اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
كتب رمال جوني في 'نداء الوطن':
تنتشر بسطات الخضار والفاكهة على طول طرقات الجنوب، وقد زاد عددها بشكل لافت بعد الحرب. ساهم ارتفاع بدلات إيجار المحال التجارية في تعزيز انتشارها، كما شكّلت، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، فرصة عمل لكثير من الشباب.
تتنوع تلك البسطات بين التين والبطيخ والخضار والصبّار، حتى مواد التنظيف حضرت على هذه البسطات، التي باتت جزءًا من اقتصاد العائلات الجنوبية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الجنوب.
على طريق النبطية – شوكين، يضع قاسم السيد بسطته لبيع الصبّار. كان قبل الحرب يملك محلًا لبيع البزورات في بلدة العديسة الحدودية، غير أن الحرب دمّرته كما دمّرت سائر بلدات الحدود الجنوبية.
وجد قاسم في بيع الصبّار فرصة عمل لمواجهة تحديات الحياة، ويرى في عمله تحدّيًا لواقعه الصعب.
يباع كيلو الصبّار اليوم بحوالى 900 ألف ليرة، ويختلف السعر تبعًا لحجم الحبة. وكان سابقًا يحظى بإقبال واسع، غير أن تهديدات الحرب وتردي الأوضاع المعيشية أسهما في تراجع حركة البيع.
معظم زبائن قاسم هم من رواد الأنهر، فالصبّار 'صديق مشاوير النهر' على حد تعبيره، غير أن تراجع حركة ارتياد الأنهر جنوبًا خفّض حركة البيع. فبعد أن كان يبيع 90 كيلوغرامًا في اليوم، لا تتجاوز حركة البيع اليوم 30 كيلوغرامًا، ويعتبر قاسم هذا التراجع كبيرًا، بالنظر إلى ما يمر به الجنوب من أوضاع.
يمضي قاسم ساعات أمام بسطته، يجهّز أكواز الصبّار المبرّدة بانتظار زبون عابر. وهذا بات عمله منذ ما بعد الحرب. ويدرك أن الظروف قد تتبدّل عاجلًا أم آجلًا، وهو على قناعة بأن الحياة شهدت تحولات كثيرة. فبعد أن كان يملك منزلًا وعملًا وطاقة شمسية، بات منزله بالإيجار ومتطلبات الحياة تزداد، ومع ذلك يتمسّك قاسم بعبارة: 'بكرا منرجع نعمر ضيعنا'.
فضّل قاسم البيع على الرصيف هربًا من نار الإيجارات الكاوية، قائلاً: 'الإيجارات تعني القضاء على العمل، وما أنتجه يذهب لها، لذا البيع على البسطة أفضل بكثير'.
باتت بسطات الشارع فرصة ذهبية لشباب الجنوب، ينوّعون بضائعها حسب الموسم، ويوفّرون لأنفسهم فرص عمل عجزت مؤسسات الدولة عن تأمينها. فالوظيفة تحتاج إلى 'واسطة'، وكثيرون لا يملكونها، فكانت البسطات جزءًا من صناعة مستقبلهم.