اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ١٥ نيسان ٢٠٢٥
تأهّلت تونيا مكاري رسمياً إلى بطولة العالم للرجل الحديدي المرموقة في كونا، هاواي، والتي ستقام في 11 تشرين الأول 2025. خبرٌ يحمل معه قصة ملهمة لابنة إهدن، التي بدأت رحلتها في رياضة الترايثلون عام 2020 بعد خضوعها لعملية جراحية في الركبة، فتحوّلت من رياضية مصابة إلى منافسة على أعلى المستويات العالمية.
البداية جاءت بدافع قوي لاستعادة العافية والعودة بصورة أفضل. ومع دخولها مرحلة التأهيل، بدأت تونيا بالتدرّب مع المدرب جواو أرتيشي في أيار من العام ذاته، واضعة نصب عينيها هدفاً بدا بعيد المنال آنذاك: التأهّل إلى كونا.
في 30 آذار الماضي 2025، شاركت مكاري في بطولة الرجل الحديدي في جنوب أفريقيا، وتحديداً في مدينة بورت إليزابيث، لتخوض ثاني سباق كامل لها في هذه الرياضة التي تتطلّب قدرة خارقة على التحمّل، حيث تمتدّ المسافات إلى 3.8 كلم سباحة، 180 كلم على الدراجة الهوائية، و42.2 كلم جرياً. في ظلّ ظروف مناخية صعبة وتحدّيات بدنية هائلة، استطاعت تونيا أن تحجز مكانها في نقطة الانطلاق في كونا، لتتوّج سنوات من الإصرار والعمل الجاد.
تعبّر تونيا عن مشاعرها بعد هذا الإنجاز قائلة: 'أشعر بالحماس الشديد. هذا التأهّل يعني لي الكثير، إنه دليل على أن كل شيء يحدث لسبب. كما يقول مدربي دائماً: 'من فتاة بنصف ركبة إلى فتاة كونا'. الآن أصبح كلّ شيء منطقياً، كل انتكاسة، وكل مجهود قاداني إلى هذه اللحظة'.
لكن كيف بدأت هذه الرحلة؟ تقول تونيا إنها لم تكن تعرف شيئاً عن الترايثلون قبل خضوعها للعملية الجراحية، وإنها لجأت إلى السباحة وركوب الدراجة كجزء من خطة التأهيل، خصوصاً بعد أن منعتها حالتها من العودة إلى الجري مباشرة. 'في أحد الأيام، وبعد جولة بالدراجة في حتا حيث كنت أركب الدراجة فعلياً بحذاء الجري، سجّلني أصدقائي في سباق الترياثلون. ذلك السباق غير المتوقع غيّر كل شيء. ما بدأ كوسيلة للتعافي تحوّل إلى شغف. لقد ساعدني الترياثلون على إعادة بناء نفسي جسدياً وذهنياً وأعاد إليّ ثقتي وفتح أمامي عالماً جديداً بالكامل'.
الطريق لم يكن سهلاً، بل تخللته تحديات قاسية. من أصعب المراحل التي مرّت بها تونيا كانت أثناء تحضيرها لأول سباق آيرونمان كامل في برشلونة، حيث تعرّضت لإصابة قبل السباق بشهر. 'لم أكن قادرة على فعل شيء سوى السباحة. كانت فترة صعبة نفسياً، من الصعب أن تظل ملتزماً وأنت غير متأكد إن كنت ستتمكن حتى من الوقوف على خط الانطلاق. لكنني حضرت، وثقت في المسار، وتجاوزت التحدي. وأدركت أن المتعة الحقيقية في هذه الرياضة هي أن تثبت لنفسك أنك تستطيع، خاصة عندما تعتقد أنك لا تستطيع'.
وفي مقارنة بين سباق برشلونة وسباق جنوب أفريقيا، توضح مكاري أن الفارق كان شاسعاً. ففي برشلونة، كان هدفها ببساطة عبور خط النهاية، لتثبت لنفسها أنها قادرة على إتمام السباق. أما في بورت إليزابيث، فقد حملت المنافسة بعداً مختلفاً تماماً، لأن التأهّل إلى كونا كان على المحك. وتضيف: 'المسار كان أصعب بكثير، تلال كثيرة، ورياح معاكسة وجانبية قوية أثناء ركوب الدراجة والجري. ومع الحرارة، أصبح التحدي مضاعفاً وجعل الأداء بالطريقة التي تمنيتها أمراً صعباً للغاية'.
أما عن التحديات التي تنتظرها في كونا، فتصف تونيا السباق بأنه 'اختبار حقيقي للتحمّل'، مشيرة إلى المناخ القاسي الذي يجمع بين الحرارة العالية، الرطوبة، والرياح، بالإضافة إلى الجوانب اللوجستية مثل السفر الطويل، فرق التوقيت، ومحاولة التكيّف مع بيئة جديدة. وتضيف: 'من الصعب وجود الأهل أو الأصدقاء للدعم، وتغطية التكاليف تمثل التزاماً كبيراً. ورغم كل ذلك، أنا متحمسة جداً لخوض هذا التحدي'.
التحضيرات للسباق العالمي بدأت منذ الآن، بخطة تدريبية منظمة تحت إشراف المدرب جواو أرتيشي، تركز على تعزيز التحمّل، تقوية الجسد، والتكيّف مع الحرارة. لكن التحدي لا يتوقف عند التدريب فقط، إذ تتحدث تونيا عن التوازن الصعب بين الحياة المهنية والرياضية: 'عملي أصبح أكثر تطلباً الآن بعد أن تولّيت منصباً أعلى، لكنني أحرص على الاستمرار في إظهار أن بالإمكان التدريب بجدية وتحقيق الطموح المهني في الوقت نفسه'.
وعلى المستوى الشخصي، تحيط بها مشاعر متضاربة، إذ تتوقّع ولادة ابن أخيها الأول في وقت السباق نفسه تقريباً. 'قد أفوّت تلك اللحظة المميزة، لكنني ممتنة لدعم أختي، البطلة اللبنانية التي تشاركني العقلية الطموحة نفسها، وكذلك والديّ وفريقي الذين لا يتوقفون عن دعمي'.