيَّ، فهل بِمَوتي
يموتُ االلهُ فِيَّ، على سَواءِ؟
أم انّ االلهَ يتركُنا عُراةً
لأنّ السرّ يكمنُ في العَراءِ؟...
وهل بين السماءِ وكلِّ أرضٍ
تَواصُلُ عالَمَينِ على لقاءِ؟
أم انقطَعَتْ عن الأرِض السماءُ
التي اختارَت طَلاقاً عن جفاءِ؟
وفي الأرضِ اشتياقٌ آدَميٌّ
لربٍّ... عَوّدوهُ على الثنَاءِ
فهل يشتاقُ ربُّهُمُ إليهِمْ
كما اشتاقوا وذابوا بالرّجاءِ؟
رأينا الناسَ أفواجاً تصلّي
ولم يَجِدوا على قَدْرِ العطاءِ
فمِنْ ظُلْمٍ يداومُ مُستبيحاً
كرامتَهُمْ.. إلى غضَبِ ابْتِلاءِ
وتَعبُرهُمْ سنينُ الحَيْفِ بَرقاً
ورعداً، تحتَ أوهامِ البقاءِ؟
سينتظرونَ مَكلومينَ نفْسَاً
إلى يوم القيامةِ.. والفَناءِ؟
إلى يوم القيامةِ؟ كم بعيدٌ
وكم نُضفي عليهِ منَ العَماءِ
فإمّا نَجِّهِمْ يا ربُّ فوراً...
أوِ اسْتَدْعِ القيامةَ.. للشّفاءِ!
———————————
أُمُومةُ الضاحية
سماؤكِ ألْقت فوق جسمي أزاهِرا
ونامت على زندي تئنُّ خَواطِرا
لضَاحِيتي مثلُ الأمومةِ حاسّةٌ
توزّعُ من صمتِ العيونِ بَصائرا
تميلُ على خَدّي تُطَيّبُ مضجعي
وترجو لِصَبري أنْ يُراوحَ صابرا
لضاحيَتي طفلٌ أنا كُنتُه قضى
على نفسِه أنْ لا يَرودَ مَقَابرا
فيكتبَ فوق الرملِ بالقصَبِ الذي
يُرافقُهُ رفُّ العصافيرِ شَاعرا
وينصحُ للأصحابِ أن يعشقوا كما
مجانينُ أيّامِ الصحارَى وما جَرى
وقد كبُرَت أحلامُهُ في دروبِها
فشَقّ لهُ بينَ الدروبِ منَابرا
فما بالُ أوجاعُ الجوارحِ جُمِّعَتْ
ليَطغَى بها غَدرُ الزمانِ مُصَادِرا
ومَنْ بَعدِ تكسيرِ القيودِ على الذي
رمَانا بها، دَهرٌ أتانا مُحاضِرا؟
وكان رمادُ الناس فوقَ رؤوسِهِمْ
وأرواحُهُم كانت تخُطُّ المَعابرا:
هنا سوف تنجو من عظيمِ كآبةٍ
هناك ستغدو بين شطّينِ حائرا
هنالكَ ظِلُّ الموتِ يصبغُ وجهَهُ
تَمَهَّلْ، وحَيِّدْ عنهُ وافتَحْ مَحاجِرا
لضاحِيتي بابانِ... بابٌ لأهلِها
يُرى فيه ما لا يَرى القلبُ ناظِرا
وبابٌ لترميمِ السيوف فكلّما
تنَحّى شهيدٌ، غيره كان حاضرا
تعَتّقَ فيها الحزنُ، حتى تمزّّقَتْ
ثيابُ بَنيها الحاملينَ مَنائرا
وضاقَ حزامُ البؤسِ يخنقُ فِتيَةً
أداروا على ساحِ البلادِ مَصائرا
وفي رحْمها الفُرسانَ رَبّت وكبّرَت
وكم فَجَعوا جيشاً يُريعُ قياصِرا
كسِبْتَ؟ وما الأعداءُ في كسْبِ بُرهةٍ
لعشرين عاماً كنتَ تحتالُ صاغرا
وكنا على رِجْلٍ نُخَلّيكَ واقفاً
وكنا، على قَهرٍ نُبَقّيكَ ساهرا
لضاحيتي والجرحُ يُعجِزُ قلبَها
عن الحبّ، ما ولّدتِ إلّا أكابِرا
تَعِبنا، ولكنْ ما تَعِبنا أراملاً
تعبنا منَ الكونِ الذي صار عاهِرا
لنا عَودةٌ للعنفوانِ وما حكَى
بنا رَجُلٌ، كانت رؤاهُ جَواهِرا
ومَن مَلأَ الأيامَ قَتلاً بطَيشِهِ
سنؤتي لهُ عقلاً.. فَيهربَ شاكرا!