اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
كتب كبريال مراد في 'نداء الوطن':
لأنّ السلطة هيبة وقرار، ولبنان في سباق مع الوقت، ساءل النوّاب حكومتهم أمس. فكلّ يوم يمرّ من دون معالجات جدّية، يزيد الأوضاع تفاقمًا، خصوصًا أنه من دون عودة الدولة، بدءًا بحصرية السلاح وقرار الحرب والسلم، فلا يتأمّل أحد بعودة العلاقات العربية والدولية أو 'يتطلع حدن بلبنان'. وفي ضوء المتغيّرات المحيطة بلبنان، أكّد النواب أن الدولة بخطر، ما لم تبادر في أكثر من ملف.
من هنا، وانطلاقًا من هذه المقاربة، تركّزت غالبية كلمات النوّاب المطالبين بجدول زمني من مجلس الوزراء في أول جلسة يعقدها على وضع خطّة لسيطرة الدولة وبدء خطوات فعلية لحصرية السلاح حتى لا تبقى هناك أي بؤر عسكرية أو أمنية.
ولأنّ الجلسة كانت منقولة على الهواء، كان لا بدّ من مستلزمات 'الإثارة والتشويق' من خلال السقوف العالية والمقاطعة التي لم تتطوّر إلى حد الإشكالات والسجالات غير الاعتيادية.
وقد انطلقت الجلسة بحضور 72 نائبًا، تبيّن أن 54 نائبًا من بينهم طلبوا الكلام، الأمر الذي اعتبره بري 'لا يستقيم إلّا بالتقليل من عدد المتكلمين، خصوصًا أننا سنعقد جلسة مساءلة كل 3 جلسات تشريعية'.
فحدّد بري مدة 10 دقائق لكلّ نائب مستقل، مانحًا الكتلة المؤلّفة من 4 نواب الحق بمتكلّم واحد، وبمتكلمين للكتلة من 10 نوّاب، و3 للكتلة من 15 نائبًا، و4 للكتلة المؤلّفة من 20 نائبًا.
هذه المسألة اعترض عليها نواب التيار الوطني الحر الذين اعتبروا أن حقّهم كمعارضة مساءلة الحكومة. لكنّ بري أصرّ على قراره قائلًا 'منمشي بهل خطّة، وإلّا ما منخلص اليوم'.
ووفق المعلومات، فإنّ بري حاول في اليومين الماضيين التقليل من عدد المتكلمين واختصار المداخلات من دون أن ينجح بذلك.
فأعطى المهمة لنائبه الياس بو صعب الذي تواصل مع الكتل، حتى خلال الجلسة، لضبط الوقت، واختصار الكلمات. وكان نائب رئيس مجلس النواب أوّل المتكلّمين في الجلسة فاعتبر أنّ 'الحملات الانتخابية بدأت مع ما يرافقها من المزايدات'.
وكان لافتًا أن بو صعب الذي يرأس اللجنة الفرعية لقانون الانتخاب قال 'إن الاختلاف كبير وعميق على قانون الانتخاب الحالي. وإذا لم يحصل الاتفاق فسنصل إلى مرحلة عدم القدرة على تطبيق القانون الحالي من دون تعديل وعندها لا أعلم كيف ستجرى الانتخابات'.
النائب جورج عدوان سأل 'هل نحن بمرحلة جديدة أم نستجر مراحل الماضي؟'، ليقول إن 'بيت القصيد يتعلق بقيام الدولة. فهناك دولة خارج الدولة مهيمنة على قرار الدولة. واعتقدنا وتأملنا مع اللبنانيين أنه مع هذه الحكومة ستستعيد الدولة قرارها وهيبتها وسيطرتها على كامل التراب اللبناني. فلا القرار استعيد ولا السلطة فرضت ولا الهيبة وجدت'، مطالبًا بخطوات عملية 'حتى لا تتحوّل من حكومة أمل وإنقاذ إلى حكومة فرصة ضائعة وخيبة أمل'.
ما نعيشه بسببك
وعندما وجّه النائب سليم عون سلسلة انتقادات للحكومة سائلًا عن قانون الانتظام المالي، ومعتبرًا أن الحكومة لا تريد تحديد الفجوة وتوزيع المسؤوليات وإيجاد حل لأموال المودعين، مطالبًا إيّاها بمهلة واضحة لإرسال المشروع إلينا، ردّ بلال الحشيمي بالقول' يا سليم، ما تتحدث عنه وصلنا إليه بسبب عهدكم وأنت اليوم تحاول تحميل الحكومة الحالية المسؤولية؟ كان معكم رئيس وحكومة ووزراء ندفع اليوم ثمن أفعالكم'.
الفرصة التاريخية لإعادة بناء وطن ودولة حقيقية، تحدّث عنها النائب ميشال معوض الذي أكّد أن 'نجاح الحكومة لا يقاس بالمقارنة بسابقاتها بل بقدرتها على الاستفادة من التحوّلات الكبيرة التي تحصل في المنطقة لإعادة لبنان الدور والوطن، وهو ما لا يحصل بعمل تراكميّ بطيء بل بنقلة نوعية جذرية لا سيما على صعيد حصرية السلاح بيد الدولة'.
في كلمته، بدأ النائب جبران باسيل بالشكوى من عدم إجابة الحكومة عن سلسلة أسئلة قدّمها تكتل لبنان القوي، فقال له بري: 'مش عاجبك الجواب حوله لاستجواب'. وقد وصف باسيل السلطة بالمتفرّجة والتي لا تبادر، متوجّهًا إلى بري بالقول في موضوع التعيينات 'برافو عليك بتعرف توصل ليلّي بدك ياه'. وقد أثار باسيل مسألة ملاحقة مدير عام كازينو لبنان رولان خوري وشركة BETARABIA معتبرًا أن ما يجري هو 'ملاحقة النضاف لإعادة الصندوق الأسود والسوق السوداء'.
سجال وتدخّل
وعند إلقاء النائب سيزار أبي خليل كلمته وغمزه من قناة القوات اللبنانية، قاطعه النائب رازي الحاج معتبرًا أن وزراء القوات يطبّقون القانون، فما كان من بو صعب إلّا أن توجّه إليه بالقول 'هذه المرة الثانية التي تقاطع فيها زميلًا لك أثناء إلقاء كلمته، وإذا تكرر الأمر ستجبرني على تطبيق النظام الداخلي للمجلس'. فقال أحد النواب 'بتوقف على إجر واحدة'، فردّ بو صعب 'على إجر ونص'. ما دفع الحاج للردّ مجدّدًا بالقول 'الياس، مش لرازي الحاج بيتوجّه هل كلام'. فارتفع صوت بو صعب قائلًا 'مش إنت بتعلّمني شو إحكي، والمشاغبة لن توصلك إلى مكان أو تعملّك شعبية'. فتدخّل النائب جورج عدوان لتهدئة الوضع.
وكان النائب غازي زعيتر طالب بري بموقف من مجلس النواب في شأن الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت البقاع قبيل انعقاد الجلسة. فلم يجب بري. وعندما أعطي الكلام لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب ابراهيم الموسوي كرّر المطالبة بموقف من الغارات الإسرائيلية، معتبرًا أن 'التعاطي بمنطق الغالب والمغلوب خيانة للبنان'، وواصفًا ما نعيشه 'بالخطر الوجودي الحقيقي'.
أما النائب إبراهيم كنعان فوجّه أسئلة للحكومة بـ 4 ملفات أساسية 'ماذا يحصل بموضوع عودة النازحين، والسلاح الفلسطيني، وتنفيذ القرار 1701 وحصرية السلاح، وقانون أموال المودعين وتحويل ساحل المتن إلى مكب للنفايات'. وسأل كنعان الحكومة 'متى ستحيلين قانون الفجوة المالية وما هي خطوطه العريضة، فاستعادة أموال المودعين جزء من استعادة الثقة بالدولة'.
وزراء وخدمات
في الجلسة المسائية، كان أكثر من نائب يتابع مع الوزراء مسائل خدماتية وقضايا ملحّة. وعندما صودف أن تحدّثت أكثر من نائبة، توجّهت النائبة بولا يعقوبيان إلى بري بالقول 'على ما يبدو دولة الرئيس صافف السيدات ورا بعض'، فأجاب 'بعد في طولي بالك'.
أما النائب ميشال ضاهر فطالب 'حزب اللّه' بموقف جريء بموضوع السلاح 'وألّا ينتحر ويأخذ اللبنانيين معه'، وذلك بموازاة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلّة.
قضية حصرية السلاح حضرت كذلك في كلمة النائب سامي الجميل الذي اعتبر أن 'حصرية السلاح هي الخطوة الأولى لكل شيء، لأن مقومات الدولة شعب وأرض وحصرية استعمال القوة'، مؤكدًا 'الالتزام بالتضامن الوزاري لأننا أعضاء في الحكومة، وإذا كان لدينا ما نقوله نقوله لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بين 4 حيطان للتحسين لا للاستعراضات الإعلامية على حساب بناء الدولة وانطلاقة الحكومة'. واللافت أنّ الجميّل توجّه إلى بري بالقول 'هل أنت مع حصر السلاح دولة الرئيس؟'، فأجاب بري 'نعم أنا مع حصر السلاح'.
'اللحظة مصيرية' بحسب النائب بيار بو عاصي لذلك 'مطلوب نقول الحقيقة مهما كانت صعبة'، والحكومة 'لا يجب أن تكون مجرّد إدارة، بل عليها تثبيت الدولة في لبنان'. مؤكدًا أن 'ما في سيادة à la carte'.
وكمن يغرّد خارج سرب غالبية المتكلّمين، استهلّ النائب علي فياض كلمته 'بالتذكير ببعض الثوابت والبديهيات في زمن الخيارات الكبرى والتحدّيات'، معتبرًا أن 'حصر مشكلة الدولة فقط بموضوع السلاح، لا يؤمّن الأرضية للحوار'، سائلًا الحكومة عن إعادة الإعمار 'لأن الجنوبيين خارج منازلهم وقراهم'. فتوجّه إليه النائب مروان حمادة بكلمته بالقول 'نريد إعادة الإعمار قبلكم، ولكن نريد منكم أن تكبسوا الزر معنا'.
في المحصّلة، لم تخرج مجريات الجلسة عمّا كان مرتقبًا منها. وقد مارس خلالها بري ما اتفق عليه مع سلام في اجتماعهما الذي عقد قبل أيام 'تفكيك لغم السجالات تحت قبة البرلمان، حتى لا ينفجر على طاولة مجلس الوزراء'. فما هي الخطوة التالية؟ وهل من إجراءات عملية في 'بيت القصيد' وهو حصرية السلاح؟