اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٩ أيار ٢٠٢٥
طوت جونية صفحة الانتخابات البلدية والاختيارية بعد معارك طاحنة، وفيما يحتفل الفائزون وينكبّون على بدء العمل، يقرأ الخاسرون في الأرقام لاستخلاص العِبر. ومع هدوء الأوضاع وتراجع صخب المنافسة، يبقى مرفأ جونية وحده تحت الأضواء، صاخباً بورشة عمل تهدف لإعادة تنشيطه كمرفق أساسي في المنطقة.
وفي إطار التحركات الإيجابية التي تشهدها بعض القطاعات، يبرز مشروع النقل البحري بين جونية وقبرص كمبادرة واعدة تم التحضير لها منذ فترة، ويبدو أنها تسلك طريقاً جدياً نحو التنفيذ.
ووفق معلومات خاصة بـ ”نداء الوطن”، فقد قام السيد بيار عقل، رئيس سلاسل الإمداد في مجموعة INDEVCO ورئيس International Maritime Academy (IMA)، بزيارة رسمية إلى قبرص موفداً هو والأستاذ روجيه طانيوس، رئيس القسم القانوني في INDEVCO، من رئيس حركة وطن الإنسان النائب نعمة افرام. وهناك، التقيا وزير النقل القبرصي أليكسيس فافاديس، حيث جرى عرض مشروع الرحلات البحرية بين لبنان وقبرص انطلاقاً من مرفأ جونية، في إطار تعاون مدني مدعوم من مستثمرين لبنانيين. وقد لقي الطرح انفتاحاً ملحوظاً من الجانب القبرصي.
وللمرة الأولى، يحظى هذا المشروع أيضاً بدعم مباشر من وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية، التي أبدت استعدادها الكامل لمواكبة الأعمال اللوجستية والتنظيمية اللازمة، بما يشمل التنسيق مع الجمارك والأمن العام والجهات المينائية المختصة، تأكيداً منها على أهمية المشروع في تنشيط النقل البحري والسياحة المستدامة، ودعمه ضمن رؤية النقل الوطني.
ويُعتبر دعم الوزارتين اللبنانية والقبرصية عنصراً مفصلياً في تحريك المشروع وفتح آفاقه بشكل عملي، ما يعزز فرص جذب مزيد من الرعاة والمستثمرين في المرحلة المقبلة.
وبالفعل، بدأت أعمال صيانة وتحضير مرفأ جونية، ويقول عقل لـ ”نداء الوطن” إنّ العمل جارٍ بسرعة وجدية، على أمل أن تسمح الوتيرة الحالية بإطلاق الرحلات خلال شهر حزيران المقبل، من دون الدخول في مواعيد نهائية أو التزامات حاسمة في الوقت الراهن.
وأشار إلى أنّ البحث عن السفن المناسبة لهذا النوع من الخطوط قد بدأ منذ مدة، وهناك خيارات تبدو ملائمة من حيث القدرة التشغيلية والراحة للمسافرين.
أما على صعيد الرحلات، فالمعطيات الأولية تشير إلى أن كلّ رحلة ستستغرق حوالى أربع ساعات بين جونية وقبرص، مع إمكانية إطلاق ثلاث رحلات أسبوعياً في المرحلة الأولى، وذلك تبعاً للطلب وحجم الإقبال. كما يمكن إضافة ساعة إضافية إلى الرحلة لجعلها أكثر استرخاءً ومتعة، بحيث يتحوّل التنقل إلى تجربة سياحية بحدّ ذاتها، تُمكّن الركّاب من الاستمتاع بالمناظر البحرية والخدمات المرافقة على متن السفينة.
وبالنسبة للأسعار، فمن المتوقع أن تتراوح بين 150 و200 دولار أميركي، على أن تكون أقل من كلفة تذاكر الطيران بنسبة تتراوح بين 15 % إلى 30 %، وذلك بحسب كلفة الوقود وتوازن التشغيل.
وسيتمكن المسافرون من حجز التذاكر مسبقاً عبر مراكز بيع أو من خلال الإنترنت، بما يتماشى مع المعايير الحديثة.
ويضيف عقل أنّ كلّ سفينة ستكون قادرة على نقل ما بين 175 و200 راكب، ويرى في هذا المشروع فرصة لتقديم بديل صديق للبيئة مقارنة بوسائل النقل الأخرى، خصوصاً في إطار فكرة “الميناء الأخضر” التي تسعى لتقليل التلوث الناتج عن السفر، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.
ويؤكد أن هذا المشروع لا يندرج فقط ضمن أهداف اقتصادية أو سياحية، بل يُشكّل جزءاً من الالتزام الاجتماعي لقسم سلاسل الإمداد في INDEVCO (ISC)، ويأتي منسجماً مع رؤية الرئيس التنفيذي للمجموعة، النائب نعمة افرام، في دعم مبادرات الاستدامة والتنمية المتوازنة بين لبنان والمنطقة.
وتأتي هذه التطورات في ظل ترقّب لموسم سياحي نشِط هذا الصيف في لبنان، وفي وقت يُبذل فيه جهد فعلي في عدد من القطاعات لإعادة تنشيط البلد. وبغضّ النظر عن النتائج الفورية، فإنّ إطلاق هذا الخط البحري يُعدّ خطوة تأسيسية مهمّة يمكن أن تتوسع لاحقاً نحو خطوط داخلية كجونية – بيروت، ما يفتح الباب لتحسين نوعية النقل العام في لبنان بشكل تدريجي ومدروس.