اخبار لبنان
موقع كل يوم -الصدارة نيوز
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
كتب ربيع ياسين…
لم يتوقّف النائب فؤاد مخزومي يومًا عن محاولاته المتكرّرة لاختراق وجدان الشارع البيروتي، رغم الرسائل الواضحة التي تلقّاها من البيارتة، وعنوانها الأساسي: لن تكون يومًا زعيمًا بيروتيًّا. لكن على ما يبدو، أن من حوله أقنعوه بأنه بالمال يمكن أن يصبح زعيمًا، لعله يحظى بالدخول إلى القصر الحكومي يومًا. لكن هؤلاء نسوا، أو تناسوا، أن يخبروه بأن المال لا يصنع الزعامات، بل محبة الناس الصادقة هي من تصنع، وهذا ما يفتقده مخزومي منذ لحظة دخوله الحياة السياسية.
اليوم، عاد مخزومي، وقبل عام من الانتخابات النيابية، ولكن هذه المرة من باب جديد: بلدية بيروت.
تحت عنوان 'هبة غير مشروطة'، حاول مخزومي تمرير بند في مجلس بلدية بيروت يتيح لمؤسسته تقديم ما سُمِّي بـ'الدعم اللوجستي في كل المجالات'، من دون أي تفاصيل واضحة أو آليات قانونية. بند أقرب إلى شيك على بياض، أراده مخزومي مدخلًا ناعمًا لتوسيع نفوذه وتحويل البلدية إلى منصة دعائية لأجندته السياسية، لكنه اصطدم برفضٍ واسع من الأعضاء.
فقد رفضت غالبية المجلس تمرير هذه الهبة بالشكل الذي طُرحت فيه، ووصفتها بأنها غامضة ومفتوحة على احتمالات خطيرة تمسّ استقلالية البلدية وشرعيتها، وقد تصل إلى حدّ استبدال المؤسسات البلدية بمؤسسة خاصة تتبع نائبًا يسعى إلى تثبيت حضوره المفقود في بيروت، ولو على حساب القانون والمؤسسات.
ما حاول مخزومي القيام به لم يكن مجرّد 'مساعدة'، بل محاولة سافرة لوضع اليد على بلدية العاصمة وتوظيفها في خدمة حملته الانتخابية القادمة. لم تكن 'الهبة' سوى مدخل لتسويق الذات على حساب مؤسسات الدولة.
أراد فؤاد مخزومي أن يُزيّن رفضه البيروتي بهبات مموّهة، وأن يُعوّض فشله السياسي باستثمارات 'خيرية' مدروسة. لكنّ مجلس بلدية بيروت قال كلمته: العاصمة ليست منصة انتخابية، ولا تُباع بهبة، ولا تُشترى بخدمة. ورفض بعض الأعضاء تمرير البند شكّل صفعة جديدة لمخزومي أولًا، ولرئيس البلدية ثانيًا، الذي حاول إقناع الأعضاء بأهمية هذه 'الهبة'، ولمن لا يزال يظنّ أن أصوات البيارتة تُشترى أو تُستدرج.
إذا كان مخزومي يظن أن تلميع صورته يبدأ من مبنى البلدية، فعليه أن يُعيد حساباته. بيروت التي رفضته بالأمس، لن تسمح له اليوم أن يتسلّل من نوافذها الخلفية. الكرامة السياسية لأهل العاصمة ليست معروضة في سوق التنازلات، ولا البلدية ساحة مفتوحة لمن يُتقن الاستثمار في المناسبات الانتخابية.