اخبار لبنان
موقع كل يوم -صحيفة الجمهورية
نشر بتاريخ: ٢ حزيران ٢٠٢٥
يستقبل لبنان اليوم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في زيارة يُتوقع أن تعكس في طياتها بعض المعطيات عمّا آلت إليه المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية الجارية برعاية سلطنة عمان، في ظل توقعات بتوصلها إلى اتفاق قريبا. فيما يُنتظر أن يستقبل الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس أواخر الأسبوع على الأرجح، في زيارة قد تكون الأخيرة لها للبنان قبل انتقالها إلى موقع آخر في الإدارة الأميركية.
قالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، إنّ لبنان سيكون في دائرة الاستقطاب الإيراني - الأميركي المباشر، لافتةً إلى أنّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يزور بيروت اليوم، بينما من المتوقع أن تزورها الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس قريباً.
وأشارت هذه الأوساط إلى أنّ هاتين الزيارتين تكتسبان دلالات سياسية مهمّة في هذا التوقيت، وهما تعكسان طبيعة المرحلة التي يمرّ فيها لبنان وسط التجاذب بين خيارات متعارضة. ولفتت إلى أنّ المسار الذي ستتخذه المفاوضات الإيرانية ـ الأميركية سينعكس حتماً على لبنان في شكل او بآخر، فإذا اتفقا تصبح البيئة الإقليمية - الدولية المحيطة بالبلد ملائمة لمزيد من الانفراجات والاستقرار، واذا اختلفا تغدو تأثيرات تلك البيئة سلبية.
وتوقفت الأوساط نفسها عند احتمال مغادرة أورتاغوس منصبها قريباً، معتبرةً أنّ أي بديل منها سيكون بالتأكيد أفضل منها في ما خصّ الملف اللبناني، بعدما ظهرت نافرة ديبلوماسياً في التعاطي معه، وإن تكن السياسات العامة لا يرسمها الأشخاص بل الرئيس الأميركي وإدارته، ولكن يبقى انّ للشخص بصمته التي قد تسهّل الامور او تعقّدها.
تغييرات أميركية
وكانت «القناة 14» الإسرائيلية القريبة من رئيس الوزراء الإسرائيلي ينيامين نتنياهو أفادت أمس، أنّ أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف والمسؤولة عن «حقيبة لبنان» في إدارة الرئيس دونالد ترامب، ستُغادر منصبها قريباً.
ووصفت القناة هذه الخطوة بأنّها «ليست خبراً جيداً لإسرائيل»، نظراً إلى الدور الذي أدّته أورتاغوس في دعم جهود نزع سلاح «حزب الله».
وفي موازاة مغادرة أورتاغوس، كشفت القناة الإسرائيلية عن طرد ميرف سارين، وهي أميركية من أصل إسرائيلي كانت تتولّى مسؤولية «ملف إيران»، إلى جانب إريك تراجر الذي أشرف على ملفات «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» داخل مجلس الأمن القومي الأميركي. وكان الاثنان يُعدّان من أبرز الداعمين لـ«إسرائيل» في الإدارة الحالية.
وأوضحت القناة أنّ تعيين سارين وتراجر تمّ في عهد مستشار الأمن القومي السابق مايك والتز، قبل أن يُقيله ماركو روبيو، الذي يشغل حاليًا منصب وزير الخارجية، ويتولّى موقتًا مسؤولية الأمن القومي بعد مغادرة والتز لتولّي منصب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة.
وأشارت إلى أنّ هذه الإقالات ليست مرتبطة بمواقف الشخصين، بل تأتي في سياق نهج ترامب القائم على إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي، وتحديدًا تقليص نفوذه لمصلحة إدارة السياسة الخارجية من قبل مجموعة ضيّقة من المقرّبين. ولهذا السبب، لا يشغل المنصب حالياً مستشار رسمي للأمن القومي، بل يديره روبيو بصفة موقتة.
عون في العراق
من جهة ثانية، تصدّرت الاهتمامات الداخلية أمس زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الرسمية لبغداد، التي كان توجّه اليها صباحاً ليعود منها بعد الظهر، بعدما التقى نظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، وكان تأكيد على استمرار الدعم العراقي للبنان، وترحيب بانتظام العمل بالدولة ومؤسساتها في لبنان بعد انتخاب رئيس الجمهورية.
واكّد عون خلال محادثاته مع المسؤولين العراقيين، «انّ اللبنانيين لن ينسوا دعم العراق والعراقيين لهم في مختلف الظروف، وخصوصاً خلال الحرب الأخيرة التي عاشها لبنان». وأشار إلى وجود كثير من المشاريع المشتركة بين البلدين، والتي تعود بالنفع عليهما معاً، لافتاً إلى كثرة التحدّيات، لا سيما موضوع الإرهاب، والذي يلقى عناية كبيرة من الجانبين. واعتبر «انّ ما يجري في غزة أمر غير مقبول، وعلى المجتمع الدولي التحرك فوراً للتصدّي للحالات غير الإنسانية التي تسود في غزة، وهي مسؤولية تقع على عاتق هذا المجتمع».
ومن جهته، أبدى الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ارتياحه لما شهدته الأوضاع اللبنانية من تحسن في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى انّ هذا الشعور يخالج العراقيين جميعاً. وأكّد الاستعداد للتعاون في المجالات كافة، متمنياً النجاح للبنان في ظل قيادة الرئيس عون وفي ضوء التطورات الإيجابية التي يشهدها البلد، مؤكّداً وقوف العراق إلى جانب لبنان.
مواقف الرئيسين عون ورشيد جاءت خلال القمة اللبنانية- العراقية التي عُقدت في القصر الرئاسي العراقي (قصر بغداد) في العاصمة العراقية.
وكان الرئيس عون استهلّ زيارته الرسمية إلى العراق، بلقاء نظيره العراقي وعقد لقاء قمة استغرق نحو 30 دقيقة، تمّ خلاله عرض الأوضاع العامة في المنطقة، والجهود التي يبذلها البلدان لتعزيز الاستقرار والأمن في ربوعهما.
وتوقف عون خلال جلسة المحادثات الموسعة عند الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على لبنان، واستمرار الإسرائيليين في احتلال النقاط الخمس داخل الأراضي اللبنانية، وعدم الانسحاب منها، والامتناع عن تسليم الأسرى، وهي كلها أمور تقوّض جهود السلام واستكمال انتشار الجيش اللبناني تنفيذاً للقرار الدولي 1701، الذي التزم به لبنان. ثم تطرّق الحديث إلى العلاقات مع سوريا، حيث اكّد الرئيس عون على أنّ التنسيق قائم بين الجانبين على الصعيد الأمني، لضبط الحدود وتفادي نشوء إشكالات جديدة كالتي حصلت في الفترة الأخيرة، وتعزيز التعاون الأمني في هذا المجال بين البلدين لما فيه مصلحتهما معاً.
وانتقل عون إلى مقر رئاسة الحكومة العراقية، حيث التقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وأكّد عون أنّ «اللبنانيين يحفظون بامتنان المبادرات العراقية لمساعدتهم، في لائحة يطول تعدادها، خصوصاً في الأزمة الأخيرة التي مرّ فيها نتيجة الحرب الإسرائيلية عليه». ولفت إلى «وجوب تعزيز التعاون بين مختلف الإدارات العراقية واللبنانية، وإلى أهمية التعاون بين الجيشين العراقي واللبناني».
وشدّد عون على «وجوب التعاون لدعم لقضية الفلسطينية في المحافل الإقليمية والدولية وحل الدولتين، وفقاً للمبادرة العربية التي أقّرتها قمة بيروت 2002، وضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية». وقال: «نحن بحاجةٍ ماسةٍ إلى قيامِ نظامِ المصلحة العربية المشتركة... نظامٌ قائمٌ على تبادلِ المصالحِ المشتركة بين بلدانِنا وشعوبِنا... وتنميتِها ومضاعفتِها ... نظامٌ عربيٌ مُمأسسٌ ومُقَوْننٌ في إطارِ اتفاقياتٍ ثنائيةٍ ومشتركة... بما يتبلورُ تدريجياً وبثبات، سوقاً عربيةً مشتركة ... تنظّمُ التعاونَ بين اقتصاداتِنا الوطنية كافة... في انتقالِ الأشخاصِ والسلعِ والخدماتِ على أنواعها... وكما قلتُ في القاهرة أكرّرُ من بغداد... قد نبدأُ من مجالٍ واحدٍ، أو بين بلدين اثنين فقط... ثم نتوسّع... هكذا قامت اتحاداتُ المصالحِ الاقتصادية في عالمِنا المعاصر... وقد آنَ الأوانُ لنا، لنحيا أحراراً كِراماً، في هذا العالم». وتابع: «بهذه الرؤية، نحققُ خيرَ شعوبِنا وبلدانِنا. وبهذه الرؤية، نرى فلسطينَ دولةً مستقلة ضمن سلامٍ عادلٍ شاملٍ لمنطقتِنا، وهو ما نتطلّعُ إلى خطواتِه العملية، عبر المؤتمرِ الذي دعت إليه كلٌ من الشقيقة، المملكلة العربية السعودية، والصديقة فرنسا، هذا الشهر في نيويورك، والذي نؤكّدُ اهتمامَنا به، ومتابعتَنا لتحضيراتِه ومجرياتِه ونتائجِه المرجوة. وبهذه الرؤية، نستعيدُ حقوقَ كلِ بلدٍ من بلادِنا. فلا نكتفي بإدانةِ واجبةٍ، لاعتداءاتِ اسرائيلَ على لبنان، وعلى سوريا، وتأكيدِ رفضِنا ما يُرتكبُ بحقِ المدنيين في غزة».
ووجّه عون دعوة للسوداني لزيارة لبنان، مركّزاً على «تعويل اللبنانيين على رؤية أشقائهم العراقيين في الربوع اللبنانية للترحيب بهم».
نهج العراق
من جهته، اقترح السوداني تشكيل لجنة مشتركة للتبادل التجاري وأخرى للتنسيق السياسي والأمني بين البلدين، لما يعود بالمنفعة عليهما، وهو ما ايّده الرئيس عون. وشدّد السوداني على عمق العلاقات بين البلدين وعلى استعداد العراق الدائم لمساعدة لبنان في المجالات كافة، والرغبة في تطوير وتعزيز هذه العلاقات.
وقال: «أكّدنا في قمة بغداد نهج العراق الساعي إلى تأييد كل ما من شأنه وقف العدوان، وحماية الشعبين اللبناني والفلسطيني. وقد طرح العراق مبادرة الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار ما بعد الأزمات والصراع، وهي مبادرة حظيت بتأييد عربي ونعوّل عليها لإنجاز الكثير، خصوصاً خلال فترة رئاستنا للقمة العربية.
تقدّم العراق بدعم اوليّ بقيمة 20 مليون دولار لإعمار لبنان، ومستعدون للعمل وفق الآليات المناسبة لتفعيل واستكمال هذا المسار لمصلحة لبنان، وسنواصل مساعينا انطلاقاً من مسوؤلياتنا خصوصاً هذا العام الذي يتولّى فيه العراق رئاسة مجلس جامعة الدول العربية».
اتصال بالسيستاني
بعد انتهاء اللقاء بينه وبين السوداني، اتصل عون وهو في طريقه إلى المطار، بالسيد محمد رضا السيستاني نجل المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، مطمئناً إلى صحة والده، ومتمنياً له الشفاء العاجل، آملاً ان يتسنى له زيارته في فرصة لاحقة.
وشكر السيستاني لعون مبادرته متمنياً له «دوام التوفيق في مسؤولياته الوطنية».
مواقف
وعلى صعيد المواقف الداخلية، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من بكركي أمس «آن الأوان لأن يوحّد السياسيّون كلمتهم في الشأن العام، في مجتمع متعدّد الثقافات والأديان والأحزاب. على سبيل المثال، نتائج الانتخابات البلديّة والاختيارية، كان ينبغي أن تكون مدّ يد التعاون إلى الخاسرين ديموقراطيًّا، لا مظاهر ربح ورقص وأسهم ناريّة. فهذه تزيد من التشنّج في البلدة الواحدة بين أهلها، وتولّد النزاعات، وتجرح الوحدة، وتخلق العداوة. فالمحبّة توحي وتعلّم عكس ذلك».
ومن جهته أشار الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في تصريح له، إلى «انّ القرارات المتسرّعة قد تعيد البلاد إلى دوامة نحن بغنى عنها، لذا افضل الإصلاح الجدّي والمدروس».
ولاحظ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أنّ «لبنان الغارق بالأزمات العميقة يعاني من فريق غير قادر على إدارتها، فالحكومة اللبنانية بلا أولويات اقتصادية أو مالية، وفريقها فاشل يعيد إغراق البلد بعقدة الأزمات الهيكلية المتراكمة». واعتبر أنّ «وعود الحكومة بالإنقاذ الاقتصادي تحترق بقرار رفع أسعار المحروقات الذي يفاقم الأزمات ويزيد من أعباء السقوط العمودي للاقتصاد الهش.
وأكّد أنّ الحكومة «تفاجئ المواطنين بقرارات ارتجالية تضرب بنية الأمل بالإنعاش الاقتصادي، وتُلحق الضرر المباشر بقطاعات حيوية كالصناعة والزراعة، وتُصيب الطبقة الفقيرة في الصميم». ووصفها بأنّها «بلا رؤية، تتخبّط بقرارات لا تراعي أولويات البلد، وتلعب بنار المحروقات، والإغراق المالي، والفشل السياسي، إضافة إلى التزامات دولية فادحة تكاد تحرق ما تبقّى من لبنان».