اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٣٠ أيار ٢٠٢٥
شهدت المنطقة المتنازع عليها بين تايلاند وكمبوديا، في الساعات الأخيرة، حادثةً مسلحةً نادرةً أسفرت عن مقتل جندي كمبودي، وسط حالة من الترقّب الحذر وسعي عاجل لاحتواء الأزمة.
وبحسب رواية الجيش الملكي الكمبودي، اندلع اشتباك مسلح بين قوات كمبودية وتايلاندية بالقرب من منطقة برياه فيهير الكمبودية ومقاطعة أوبون راتشاثاني التايلاندية، وهي منطقة لطالما شكلت بؤرة توترٍ بين البلديْن.
المتحدث باسم الجيش الكمبودي، ماو فالا، أكد مقتل جندي كمبودي ووقوع إصابات إضافية لم تُكشف تفاصيلها بعد. في المقابل، اتهم الجيش التايلاندي الجنود الكمبوديين ببدء إطلاق النار أولًا، ما دفعهم إلى الردّ، مشيرًا إلى أن الاشتباك استمر قرابة عشر دقائق قبل أن يطلب الجانب الكمبودي وقف إطلاق النار.
في أعقاب الاشتباك، سارعت كلّ من كمبوديا وتايلاند إلى احتواء الوضع عبر القنوات العسكرية والدبلوماسية. وأعلنت الحكومتان، مساء الأربعاء، عن عقد اجتماعٍ طارئٍ بين قائدَيْ جيشَيْ البلدين، اليوم الخميس، لبحث ملابسات الاشتباك وتجنّب أي تصعيد إضافي.
رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت، الذي كان في مهمةٍ رسميةٍ في اليابان وقت الحادثة، أبدى اهتمامًا مباشرًا بالحادث. ونشر على صفحته على 'فيسبوك': 'آمل أن يُسفر الاجتماع عن نتائج إيجابية تسهم في الحفاظ على الهدوء ومنع أي تصعيد عسكري قد يؤثر في استقرار المنطقة'.
وفي تصريحاتٍ لاحقةٍ، أشار رئيس الوزراء الكمبودي إلى أن بلاده 'بحاجة إلى الاستعداد لحالات الطوارئ'، مشيرًا إلى أن كمبوديا تحترم القانون الدولي لكنها 'تحتفظ بحقّها الكامل في الدفاع عن أراضيها، بما في ذلك استخدام الوسائل المسلحة إذا لزم الأمر'.
وعلى الرغم من هذه اللهجة الحازمة، أرسل هون مانيت رسالة طمأنة للرأي العام، داعيًا الشعب الكمبودي إلى منح الثقة لحكومته وجيشه في 'إيجاد حلول تحفظ السيادة وتضمن السلام'.
من جهته، قال وزير الدفاع التايلاندي فومتام ويتشاياتشاي بلهجة تصالحية واضحة: 'نحن لا نريد مواجهة. هدفنا التهدئة، وليس التصعيد'.
حادثة محلية في سياق إقليمي
على الرَّغم من أن الاشتباكات الحدودية بين كمبوديا وتايلاند ليست ظاهرةَ دائمةً، إلّا أنّها تفتح الباب مجدّدًا أمام الذاكرة الإقليمية المثقلة بالنزاعات حول الأرض والمعالم التاريخية. ويأتي هذا الحادث في توقيتٍ دقيقٍ، إذ تزامن مع اختتام قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في ماليزيا، ما أعطى للحادث أبعادًا دبلوماسيةً أوسع تتعلّق بوحدة الكتلة الإقليمية.
في هذا السّياق، دعت وزارة الخارجية الفيتنامية، على لسان المتحدثة فام ثو هانج، إلى ضبط النفس وتسوية الخلافات 'عبر الحوار وبما يتماشى مع القانون الدولي وروح التضامن بين دول آسيان'.
الحادثة تمثّل كذلك اختبارًا جديدًا لفاعلية 'روح التضامن الآسيوي' التي ترفعها منظمة آسيان، والتي تسعى لتقديم نفسها ككتلة موحدة قادرة على حل النزاعات بين أعضائها دون تدخلات خارجية. فهل تستطيع آسيان لعب دور الوسيط الفعّال في حال تعثّرت الجهود الثنائية؟
أرض الاشتباكات
الاشتباك الأخير يعيد إلى الأذهان النزاع الشهير حول منطقة معبد برياه فيهير. وهو معبد هندوسي بُني منذ أكثر من ألف عام على الحدود بين الدولتين. وعلى الرَّغم من حكم محكمة العدل الدولية عام 2013 الذي منح السيادة عليه لكمبوديا، لا تزال المنطقة المحيطة به محلّ خلافات حدودية مزمنة.
وقد شهدت تلك المنطقة في أوائل الألفية الثالثة اشتباكات عنيفة، استدعت تدخلات إقليمية ودولية حينها، أبرزها عامي 2008 و2011، حين أُطلقت قذائف هاون وقُتل جنود من الطرفيْن.