اخبار لبنان
موقع كل يوم -قناة المنار
نشر بتاريخ: ١١ أيار ٢٠٢٥
تتواصل في محافظتَي الشمال وعكار الانتخاباتُ البلدية والاختيارية وسط منافسة متفاوتة، تجمع بين الطابعين السياسي والعائلي، ولا سيما في المدن الكبرى مثل البترون وطرابلس والكورة. وسجّلت طرابلس أدنى نسبة اقتراع حتى الساعة، رغم وجود 6 لوائح مكتملة تتنافس على عضوية مجلسها البلدي.
وأعلنت وزارة الداخلية تسجيل أكثر من 390 إشكالًا، بين إداري وأمني، في محافظتَي الشمال وعكار، جرى التبليغ عنها خلال سير العملية الانتخابية.
البترون: أعلى نسب الاقتراع شمالًا ومعركة بلدية بطابع سياسي في القرى الجردية
تُعدّ الأجواء الانتخابية في قضاء البترون من بين الأكثر حماسةً وإثارةً في استحقاق هذا العام، نظرًا لتركيبته السياسية وتعدّد التحالفات فيه، ولا سيما في القرى الجبلية والجردية التي تشهد تنافسًا حادًّا بين الأحزاب التقليدية.
في جولة شملت عددًا من البلدات البترونية خارج مدينة البترون، تبيّن أن النسبة الأكبر من المشاركة تأتي من تلك القرى، لا من المدينة التي لها خصوصية مختلفة على مستوى التحالفات. وقد سجّلت البلدات الجردية مشاركة ناشطة، وسط تعبئة كبيرة من الماكينات الانتخابية لرفع نسبة الاقتراع.
ويُسجَّل في هذه البلدات تنافسٌ بين لوائح مدعومة من التيار الوطني الحر من جهة، وبين لوائح مدعومة من القوات اللبنانية، والكتائب، وحزب الكتلة الوطنية، وبعض القوى المستقلة من جهة أخرى. ويدور هذا التنافس على خلفية حسابات تتعلّق باتحاد البلديات وتأثيره في التوازنات السياسية المحلية. وتحولت المواجهة البلدية في بعض البلدات إلى ما يشبه مواجهة سياسية غير مباشرة بين القوى المسيحية الأساسية.
وعلى مستوى القضاء ككل، تُعدّ البترون حاليًا من الأعلى نسبة مشاركة في محافظات الشمال، حيث تخطّت النسبة عتبة الـ40%، بحسب مصادر وزارة الداخلية، ويُتوقّع أن ترتفع أكثر مع اقتراب موعد الإقفال، ما يعكس دينامية انتخابية لافتة.
أما في مدينة البترون، فقد شهدت مفارقة لافتة: تحالف انتخابي غير مسبوق ضم التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، الكتائب، وتيار المردة، تحت لائحة موحّدة حملت عنوان 'كلّنا للبترون'. وقد أكّد الوزير جبران باسيل خلال اقتراعه في المدينة هذا التفاهم، مشيرًا إلى أنه يأتي في إطار تعزيز التمثيل البلدي من دون إقصاء أي طرف. وتشير المعطيات إلى أن اللائحة الأخرى في المدينة غير مكتملة، ما يجعل النتيجة شبه محسومة لصالح اللائحة المدعومة من هذه القوى.
في المقابل، شهدت بعض البلدات الصغيرة في البترون انتخابات اختيارية فقط بعد حسم المجالس البلدية بالتزكية، كما في بلدة رشكيدا، حيث اقتصرت العملية على انتخاب مختار وحيد. ورغم ذلك، وُجدت عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي والدرك، ما يعكس احترام الآليات الديمقراطية حتى في أصغر المحطات الانتخابية.
ويُجمع المراقبون على أن الانتخابات في البترون تعكس مشهدًا سياسيًا مركّبًا، تختلط فيه الحسابات الإنمائية بالمواجهات السياسية على مستوى القضاء، وسط إقبال شعبي متزايد وحضور تنظيمي كثيف.
المنية – الضنية: تنافس حاد في معركة انتخابية بطابع عائلي ودعم سياسي واضح
يتواصل الاستحقاق البلدي والاختياري في قضاء المنية – الضنية، الذي يضم 36 بلدة، حيث فازت 13 بلدة بالتزكية، فيما تتّجه الأنظار إلى باقي البلدات التي تشهد تنافسًا فعليًا بين لوائح مكتملة.
في مدينة المنية تحديدًا، التي تضم أكثر من 39 ألف ناخب مدعوّين لاختيار مجلس بلدي مؤلّف من 21 عضوًا، سُجّلت نسبة اقتراع حتى ساعات ما بعد الظهر بنحو 31%، وهي نسبة تُعدّ متدنية مقارنة بالانتخابات السابقة التي تخطّت فيها النسبة حاجز الـ60%. ويُعزى هذا التراجع إلى عوامل اجتماعية، أبرزها التداخل العشائري والعائلي، رغم الحماسة المتجددة مع ازدياد حركة الناخبين تدريجيًا.
السباق البلدي في المنية يدور بين لائحتين مكتملتين: الأولى مدعومة من رئيس 'المركز الوطني' كمال الخير، والنائب السابق كاظم الخير، والثانية مدعومة من النائب أحمد الخير، وتحظى أيضًا بدعم مناصري 'تيار المستقبل'.
ويطغى الطابع العائلي على المعركة، إلا أن الحضور السياسي واضح في الكواليس والدعم. وقد أكّد عدد من الأهالي أن 'المعركة، رغم كونها ذات طابع إنمائي، لا تخلو من الحسابات السياسية والرمزية بين أقطاب المنطقة'.
وفي مداخلات مع عدد من الناخبين، أشار البعض إلى أن حماسة الاقتراع بدأت تتصاعد بعد الظهر، حيث يُتوقّع أن تصل نسبة الاقتراع إلى نحو 50% بحلول الساعة السادسة مساءً، خصوصًا بعد انتهاء وقت الاستراحة وانصراف المواطنين إلى صناديق الاقتراع.
وأكد عدد من المشاركين في العملية الانتخابية أن 'التنافس يجري بروح رياضية'، رغم شراسته بين اللوائح، مشددين على أهمية الحفاظ على الاستقرار والتعاضد الاجتماعي بعد انتهاء الانتخابات، أياً تكن النتائج.
أما في ما يتعلّق بالانتخابات الاختيارية، فقد لوحظ نشاط ملحوظ، حيث يركّز بعض الناخبين أصواتهم على المقاعد الاختيارية أكثر من البلدية، لأسباب ترتبط بتوازنات محلية دقيقة.
الكورة: مشاركة كثيفة وتطلعات شبابية للتغيير
في قضاء الكورة، وتحديدًا في بلدة داربعشتار ذات الأغلبية المارونية، يُسجَّل حضور انتخابي كثيف، حيث اقترع نحو 700 ناخب من أصل 1500 مسجّلين على لوائح الشطب، مع توقّعات بارتفاع النسبة في الساعات الأخيرة من النهار.
وتفاوتت نسب المشاركة بين بلدات القضاء، إلا أن الرسالة الأبرز تمثّلت في التطلعات الشعبية نحو تغيير حقيقي، تجلّى في ترشّح عدد من الشباب إلى المجالس البلدية.
وفي حديث مع أحد الناخبين، أعرب عن استيائه من غياب التوافق في البلدة، معتبرًا أن 'تزكية مجلس بلدي موحد كانت لتشكّل مصلحة عامة'. وأشاد بالدور المرتقب للشباب في قيادة المجالس الجديدة، خاصة في ظل التحديات الإنمائية التي تواجه البلدات.
ويُختصر المشهد في الكورة، كما في غيرها من الأقضية الشمالية، بتجاذب بين الإرث السياسي والعائلي من جهة، وتوق المواطنين، ولا سيما الشباب، إلى تمثيل يضع الشأن المحلي والإنمائي في الأولوية.
زغرتا: معركة محسومة ولكن بأبعاد سياسية وحسابات إنمائية
في قضاء زغرتا، تتركّز المنافسة في بعض بلدات القضاء بين لوائح مدعومة من 'تيار المردة' وحلفائه من جهة، ومن جهة أخرى لوائح مدعومة من حزب 'القوات اللبنانية'، 'حركة الاستقلال'، و'حزب الكتائب'. ويظهر هذا التنافس السياسي بوضوح في بلدة رشعين، حيث تتنافس لائحتان على مقاعد المجلس البلدي المؤلف من 15 عضوًا، في حين تسود الحسابات العائلية في بلدات أخرى مثل مرياطة.
أما في بلدية زغرتا، حيث يُنتخب مجلس من 21 عضوًا، فتبدو المعركة محسومة لصالح 'تيار المردة'، وفق ما أعلنه النائب طوني فرنجية، غير أن التيار يصرّ على ضرورة الحضور الكثيف في صناديق الاقتراع لتسجيل دعم شعبي وازن.
وتحضر في خلفية المشهد الانتخابي تساؤلات حول إمكانية ترجمة بعض التحالفات البلدية، ولا سيما بين 'المردة' و'التيار الوطني الحر'، إلى تفاهمات نيابية مستقبلية، إلا أن المعنيين يؤكدون على الفصل بين المحطتين، مع التركيز على البعد الإنمائي في هذا الاستحقاق.
وفي حديث مع أحد الناخبين المغتربين العائدين خصيصًا للمشاركة في الانتخابات، أشار إلى أن الدافع الأساسي وراء عودته هو 'الواجب الوطني'. ويعكس المشهد العام في زغرتا أجواء انتخابية يغلب عليها الطابع الإنمائي، وسط متابعة دقيقة لتفاصيل المنافسة في البلدات التي تتراوح مجالسها بين 9 و21 عضوًا.
عكار: مشاركة متفاوتة وشكاوى إدارية… والمعركة بطابع عائلي
سجّلت الساعات الأولى من صباح اليوم في قضاء عكار ازدحامًا ملحوظًا أمام مراكز الاقتراع، سرعان ما خفّ زخمها بين الثانية والثالثة من بعد الظهر، قبل أن تعاود وتيرة الإقبال ارتفاعها تدريجيًا مع تقدم النهار.
في بلدة رحبة، تترقّب الماكينات الانتخابية للتيار الوطني الحر زيارة الوزير جبران باسيل المرتقبة قرابة الخامسة مساءً، في جولة تشمل مناطق عدة في عكار، على وقع حركة انتخابية متنامية. وتشير المعطيات إلى أن نسبة الاقتراع مرشحة للارتفاع، في ظل التحسّن الملموس في الحركة أمام مراكز الاقتراع.
ورغم هذا النشاط، فإن عددًا كبيرًا من الشكاوى الإدارية طُرح، خاصة داخل أقلام الاقتراع، إذ سُجّل حتى الآن أكثر من 256 شكوى رسمية في القضاء، وسط ترجيحات بأن الرقم الفعلي أعلى بكثير. وأشارت مصادر إلى أن رؤساء الأقلام اعتمدوا على أرقام الهويات في لوائح الشطب لتسريع العملية الانتخابية وتسهيلها، في ظل ضغط الأعداد المتوافدة.
كما سُجّلت بعض الإشكالات في بلدات مثل البيرة ومخعون، إضافة إلى مناطق في المنية – الضنية، إلا أن القوى الأمنية تدخّلت سريعًا وأعادت فتح مراكز الاقتراع، لتعود الأمور إلى مجراها الطبيعي.
ويُشار إلى أن الواقع الإنمائي في عكار لا يزال يشكّل هاجسًا أساسيًا لدى الأهالي. فخلال جولات شملت مناطق تمتد من بلدة البيرة حتى الحدود اللبنانية – السورية، لُوحظ غياب البنى التحتية، بما في ذلك الطرقات غير المعبّدة، ما أعاد إلى الواجهة مطالب الأهالي بضرورة أن تضطلع المجالس البلدية المقبلة بمسؤولية إنمائية جدية، رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة.
أما على مستوى المعركة الانتخابية، فهي عائلية بامتياز. أكثر من 70% من اللوائح المشكّلة في قضاء عكار تتسم بالطابع العائلي، في ظل حياد نسبي للأحزاب السياسية التقليدية، التي اكتفت بالوقوف على مسافة واحدة من مختلف القوى، تاركةً الساحة مفتوحة أمام تنافس محلي بعيدًا عن الاصطفافات السياسية المباشرة.
وتُطرح تساؤلات حول ما إذا كانت نسبة الاقتراع في عكار ستتجاوز 45%، أو تعادل ما سُجّل في الانتخابات البلدية الماضية قبل تسع سنوات، حين بلغت النسبة 49%. كما أن غياب تيار المستقبل عن الاستحقاق الحالي ترك أثرًا ملموسًا، إذ غابت الماكينات التقليدية التي كانت تحرّك جمهورًا واسعًا، ما أدى إلى إحجام بعض الناخبين عن المشاركة.
ورغم هذه التحديات، يبقى الطابع السلمي والديمقراطي هو السائد في هذا الاستحقاق، بحسب ما أكّد عدد من الأهالي خلال لقاءات ميدانية، مشدّدين على أهمية استمرار هذا النهج لضمان تمثيل محلي يعكس تطلعاتهم.
رئيس الجمهورية يُشرف على العملية الانتخابية في الشمال… وترتيبات أمنية مشددة لضمان سلامتها
وفي وقت سابق اليوم، انطلقت الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتَي الشمال وعكار بسلاسة، وسط ترتيبات أمنية مشددة وتنسيق ميداني بين الوزارات والأجهزة المعنية.
وأشرف رئيس الجمهورية جوزاف عون على حسن سير العملية الانتخابية من غرفة العمليات المركزية في مقر قوى الأمن الداخلي، بحضور وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار. وخلال جولته التفقدية، أعرب الرئيس عون عن أمله في أن تتجاوز نسبة الاقتراع في الشمال وعكار تلك التي سُجّلت في جبل لبنان، مشددًا على أن نجاح هذا الاستحقاق يعكس التزام لبنان بمساراته الدستورية، ويمنح المجتمع الدولي مؤشراً إيجابيًا على استقرار مؤسساته.
وفي السياق ذاته، زار وزير الدفاع الوطني ميشال منسى وزارة الداخلية، حيث التقى الوزير الحجار في إطار التنسيق بين الوزارتين لتأمين حماية مراكز الاقتراع وسلامة الناخبين.
وكان وزير الداخلية قد أطلق صباحاً العملية الانتخابية في أقلام الاقتراع كافة في الشمال وعكار، مشيرًا في كلمة له إلى تسجيل بعض النواقص الإدارية البسيطة التي جرى تداركها سريعًا، مؤكداً في الوقت نفسه أهمية أن تُقدّم هذه الانتخابات صورة مشرقة عن لبنان أمام الداخل والخارج.
المصدر: موقع المنار